#صدى الأرواح
Explore tagged Tumblr posts
Text
من هو الشخص الطبيعي ؟
ما المقياس الذي يتوجب اتباعه ؟
هل نستطيع أن نصنف البشر على مقياس موضوع من قبل بشر آخرين ؟
أدرك في أعماق نفسي أن الإنسان بحر عميق الأغوار و أن كلمة طبيعي كلمة واسعة و مطاطة جداً إلى درجة أنها من الممكن أن تشمل البشر جميعاً على نحوٍ ما كلنا طبيعيون بشكل من الأشكال ، و كلنا مرضى بشكل من الأشكال .
دارت هذه الجملة في ذهني ببطء، دارت كدوّامة صغيرة لم تكتسب قوتها بعد و لكنها تدور،مستمرة في الدوران،الدنيا تدور،وكل شئ يدور،الحياة دائره مع أن فيها زوايا حادة إلى درجة قدرتها على الهتك و الجرح و الإيذاء، ولكنها تبقي دائرة. في النهاية هي دائرة، سننتهي من حيث بدأنا البكاء و الظلمة.
3 notes
·
View notes
Text
في ذاك الصباح المشؤوم، استيقظت جباليا على زئير الحرب الذي يعصف بكل شيء. الطائرات تحلق عالياً، تسكب جام غضبها على الأرض، تقذف بحممها الفتاكة المباني التي سرعان ما تنهار فوق رؤوس أهلها. كل زاوية من المخيم تبث دخاناً أسود يتصاعد ليخنق السماء، بينما ترتجف الأرض من وطأة القصف،ويزداد الكابوس وضوحاً
بعدها يتقدم رتل من الدبابات يعمي الأفق؛ و وزير الدفاع يقف مُمسكاً بعصا رفيعة يلقيها بنشاط الجزارين على نقاط خريطة "مخيم جباليا"،الآن الشريط العاجل يزداد احمراراً، والقتال يحتدم في عمق المخيم، هرتسي هاليفي يفقد صوابه فيأمر بتغير القوات للمرة الثالثة ؛ الأخبار تنقل صورته وكأنه يصرخ بهذه العبارات المجنونة، "كل حجر في المخيم بمثابة استشهادي، كل طفل فهو مقاتل، كل امرأة فهي نبوءة نصر!"، بينما هو يغرس أنيابه في البراءة والحياة نفسها.،ثلاثة عشر يومًا من الفوضى والرعب أوجدها ذلك المعتوه، وأثقل كاهل الأرض بويلات لا تُحصى
بدأ الجنود الإسرائيليون يمشون بخطى ثقيلة في شوارع المخيم، يدفعون بالمدنيين أمامهم كدروع بشرية ،ونحن نصرخ بصوت مليء بالألم ، "يا رب، أهذه السماء التي كانت ملاذًا للأحلام؟ كيف تمطر الآن شظايا الموت؟ كيف تغرس أنيابها في جسدنا؟" تتحول هذه الدعوات إلى همسات مكسورة تتلاشى بين دوي الانفجارات وصرخات الفزع
وفي قلب هذا الخراب؛ الرجال بأسلحتهم المتواضعة، تلك التي صنعت من الحاجة واليأس ،يطلقون الرصاص على العدو من بين أكوام الأنقاض التي كانت يومًا منازل وذكريات، يتحركون بخفة بين الظلال، يتسللون كأشباح الانتقام معتمدين على الهجمات المفاجئة وتلك الكمائن المدبرة بمكر، والعبوات الناسفة التي تنفجر في صمت اللحظات الأقل توقعًا.
هرتسي هاليفي، بعصبيته وشتائمه، لا يستطيع السيطرة على الوضع. الجنود مرهقون، الدبابات تتعطل، والطائرات تقلع وتهبط بلا نتيجة. المقاومة تبدو كأنها تنبع من الأرض نفسها، لا يمكن اقتلاعها.
اليوم العشرين كان مختلفاً الهجمات الإسرائيلية تتباطأ، الجنود يتراجعون، دانيال هاغاري المتحدث العسكري للعملية، وقف ليعلن بصوتٍ ثابت وملامح تكشف عن عمق الإحباط الذي يعتصره، نهاية العملية العسكرية ولم يعلن وقف الحرب ! . كان إعلانه خالياً من الانتصارات أو حتى الإنجازات الصغيرة؛ لقد انتهت العملية دون تحقيق أي من الأهداف الموضوعة في بدايتها.
بعد الاجتياح، تحوّلت الشوارع إلى سجلات مفتوحة لمأساة لا يستطيع الزمن إغلاقها. الأرض المشبعة بدماء الأبرياء وأشلاء الضحايا، والأطفال الذين خسروا مأواهم وعائلاتهم في لمح البصر، وفي هذه الفوضى العارمة تجد النساء الثكلى يقفن على أطلال ما كان يُعرف بمنازلهن. بأعين ذابلة وقلوب مثقلة ، ينظرن إلى الركام الذي يخفي بين طياته رفات الحياة، يبحثن بين الأنقاض، علّهن يجدن ما يمكن التعرف عليه من أحبائهن، سواء كانت أسنانًا أو قطعًا عظمية متناثرة، في محاولة يائسة تمامًا.
وفي ظلّ الظروف القاسية والمجزرة التي ارتكبتها إسرائيل، والتي سجلت كأفظع الفصول في التاريخ،أُجبرنا على تعلم رقصة الموت؛ رقصة يقودها الرصاص والقنابل، حيث كل خطوة تكون الأخيرة، وكل دوران ينتهي بانهمار الأرواح على التراب الملطخ بالدماء.
في الخاتمة، وبينما تتساقط الأرواح والآمال، يستمر صدى المعاناة في الارتفاع. المقاومة رغم الشجاعة والفداء، تجد نفسها وحيدة في ساحة المعركة، مكشوفة أمام عواصف الخيانات. ومع غروب الشمس، يبقى الناس يحتضنون الذكريات الأليمة، وينتظرون فجراً قد لا يأتي، حيث الحزن يمشي بينهم ككابوس لا ينتهي، والأمل يتلاشى في ظل الخذلان الذي لم يعد سرًّا بل قدرًا مريرًا.
25 notes
·
View notes
Text
في فوضى الوجود، حيث تتقاطع الرغبات وتتلاشى الحدود، يظهر الجسد كقيدٍ، لكنه أيضًا كعالم من الإمكانيات. الجسد هو الوعاء، ولكنه ليس الوحيد القادر على حمل الحب. إنه محدود، كما الكلمات، وكلما حاول التعبير عن أعماق الروح التي لا تُحصى، فعل ذلك من خلال شبكة من الغموض والجمال.
الروح، تلك الكينونة الغامضة، تتسلل عبر ثقوب الجسد، كأنها تسعى للهروب من قيود المادي، لكن الجسد يبقى هيكلاً يحمل الذكريات، الآلام، والأفراح. تتسع الروح، فتنطلق نحو الفضاء اللامتناهي، بينما يظل الجسد عالقًا في الزمن، ضيق الأفق.
وفي تلك الرغبات المتلاطمة، يرتسم الحب الجسدي كفعل روحي خالص، هو تمازج بين روحين، يتخطى حدود الملموس، حيث يصبح الجسد مرآة تعكس نور الروح وتلهب الجوانب الداخلية. إذن، ماذا لو كان الحب هو الكأس والخمر معًا؟ ماذا لو كان تلك الزجاجة الشفافة التي تحتضن جوهر الروح، لتجعل اللحظات تُكتب بلغة لا يفهمها إلا المحبون، لغة تتجاوز الكلمات والتعابير المرئية؟
في لحظات القرب، تشعر الروح بأنها امتدت إلى الآفاق، وكأنها على شواطئ بحر من العواطف. تصبح الأجساد أدواتٍ للتعبير عن التجارب الأعمق، لتتداخل الأرواح كما تتلاقى الألوان في لوحة فنية، تُظهر زوايا وجوه مختلفة، تُجسد تجارب حياة تعددت ولم تتكرر. لكن، مع كل عاصفةٍ من الشوق، يبقى الجسد محاطًا بحدود، مجموعة من القواعد التي قد تفتقر إلى التفسير.
وهكذا، يدخل الحب في اللعبة مع الحياة، كأنه رقصة بين علامتين: واحدة مادية وأخرى روحية. إنه يُعبر عن الوجود وكأننا نشارك في حوار أبدي لا ينتهي، يستمر في التطور، يختبر حدود الزمان والمكان، ويتجاوز كل ما هو عابر.
وفي النهاية، هل يمكن لواقع مادي أن يمحو ذلك الاتصال الروحي العميق؟ ربما يتلاشى الجسد، لكن الروح تبقى تتوهج، تتحدى الزمن، تُ��بت أن الحب ليس مجرد نداء للجسد، بل هو صدى لروح متى ما اتصلت، عالمها يتسع كما اتسعت مشاعرها. فليكن الحب تجربة تأملية، رحلة نحو اللامتناهي، حيث الجسد هو طريق للروح، لكن الروح هي الجوهرة الحقيقية في قلب الكأس.
9 notes
·
View notes
Text
فن التوازن بين العطاء والذات
في قلب الحياة، يتردد صدى كلمات جورج إليوت في "دانييل ديروندا" كتحذير رقيق ودرس عميق: "من الجيد أن تكون غير أناني وكريم؛ لكن لا تحمل ذلك بعيدًا." ففي عالم يُثني على الكرم ويُعلي من شأن الت��حية، يكمن الخطر في أن يتحول الإنسان إلى ظِل لنفسه، يذوب في نهر العطاء حتى يصبح مجرد نقطة تتلاشى في مجرى الآخرين.
العطاء، حين ينبع من القلب، نور يضيء الظلمات ويُغني الأرواح. إنه شريان الحياة الذي يربط بيننا كبشر، يجعل من الفرد جسرًا يعبر عليه الآخرون نحو الأمل والراحة. لكن، حين يصبح العطاء بلا حدود، يتحول إلى استنزاف، يهدد بتدمير ذات المعطي.
إليوت تهمس لنا بحكمة عميقة: الكرم جميل، لكن يجب أن يُقاس بميزان الحكمة. أن تُعطي دون أن تفقد نفسك هو الفن الحقيقي للحياة. يجب أن تكون العطاءات متوازنة، لا تجعل قلبك تجارةً مفتوحة للشحم، حيث يُستهلك دون عناية، بل اجعل منه منارة تُضيء بقدرٍ، دون أن تحترق.
الكرم الأعمى قد يؤدي إلى إفراغ الروح، إلى نسيان الذات في زحمة تقديم العون للآخرين. يجب أن يكون للإنسان حدود تُحترم، وأوقات يسترد فيها أنفاسه، يغذي فيها روحه كما يغذي أرواح الآخرين. العطاء الحقيقي يبدأ من الذات القوية، من القلب الذي يعرف قيمته ويُدرك أنه لن يستطيع أن يُنير طريق الآخرين إذا خفت وهجه.
لتكن حياتك لوحة متقنة، تمزج فيها بين العطاء للآخرين والوفاء لنفسك. ازرع البذور في حقول الآخرين، لكن لا تهمل حديقتك الداخلية، فلا يمكنك أن تسقي من نبع جفّ ماؤه. أن تكون كريمًا لا يعني أن تكون شهيدًا للآخرين، بل أن تكون نجمًا يضيء ويستمر في السطوع.
تعلم أن تقول "لا" عندما يستنزفك العطاء، فهي ليست أنانية، بل احترام لذاتك. اعرف متى تتوقف لتستعيد توازنك، لتعود أقوى وأقدر على العطاء. بهذا التوازن، تحقق المعجزة: أن تُغني حياة الآخرين دون أن تفقد جوهر نفسك
10 notes
·
View notes
Text
"فإن الإنسان لا يكون على حقيقته حقًا إلا عندما يكون وحيدًا"
| صدى الأرواح
67 notes
·
View notes
Text
الفراق حديثهُ الصمت ، حينَ يفيضُ بنا ، لسانُهُ الدموع ، لا ندري حقًّا أنبكي عليهم أم نبكي على أنفسنا بعدهم ، قلوبنا التي كانت مُلكاً لهم وباتت فارغة باهتة بغيابهم ، كأنها كانت متعلّقة بهم وحدهم ، وكأنّ الأرواح كانت متعلّقة بحبلٍ من الوِداد ، فانقطعَ فجأة وتمزّقت قطعة من أرواحنا ، فتَقيّدنا بالألم والحزن الذي لا يفارقنا وإن بدَونا عكسَ ذلك ، تغيب شمس الأحبة فيغدو الكون ظلام دامِس دونَ ألوان وملامح وصوت ، نسمع صدى أصواتهم ترِن في آذاننا ، نرى صور وجوههم في ملامح العابرين ، وأكثر ما يكوي قلوبنا نظراتهم الأخيرة لنا عندَ وداعنا ، لقد رحلوا وتركوا لنا ذكراهم تحيط بنا من كل جانب ، كأنهم يرسلوا لنا رسالة بألّا ننساهم ونتذكرهم دائماً ، كأنّهم يطلبون منّا أن نذكرهم في صلواتنا ودعائنا ، بأن لا نذَرهُم فُرادَى.. هم لا يعلمون أنّ كل نفَس نتنفّسهُ يُذكّرنا بهم ، وأنّ أطيافهم تحيط بنا من كل جانب ، هم لا يعلمون أننا نعيش على ذكراهم..رحلوا وتركوا في القلب ندبات لا يزول أثرها وإن توالت الأيام ومرّت السنون.. قلوبنا تبكي..وجفّت دموع أعيننا..ما أقسى أن نبحث عن مدامِعَنا فلا نجدها ..لا شيء يستطيع إطفاء جذوة الإشتياق ولهيب القلب المشتعِل..
25 notes
·
View notes
Text
"في أرجاء الوحدة تنبعث نسائم الوحشة وتتعالى أصداء الصمت العميق. تجوب الأرواح المنبوذة في ظلمات الوحدة، ترتشف همسات الصمت المؤلم في أعماقها. إنّ الوحدة تعبّر عن طريقة متجذرة في الروح، وهي الرحلة الشاقة التي يخوضها الإنسان في صحراء العزلة. في عتمة الوحدة تشدو آهات الغربة وتتداخل معزوفة الشوق والبعد. وفي أروقة الوحدة تتراقص الذكريات الباهتة والأحلام المكسورة، تجتاح العبورات الضائعة قلب الوحيد الذي يجافي الزمن والمكان. لكن في بيت الوحدة، تولد القوة الخفية وتنمو الأفكار العميقة. تتشكل صدى الصمت وتعبق الروح بعبق الانفصال. ففي وحدته يرقد الإنسان بين طيات الكون، يرسم أفق الصمت ويشدو لحن الشجن. إنّ الوحدة ليست ضياعًا، بل هي حوار جوهريّ بين الروح والكون، حيث ينساب الفكر ويستجمع الذات. في صحراء الوحدة، تترسخ الهوية وتتجلى أعماق الذات. إنّ الوحدة هي سفر الروح إلى أعماقها، لتكتشف أنّها ليست وحيدة، بل موحدة مع جميع الأرواح الشوقيّة والمنفتحة على الجمال والإنسانية."
"In the realms of loneliness, the breezes of solitude arise, and the echoes of deep silence resonate. Wandering souls traverse the darkness of isolation, sipping the whispers of painful silence within their depths. Loneliness expresses an inherent state of the soul, the arduous journey one undertakes in the desert of solitude. In the obscurity of loneliness, sighs of estrangement harmonize with melodies of longing and distance. Within the corridors of solitude, faded memories and shattered dreams dance, while lost passages invade the heart of the solitary one, who defies time and space. However, in the house of solitude, hidden
0 notes
Text
كل الأشياء موجودة مثلما هي ، الشوارع الأماكن المقاهي الأشخاص كل شيء كما كان بالأمس لكننا نحنُ لسنا هنا ، كل شيء ينقصُ منه أمر أشعُر بذلك في داخلي مع إنهُ يبدو ظاهرياً مكتمل وكل الغُرباء الذين لا تربطهم بكل ذلك شيء ما ينظرون للأشياء بنظرةٍ كاملة لا نقص ولا سوء بأي شيء.. لم نعدّ نحنُ نحن الذين كنّا نمرّ على الأماكن ونُضفي لها وهج الحياة ، لم تعدّ الحياة مضمارنا الخاص نتسابق فيه من الذي سيُعطي الأماكن بهجة أكثر من الأخر ، لم تعدّ تُسمع صدى ضحكاتنا العفوية في المقاهي والشوارع كل المارين فيها لا يكنون ذلك الحب الذي كنّا نغدقهُ لتلك الطُرقات من فرط مشاعرنا.. الحياةُ باقيه مستمرة لكننا نقف في نفس المكان والمشهد نرمق كل شيء يمرّ من خلالنا ونحنُ الذين عاهدنا أنفسنا بأن نمرّ بالحياة لا أن تمرّ هي بنا ، تُرى متى استوقفنا كل شيء وفضّلنا المضي بأرجلنا فقط تاركين الأرواح والأفئدة تقف في كل الأشياء التي هجرناها ولسبب ما أو لآخر لا نستطيعُ نسيانُها مهما تناسيّنا؟.
24 notes
·
View notes
Text
أيقظتني ليلة من الليالي في دواعي الهموم، إذ كنتُ أسعى لأمرٍ كنت أراه نقطة تحول في حياتي لكن قدراً جرى به القلم حوّل لذّتي إلى ألم و لم يشاء الله أن يُكتب لي
و بينما كنت استلقي على السرير أطلب النوم برفقٍ فيأبى مصاحبة جفوني تاركاً كل شيء أرعى السماء، طرأ تغيير ما على شاشة هاتفي، و أقبلت سروة البستان بظلها الظليل و سكن ما جاش بي من غليل، قالت حيا الله دارك ولا أبعد مزارك، قلت و قد عقد الهوى لساني حيا الله مصباح النواظر و راحت الأرواح و الخواطر، حدّثتها و أنا الذي أُضمره عند ما اُظهره كقطرة في بحر حِرصاً على أن لا يُرى بي كآبة فيُساء الحبيب، لكنها كانت وحدها من تعرف ما أَندَمِجُ عليه و ما يُكنّه قلبي الذي أصبح يضطرب إضطراب الورقة اليابسة في شجرها، قالت لي: "مالي أراك مُظلم الروح، و ما هذا الوجوم الذي اعترى قلبك و الهمّ الذي أراك به على إدراك"، فلما نظَرَتْ إليّ بقلبها على شعاع الروح و كان لا بُدّ من البوح، قلت لها:" يا سويداء قلبي إني مٌحدّثكِ حديثاً تمازجه العبارات و تقاطعه الزفرات، و سآتيكِ في رسائلي بالكلام الصحيح و الكلام المريض،لقد سرتُ في طرقات هذه الحياة البائسة مبتهج الجسم مظلم الروح، كان كل شيءٍ يعمل على أنْ يقنعني أنّ الرياح تجري كما تشتهي سفينتي، لم أفكر يوماً بأن الأشياء قد تفلت من نظري، خطوتُ عبر ضباب كثيف كنتُ أظنّه شفافاً، أشدّ ما كان يربض على صدري أني لم أفهم هذا العالم الذي كان يقذفني و اكتفيت بتحريك الأفكار برأسي حتى انتهيت الى لا معنى الحقيقة، إن هذه الأيام حادة كسُلّم نُصبت لي درجاتها من سيوف مسنونة، لا راحة في الصعود ولا في الوقوف ولا في النزول، وجدتُ نفسي جالساً هناك على قارعة الطريق في ضوء مصباح خافت بحاجة الى من يلازمني و يعني بي و بقلبي، قلبي الذي أصبح جهازاً عضوياً هستيرياً لا يُوثق به قد أرهقني طغياناً و كُفرا، إن العالم حولي يضطرب بطريقة لا تُوصف، أتُراني سأعيش هكذا؟ هذه الساعات التي تتكرر إلى مالا نهاية و التي لا تُفضي إلى أيّ مكان، أنا في هذه اللحظة لستُ سوى صدى باهت، زهرة ذابلة، لكني ما زلتُ أحتفظ بشيء من قطرات من الندى، و الآن عدت إليك بقلبٍ كئيب و صبر سليب"، كانت عواطفي تغلي كالماء الذي اشتدّ غليانه، فلما احتاج الى التنفيس عنه طار بالقدر طيران الهمّ بالصدر، فلما حدّثتها ما كان مني جملةً و تفصيلا و تشعّب عليها من خبري أمور و أمور، و لما فهمت المقالة عدِمَت الجَلَدَ و الإصطبار، قالت لي بكلمات حانية سماوية: " إنني لطالما عركت الدهر و قطفت ��لزهر، و إن الشيب لا يُخدع به الصبا فاسمع لنصحي، إن ورود الحياة لا يمكن أن تنبت إلا في نفس التربة التي نبتت فيها أشواك الموت، و إني ما علمت خبرك حتى أحسست برعدة تتمشى في جميع أعضائي، و إن قلبي يحاول أن ينشقّ عن صدري حزنا و جزعا"، كانت بالغة اللطف بشكل كانت تأبى فيه أن تستسلم لأي مخلوق محزون، كانت رقيقة القلب في هذا الشؤون، فمَسَحَت القلب و ما به من علة، كنتُ كعودٍ عاد مورقاً ناضراً بعد الذي كان من يُبسه، ثم أتبَعَت:" ولا يَحزُنك ما قد يَصدر من أصحاب النفوس المريضة بحقك، فإنهم لم يدركوا سر الجمال فتألفه نفوسهم، ولا تقتل النفس التي حرم الله يا من تقتل الناس عيناه، كيف غررت بنفس كنت تصونها و أهنتها و عهدي بك ألّا تهنها، و علامَ وقفتَ موقفاً كنتَ تَعدّ الوقوف فيه من الخطأ؟"، حِرتُ فما أحرتُ جوابا ، إن كلماتها تخترق الجمجمة و تدخل إلى دماغك فتزعزع معتقداتك و تحملك على أن تُنكر على حواسك ما تشعر به، قلت:" يا أخت الغزالة و الغزال و ثالثة الشمس و الهلال قد أفحمتِ لساني عن المقال، ولا تلوميني اليوم أن أتَبلّد فقد غلب المحزون أن يتَجلّد، فانظري إليّ بعين الشفقة و الرحمة و اجبري كسر قلبي منكِ بضمّة"، قد خرج منها اللؤلؤ و المرجان إذ قالت:" يا سوادة قلبي الذي الهمّ به برّح، إذا ما ضاق بك أمر ففكّر في ألم نشرح، واعلم أن الرزق الذي تطلبه مثل الظل يمشي معك لا تدركه إذا تبعته و لكن إذا ولّيت عنه تبعك، ولا تحسب أن البُعد ينسيكم فذلك والله مما لا يكون، و لو شُقّ عن قلبي قُرِئَ في وسطه ذكرك فناظر القلب لا يخلو من الذكر"، إن قبضة من كلماتها تجعل بينك و بين الحَزَن ع��الم أبدية، كانت كصبحٍ وافاني فانجلى ليل همومي، قلت:" يا قرة العين الساهرة، و نجماً أستضيء به إذا احتبى الليل في أثوابه، قد شفيت نفساً أشفت على التلف و نعشتِ قلباً أودى به وارد الأسف، فلما طلع عمود الصباح و دعى الداعي حي على الفلاح، ألقت الوداع بعد أن زوّدتني بالمتاع، و ضحك العيش بعد القطوب، و لم تعد حاجة في نفس يعقوب.
6 notes
·
View notes
Text
![Tumblr media](https://64.media.tumblr.com/9c6b72575c21e6e81df5ed492acd7c09/e274c10e955eceac-40/s540x810/5431256f08e037a1ad3e7de817a9a196793d3304.jpg)
Tears of Diamonds 💎
دموع الماس💎
دموع تغزو وجنتيها ذات عيون الغزال..تتساقط رقراقة تتدحرج على تلك الخدين الورديان..دموع تحكي قصة ماض كئيب لا يشبه جمال ملامحها.وتروي ألم أحاط بقلبها..وجعل له أسوار شائكة عزلتها عن لمس حب هذا العالم..ألم لا يليق بنقاء روحها..تلك الغزالة الشريدة..شريدة عن من حولها، شريدة عن نفسها..شريدة عن كل شيء سوى ذلك الألم الذي يكبلها..لقد غزاها ولف الحزن لحافه البارد على قلبها..تداعت دفاعاتها..ولم تعد تقوى مقاومة ذلك القدر الذي فرض نفسه وبقوة، قدر حزين، تملأه وحدة باردة..تتساقط دموعها واحدة تلو الأخرى،تتساقط وبغزارة حتى عندما لا تبكي..تتساقط الدموع من قلبها..تتساقط يوماً بعد يوم ..عاماً بعد عام..أخذت تلك الدموع في التحول لقطع ألماس صلبة..ماس نقي..به بنت تلك الغزالة قصراً معزول هادئ بلون المحيط..قصراً أحاط بقلبها المتجمد من صقيع الأيام..صار ذلك القصر ملجأها الذي لا تخرج منه رغم صدى الوحدة الذي يملأه..أسواره الصلبة المصنوعة من دموع عينيها صارت تمنع عنها شوائب البشر..وماسهم المزيف، كانت تعلم، أنه فقط قلب ذو ماس نقي هو من يستطيع هدم أسوار قلبها..وهو فقط من يستحق أن تستضيفه في قصر روحها الوحيدة..إن وجد يوماً قلب ماسي كهذا فلن يضل طريقه..وسيقطع كل ذلك الماس المتحجر من فرط الألم..بماس ألمه..الألم الذي بنى سور الماس حول تلك الأرواح الضائعة..الأرواح التي تبحث عن ماس يشبه نقاءها..تلك الماسات المتناثرة هنا وهناك في هذا الكوكب الممتلئ بقطع الحجارة من قلوب البشر أولئك الماس المزيف..الذين يلوثون العالم..و بسببهم يخفي الماس النقي نفسه جيداً..تلك الغزالة ذات دموع الماس هي تنزف نقاء روحها في قطرات ماسية لتتحول إلى نوع من الجمال الحزين..الذي تكسوه نوع من الكآبة التي أدركت حقيقة الأشياء..وتفاهتها...ذلك الجمال الهادئ الصامت الذي يحمل في طياته كسور وتعلوه ندوب خفية..كالطبيعة تماماً...
#art#aylul#summer#artist#artists on tumblr#watercolor#watercolour art#painting#2019#ايلول#july#فنانين#رسامي التمبلر#رسم#تجريد#الوان مائية#الوان#لوحة فنية
1 note
·
View note
Text
بين سكون الليل وضجيج الأفكار، يبرز العشق كحالة وجودية تفوق الكلمات. يلتف الرجل حول خيوط الحنين، تاركًا نفسه غارقًا في بحور من الذاكرة والتأمل. تعبر خلالها الأنثى كرمز للكمال، حيث تمتزج صفاتها الرحيمة بالقوة، مما يجعله يشعر بعجزه أمام عظمة هذا الوجود.
العشق هنا هو مزيج من التعقيد والبساطة؛ هو هدير الحياة وجروحها. تتشابك الأرواح في حوار صامت، فتفقد الأزمنة معناها وتصبح اللحظات شديدة الامتداد. كل لقاء يوثق رغبة في القرب، بينما تظل المسافات تتعاظم، مما يجعل الرجل في حالة من الانفصال عن ذاته.
في عالم الوجد، يصبح الفراق كالموت البطيء، يتغلغل في الروح ويترك آثارًا يائسة. يتبدى له أن العلاقة ليست فقط مع حبيبته، بل هي بحث عن الأصالة في نفسه، محاولة لاستعادة جزء مفقود من روحه. ينجم عن هذا الصراع تشتت الهوية، فيصبح متسائلاً عن مكانه في كونٍ يفوح بعطر الأنثى.
عندما تتصاعد مشاعر الشوق، تتضح دوامات الفراق لتكسر قيود الروح. العشق يصبح عاصفة من المشاعر المتناقضة، تحمل معه الأمل واليأس، الالتقاء والفراق. ومع كل محاولة للفهم، يتعمق الفهم في الألم والجمال؛ فهو يدرك أن هذا الهباء هو ما يمنحه الحياة.
وبينما تسعى الأنثى للسمو، يجعل هذا العشق الرجل غريقًا في مزيج من المعاني، حيث يتم تضخيم كل انفعال، فتظهر الألوان زاهية ومتباينة في تعبيرها عن الحب. كل لحظة تُشعره بشعور متناقض، يجبره على تسليم ذاته لهذا الصراع الكوني.
ومع مرور الوقت، تجد هذه المشاعر طريقها نحو النضوج، حيث يدرك الرجل أن الفقد قد يصبح قوة جاذبة. في مشهد مجازي، تُضيء الشمس المجالات المحيطة بهم، ويصبح القلب الممزق رمزا للخلود؛ لأنه يحمل في طياته عبق الاختلال والجمال.
العشق هنا ليس نهاية رحلة، بل استكشاف دائم لأبعاد النفس وتجلي الروح، حيث يرتد صدى الحب إلى ما وراء الجسد. تكتمل هذه الهوية المفقودة حينما يبلور الرجل تجربته؛ فهو يعيد بناء نفسه، ويدرك بأن هذا النقص هو ما يجعله إنسانياً، ويعظم من قيمته كعاشق.
في النهاية، تسجل المشاعر على قلم الأقدار، وتتحول إلى قصيدة تُعبر عن حكاية تتجاوز الزمان والمكان، حيث يتأمل الرجل في ضوء الأنثى، لتظهر له أبعاد عادلة وممتلئة، تأخذ تجربة العشق إلى مدارات جديدة من الوجود.
17 notes
·
View notes
Text
الحقيقة هي نبض ينبعث من صميم العلاقات التي تشكل وجودنا. إنها تولد حيث يتقاطع التشابه مع التقارب، وحيث تنسج الصداقة خيوطها فوق اختلافاتنا. في عالم مليء بالصدف العابرة، الحقيقة لا تنبثق من حوادث التقارب الجسدي أو المصادفات العابرة، بل من التزام عميق يجعل الأرواح تتلاقى وتتداخل.
العلاقات الحقيقية ليست مجرد وجود متوازٍ لشخصين في ذات المكان أو ذات اللحظة. إنها حالة من الانصهار، حالة من الفهم العميق الذي يتجاوز الكلام، ليصل إلى جوهر الكيان الآخر. فحينما تتلاقى الأرواح عبر التشابه، أو تمتد الأيادي في الصداقة، أو يقترب القرب من القلوب لا المسافات، تُخلق الحقيقة.
الحقيقة ليست عرضًا جانبيًا للتجاور، بل هي ما يتولد عندما تُفتح الأبواب بين اثنين ليكشف كل منهما عن ذاته العارية دون أقنعة. إنها تتطلب التزامًا، علاقة مبنية على الثقة، ورغبة صادقة في أن يفهم كل منا الآخر، لا لمجرد القبول، بل للاحتضان الكامل.
الأشياء تصبح حقيقية فقط عندما تمسها حرارة العلاقة. الكلمة تصير أكثر من صوت عندما تُقال بحب أو رغبة في التقارب. الفكرة تصبح حقيقة عندما تجد صدى في عقل آخر يعانقها ويضيف إليها. الحقيقة لا يمكن أن توجد في عزلة؛ إنها ابنة العلاقة، تولد من نظرة متفهمة، من صمت مشترك، من ضحكة تنبع من القلب ذاته.
في هذا العالم الفوضوي، فقط العلاقات المكثفة، تلك التي تُبنى على عمق الالتزام والتقارب، تمنح للأشياء وجودها الحقيقي. إنها ليست مجرد علاقات؛ إنها مرايا تعكس حقيقتنا، ومنافذ نتنفس من خلالها، وأوتار تُعيد تشكيل ألحان أرواحنا. في تلك اللحظات التي نتقارب فيها بصدق، تصبح الحياة أكثر من مجرد مرور للأيام؛ تصبح حقيقية، نابضة، وأبدية في معناها.
3 notes
·
View notes
Text
"ولكنها كانت تشعر دومًا بأن ثمة جدرانًا من الزجاج الرقيق والشفاف -ولكنها صلبة جدًا ولا تكسر- تفصلها عن الجميع من حولها"
| صدى الأرواح
#يومياتي في القراءة#دا الاتصال اللي بحبه في القرايه، لما تلاقي تجسيد لمشاعرك وحالتك في ��كان تاني برا روحك
48 notes
·
View notes
Text
غفوة وهم .. بقلم الشاعر….محمدالباشا/العراق
غفوة وهم ************ في ذلك الأفق البعيد قطرات حنين بللت شغاف الود أنتظرها قلبي الظاميء السعي إليها يحتاج إلى سكون الأرواح قبل النوى والرواح خشوع الجوارح ندى لدرب العشق ورد جلنار يزين عنوان أيامي الحالمة في طريق وادي الاشتياق أحتدم الشوق والعناق ساعات الفجر في ارتقاب صدى الانفاس المحترقة في تلك الليلة أرتفعت حرارته الجليد فقد صلابته البارعة من لهيب الانفاس المتسارعة رجفت القلوب خوفا…
View On WordPress
0 notes
Text
ترافيس سكوت يوقف حفله الغنائي بعد تكدس الجماهير.. صدى مأساة مهرجان أستروورلد يلقي بظلاله على الأحداث
ترافيس سكوت يوقف حفله الغنائي بعد تكدس الجماهير.. صدى مأساة مهرجان أستروورلد يلقي بظلاله على الأحداث
أوقف مغني الراب ترافيس سكوت أحد عروضه المباشرة مؤقتًا بعد تكدس الجماهير وسط مخاوف تتعلق بالسلامة على غرار مأساة مهرجان أستروورلد العام الماضي، والذي تم وصفه بأنه “خسائر جماعية في الأرواح”. ترافيس سكوت يوقف حفله الغنائي اضطر ترافيس سكوت لإيقاف حفلته الموسيقية في جزيرة كوني في بروكلين بنيويورك لضمان سلامة الجمهور، في محاولة لتجنب ما حدث في حفله الموسيقي في مهرجان أستروورلد في نوفمبر/ تشرين الثاني…
![Tumblr media](https://64.media.tumblr.com/ef448cceb25d61d6d195f69e35c9b886/11dd911a429176b2-69/s540x810/bf253fad2a58586dc411663ba8a2e5929ba29e4c.jpg)
View On WordPress
0 notes
Text
أنا والكلب (قصة قصيرة)
![Tumblr media](https://64.media.tumblr.com/cba7024bb20570eedee57410d5809864/tumblr_inline_p8y2kgmmbj1vlpxi8_540.jpg)
فى هذا العصر ...
فى غروب ديسمبر
قبالة النهر، حيث السكون والصقيع والغسق ، والموج القادم برائحة الموت، والطير الحزين الراحل فى السماء، يجلس وحيدًا حزينًا كعادته كل مساء، مرتديًا بالطو أسود وقبعة ويدخن بشراهة، كذلك الخارج لتوه من السجن. تعتريه رعشة عصفور تحت الشتاء، غارقًا بعينيه السوداوين فى الغسق محدقًا فيما وراء الطبيعة والخَلق والعذابات الكبرى جراء الوجود كله، يطوف ببصره حول النهر. ولا يرى سوى العدم، لم تعد تجذبه البنايات الأنيقه التى تحاكى الزمن الجميل المنصرم. ولا يلفته هدير السيارات الفارهه، ولا النساء المتسكعات بقعقعة الكعوب الفاتنة، يغيب عن واقعه فى النهر والسماء والغسق ،ويراقب ذاك الطير الراحل بلا عودة. ايقاع المشهد النهرى يروق له، الغروب الذى يدعو لليأس، بعكس الشروق الذى يدعو للأمل.
أخذ يتذكر كيف كان يحتضن وبقوة حلمه الكبير كفنان. كيف كان نشطًا فوق خشبة المسرح، ينتظر دوره البسيط فيؤديه بمهارة فائقة،كيف تحمل عناء الكد والكفاح حتى صنع شخصية فنية يطلبها المخرجون تمهيدًا لدور البطولة فى يومٍ ما. وتتداعى الصور فتتماهى فوق سطح النهر. زوجته تداعبه، ويقفزان لأعلى فى احد أيام الغرام، زملاؤه يصافحونه باحترام كبير، الأقربون حوله اينما ذهب، ويتقاطع مشهد النهايه المؤلمة… فينقبض، ويغلفه الغضب فيشيح بوجهه عن مأساته، برغبة أكيدة فى الانطواء. فالحياة والموت سيان.
لم يعد ذاك الفنان. الحالم الواعد خفيف الظل رشيق الحركة. لم تعد حتى ملامحه لمن يعرفه. وبريق عينيه ووجهه النبيل، بأنف رفيع ينم عن نبل وجبهة عريضة كسمة الشرفاء. وبشرة بيضاء تعكس صفاء روحه وجميل خصاله، وشارب رفيع أرستقراطى بامتياز. ونبرة تبث فى النفس الاحترام، وشعر كثيف يلامس كتفيه كرجال العصور الوسطى، لقد صار أقرب الى الشبح، مطموس الملامح والهويه.بعدما وهن الجسد وبهتت الروح، وتملك منه اليأس واستبد به البشر. وآلمته الخديعة الكبرى انه حر. فى هذا العالم…
حتى انفصل عن البشر، وظل منطويًا على أحزانه بل أهواله، لقد التهمه العصر الخائن والناس عديمو الشرف والأمانة. حتى بدت غرابته فى ملامحه. وما ترسمه من كرب شديد قد أَلم بهذا الرجل، وفرض الغموض سطوته عليه. فعبارته مقتضبه لا يهوى التفاصيل. وخطوته بطيئة كمن يقبل على حتفه. لا يستثيره شيء ايا كان.
فالبداية وشاية من صديق لا ليس بالصديق. دفع ثمنها سنواته فى السجن. جراء التحريض على الثورة عبر الفن الملهم للشعب، ذاق الأمرين تحت وطأة شعور عميق بضيق القيد والحرمان من الحرية. وما أقسى الحبس على نفس فنان مطلق السراح منذ ان كان طور التكوين. وتخلف لديه عاهة من الضرب بعصا غليظة فوق ركبته نتج عنها شرخ كثيرا مايؤلمه ويذكره بقيمة الصمت وغباوة الكلام. ف��صابته قد وقعت نتيجة احتجاجه على صفع سجين آخر قد تذمر من سوء مايقدم من طعام. وظل من حينها قيد الحبس الانفرادى. والمشهد المروع اللامتناهى الأبعاد لزوجته وشريكة مشروعه الفنى، حيث وجدها مع آخر لمجرد أنه ثرى يمنحها المال، والصفعة القوية وقد هوت به أرضًا بتنصل الرفاق منه .
قطع شريط الذكريات، صوت حوافر تضرب الارض. فالتفت بلامبالاة واخذ يحدق مليا فطبق شفتيه وزر عينيه فوجد كلبا، يداور ويناور، يمنه ويسره، ينبش وسط كومة مهملات، برعشة ولهفة، يبحث عن قطعة من العظم، لعله يجدها ملقاه من حوله، ويكاد يطلق صرخه مدويه من الجوع والألم فساقه مصابه بجرح بالغ النزف، فيطويها بأنين يبدو فى عينيه وقد لمع بهما الغسق، فيركض مستسلما، ليميل بجانبه، ككبش قبيل ذبحه.شعر بحيرة ذاك الحيوان البائس الجريح ، لقد حاول مثله أن يتمالك يقينه بجدوى الحياة. وقد فشل لكونه لا يعرف من ألوان النفاق سوى التصفيق للحاكم عند الضرورة، لقد جذبه الكلب وأحاطه بصداه داخله، بل وأشعل فيه الغضب. فلم يغادر زنزانة صغيرة قيد الحبس الانفرادى كسجين سياسي، طوال مدة حبسه، وظل يحدق فى الحائط ويعمل تفكيره فى قدرة أولئك البشر على الايذاء لمساجين عُزل، لقد اعتاد الألم حزنًا على من يسقط منهم تحت التعذيب.
تحول الصراخ المتنامى إلى اعلان بنهاية العالم ، لقد كانت صرخته فى أعماقه أشد ، وفقد رويدا رويدا قيمة الانسان على كل وجه، ولم يبق فيه سوى الشعور العميق بالألم.ظل صامتا منحنى الرأس وقد وضع يديه على خديه كمن ينتظر قطارا لا يجيء. غاب فى خياله باحثا عن سرداب ينفذ منه لعالمه الفنى المتلألىء بوجوده فوق عرش الابداع الاسطورى. وقد زاحمته الصور المشينة، الجارحه لكبرياءه، الهدامه لكيانه، وروحه الشفافه، وحسه الرقيق العميق بحجم مأساته ولا يقوى ازاء الطعن عبر الصور. فلم يلمح فى الصور الضاغطة عليه وفاء ومشاعر حقيقية قد عايشها فى ماضيه الملوث بهؤلاء البشر ، فلم يعد ينتمى سوى لأناس كضحايا السجون. وقد نزلت بهم أهوال فطبعت على وجوههم سيماء الكآبة وتمددت كالعنكبوت وتقاطع مشهد الكلب الجائع. ليبث فى روحه بشاعة تلك الحياة البائسة ، يالها من حياة معدومة الوفاء .
غادر رمزى بقامته الفارعه وبخطو ثقيل تحت وطأة وخز اصابته فى ركبته وقد آن ترميمها بجراحة عاجلة. لحال سبيله فى دنياه او فوق مسرح العبث الذى يحيا فيه بدور الكومبارس. متجهًا الى حيث يسكن، أعلى بنايه متهالكه وآيله ��لسقوط فى غرفة ليس بها سوى سرير ومنضدة ومقعد قديم لا يحمل قطة فيهتز. وفرش مهترىء. وقطعه خشبيه على الحائط وضع عليها معطفه. وراح فى نوم كالموت. تحت اضاءة خافتة، مرت أيام قليله وهو كعادته يجلس فوق رصيف تجارى ليبيع بعض قطع حديد الخردة التى يطلبها منه بعض عمال ورش السيارات بمبالغ زهيدة بالكاد يقتات منها لقمة العيش.
رافضًا معاودة الاندماج مع البشر ومظاهر الحياة التى صارت مطموسة المعالم فى عينيه فيراها بغير ماتبدو للآخرين. وفى احد الأيام، امام النهر وجد الكلب بجوار جدار النهر العتيق، يسير بعرج منتكس الرأس وآثار اصابة حادة بوجهه. كالخارج من أتون معركة شرسة. شعر بوجع ذاك الكلب فلديه مايمكنه من الشعور بالألم، وجلس كعادته يدخن ويغيب بفكره فيما لاقاه من عذابات كبرى لا يستحقها. وهل فى مقدور فنان آخر القيام بذلك الدور فى يوم ما ، لقد أشفق عليه من تعقيدات وويلات ماحدث، فكيف يبث فى الناس كل هذا الهول، وعلى النحو الذى جرى وتتماهى الصور، ويتردد فى اعماقه صدى الصراخ اليومى جراء التعذيب فى السجن لنزع الاعترافات من النزلاء الجدد. وترامى لسمعه صوت متهدج ينبعث من نفس معذبة وسرعان ما ميز الصوت فإنه للكلب وقد حل الظلام ولا يراه فاقترب على إثر الصوت فوجده فى حالة يرثى لها. انه مجروح ومصاب فى وجهه وساقه وآثار الدماء تلطخه. وقف امامه مشدوها وتحسس ركبته التى يئن منها، و تعمق فى الكلب المسجى أمامه فوق الأرض الذى يسكن النهر ولا يغادره، ويبدو فى عينيه استغاثة من ألم كبير فى أعماقه، تلك النظرة القاتلة التى لم يرها إلا فى عيون الضحايا خلف جدران الزنازين المغلقة، فشعر بطعنة غائرة لا حد لها.أن يلقى مصير الكلب، أراح ظهره الى الجدار وأغمض عينيه وتسرب داخله شعور غريب بالدونية، وعدم الاستحقاق وتعالى الصراخ داخله، لتلك الأرواح المعذبة، انتابته حالة جنون وارتعشت يداه، أخذ يداور ويناور حول الكلب المسجى على الأرض ويرفرف بيديه ناظرًا للسماء.
لقد قرر القيام بدوره هو، دون جمهور يصفق ، لم يتمالك جسده المترنح فتهاوى على الارض، فيدبدب ويحنو على الكلب النازف، خلع معطفه ليلقيه عليه، تحمل قسوة البرد ورعشة الصقيع، فلم يكن فى مقدوره من قبل، انقاذ تلك الأرواح المعذبة، قرر ان يعبر الطريق للجانب الآخر ليبحث عن دواء لعلاج الجروح التى ألمت بالكلب ، مر بين السيارات المسرعة كالبرق ، مرفرفًا بيديه، بعيون ذائغة ،حاول مباغتة سيارة قادمه، فاصطدمت به، أردته متهشمًا جسدًا وروحًا. سرعان ما التف حوله الماره،
قال أحدهم بأسى شديد: الاسعاف انه حى. ��أشار رمزى نحو الشاطئ وبصوت متقطع أَََخر كلماته:
أنا… والكلب
ماهر سيف
2 notes
·
View notes