#أدب مقال
Explore tagged Tumblr posts
Text
(٦) المادةُ لا تنعدمُ
هكذا يقول علماء الكيمياء ويشرحون قولهم، ويبرهنون عليه، ويرون أن المادة تتغير وتتحول وتعود إلى عناصرها الأولى، ولكن لا تنعدم؛ والعالم كله كساقية جُحا، تغرف من البحر، وتصب في البحر؛ فقد يحترق هذا المكتب الذي أمامي، لا قدر الله، ولكنه لا ينعدم، بل يتحلل إلى عوامله الأولية، وسيتغذي منها النبات، ويتكون منها خشب جديد، قد يكون مكتب المستقبل.
قال الكيميائيون ذلك، وقصروا قولهم على المادة؛ لأنها مادة عملهم، وموضوع تجاربهم.
ولو عَرَض لهذا فيلسوف واسع النظر، غير محدد البحث، لقال: «لا شيء ينعدم».
إن الأعمال من خير وشر لا تنعدم، بل تنمو وتتحول، وتؤثر وتتأثر، ولكن على كل حال لا تنعدم. إن كذبة واحدة تكذبها على أولادك في بيتك — من غير أن تعيرها اهتمامًا — لا تنعدم، فسوف تبيض وتفرخ وتنتج كثيرًا من أمثالها، وسوف يكذب أولادك، وستخرج الكذبة من حجرتك إلى سائر بيتك، وستخرج من بيتك إلى المدرسة، وستخرج من المدرسة إلى مصالح الناس ومعاملتهم، فكيف تنعدم؟
قد يدق العمل ويصغر حتى لا تراه أعيننا، ولا تسمعه آذاننا، ولا تشعر به نفوسنا؛ ولكنه موجود، يعمل عمله في هذا الوجود، ويفعل وينفعل، ويتسع نطاقه، ويعمل في دوائر مختلفة قد لا تخطر بالبال؛ وما أظنك تجهل أن حصاة ترميها في البحر الأبيض المتوسط لا بد وأن يتأثر بها المحيط الأطلنطي، وإن لم تر ذلك عيوننا؛ والدليل على ذلك بديهي، فلو كبرت هذه الحصاة ملايين المرات، أفلا تؤمن بهذا الأثر؟ إذًا فآمن بأن هذه من تلك، وعلى نسبتها ومقدار حجمها. وجزء من ألف من الشعرة له ظل حقيقي، وإن لم تره عيوننا، ولولا ذلك لما كان لألف ألف شعرة ظل، ولما كان لثوبك الذي تلبسه ظل.
وعملك الخير مهما صغر، له أثره في أمتك مهما صغر، أعلنته أو أسررته، نجحت فيه أو فشلت، علم الناس أنك مصدره أو لم يعلموا؛ وهل مقياس رقي الأمة وانحطاطها إلا عبارة عن عملية حسابية مركبة من جمع وطرح، جمع لما صدر منها من حسنات، وطرح لما صدر من سيئات؟ لتكن هذه العملية أشد ما تكون من صعوبة، ولتحتج إلى ما شئت من آلات دقيقة للجمع والطرح، فإن طريقة الحل لهذه المسألة في منتهى البداهة.
وليس الأمر مقصورًا على الأعمال؛ فإذا قلنا: «الأعمال لا تنعدم» فهو تكرير لقول الطبيعيين «المادة لا تنعدم»، وهل الأعمال إلا نوع من المادة؟
بل الأفكار والآراء من هذا القبيل، فالفكرة لا تنعدم، والرأي لا ينعدم؛ فإذا دعوت إلى فكرة، أو جهرت برأي، فقد أخرجت إلى الوجود خلقًا جديدًا ينطبق عليه القانون العام؛ قد ينجح الرأي وتعتنقه الأمة، بل يعتنقه العالم، وتظهر آثاره في أعمال الناس وحياتهم ونظامهم فتسلم معي بأنه لم ينعدم ولكنه قد يفشل؛ وقد يستعمل الناس في اضطهاده وحربه كل أنواع الأسلحة المشروعة وغير المشروعة، والرفيعة والوضعية، حتى يختفي ولا يظهر في الوجود، فتظن إذ ذاك أنه انعدم، وهو ظن غير موفق؛ فقد يخفى ليعود إن كان صالحًا، وقد يحدث قبل أوانه، فيستتر وينكمش، ويبقى حيًّا يتغذى في الخفاء، وتنميه الأحداث، حتى إذا تم نموه، وتهيأ الناس له، برز إلى العيون ثانية أو ثالثة، وهو أصبر على مقاومة الحرب، وأقوى على مصارعة الباطل، حتى يكتب له النجاح — وحتى إذا كان الرأي فاسدًا سيئًا لا يصلح لحال ولا لمستقبل فليس مما ينعدم، إنما هو يتحول ويتحور، كلوح خشب لا يصلح بحالته أن يكون شُباكًا فينجر، أو لوح زجاج ليس بالحجم الذي تريده فيصغر، أو حديدة لا ينساب شكلها وحجمها فتوضع في قالب جديد بعد أن تصهر؛ وهكذا في الرأي يغير ويعدل، ويطعم بآراء أخرى حتى يخرج خَلقًا آخر، ولكنه في كل ذلك لا ينعدم. وفرق كبير بين أن نقول: فشل الرأي وفشل المشروع، وأن تقول: انعدم الرأي وانعدم المشروع. فالفاشل موجود والمعدوم معدوم، وشتان بين الموجود والمعدوم. فالرأي الفاشل أو المشروع الفاشل شيء حي قد تلقى درسًا من الفشل ليصبح بعدُ رأيًا قويمًا ومشروعًا ناجحًا، وهذا لا ينطبق على المعدوم.
بل أذهب إلى أبعد من ذلك، وأرى أن العارض يمر على النفس، أو الخاطر يخطر بالذهن، لا يضيع ولا يذهب سدى ولا ينعدم، وإنما هو دخان قد يكون بعدُ سديما، ثم قد يكون السديم كوكبًا يلمع أو نجما يتألق، وقد يكون على العكس من ذلك صاعقة تحرق، أو وميضًا خلبًا يبرق؛ وعلى الحالين فسيكون مولودًا جديدًا، شقيًّا أو سعيدًا. أليس كثير مما يعترينا — من حزن يسبب الكسل والخمول والَملَل، أو فرح يدعو إلى العمل — سببه طائف مجهول طاف بالنفس، وخطرة متنكرة خطرت لها، فغيرت حالها وكيَّفتها تكييفا خاصًّا في هذا الوجود؟ أوليس كثير من الآراء التي أسبغت على هذا العالم نعمًا، وكثير من المشروعات التي عم الناس خيرها وشرها، بدأت خطرة ثم كانت فكرة، ثم أصبحت بعدُ عملًا؟ أليس مما يكون الإنسان خطراته، فهو خير أو شرير بخطراته، وهو بائس أو منعم بخطراته؟ ولو كشف عنا الحجاب لقرأنا في صفحات الإنسان خطًّا عميقًا خطته في نفس الإنسان خطراته وآراؤه، وهو أدل على الإنسان من مظاهره الكاذبة، ومناظره الخارجية الخادعة.
وعلى الجملة فإن قال علماء الكيمياء: إن المادة لا تنعدم، فكل ما في الوجود يقرر أن «لا شيء ينعدم». إن كان هذا حقًّا فويل للخير يقصده عن الخير أنه لم ير بعينه آثار عمله، وويل للخير صرفه عن خيره نكران الجميل وجحد المعروف، وويل للمجد عدل به عن جده أن لم يسبح الناس باسمه، ويشيدوا بذكره، ومرحى لمن كان مبدؤه «الخير للخير، ولا شيء ينعدم».
0 notes
Text
يتمَّ إحداثِ الخللِ في البُنيَّةِ النفسيَّةِ للأطفالِ يوميًّا داخِلَ المَنَازِل وخَارِجها دونَ وعيٍّ منْ قِبلَ الأسرةِ ودونَ إدرَاكٍ عن حجمِ العَواقِبِ المُؤثِّرة على المَدى البَعيدِ. ظنًّا من المُنشِئ أن أساليبَ الإنشَاءِ صَحيحةٌ وسَليمة. ثمَّةَ جوهَرَةٌ قابعة دَاخِلَ كلَّ إنسانٍ قد تمَّت سَرِقَتهُا بالتَّدريجِ في المَراحِلَ المُبَّكرةِ من حياتهِ، إمَّا عن قصدٍ أو دونَهُ، يُنتِجُ في المُستقبَلِ إنسانٌ يَشعرَ بأنَّ ثمِّة فجوةٌ في داخِلِه، ليسَعى بعدها لإستِعادَتِها بطُرقِهِ وأساليبهِ الخاصِّة ويُعبِّرَ بها عن هويَّتِه.
على مَرِّ الأزمِنَةِ يَتمُّ وصفَ الجيلِ النَاشِئ بالهَشَاشَةِ والحسَاسيِّةِ، إذْ أنَّ هذهِ ليسَت ظَاهِرَة حَديثَة، بلَّ تَوارَثتها الأجيَالُ. مثلاً نظرةُ جيلِ آواخِرِ القرنِ التَاسِعَ عشَرِ تجاهَ جيلِ مطلعِ قرنِ العشرين نظراتٌ تَشوبُها التقليلَ والتهكُّمَ، ثمَّ تنتَقلَ النظرَةِ للجيلِ الذي يَليهِ تجاهَ الجيلِ النَاشِئ الحديث. لِتنتهي المَسيرةِ بإعتِرَافِ الأبَاءِ تجاهِ ذويّهُم: "لم يُعلِّمُنا أحدٌ كيفيِّةِ التربيِّة بشكلٍ مِثَالي."
في الواقع، إنَّ اللومَ هُنا لا يَقَعُ على الجيلِ الهشِّ مهمَ كانَ حجمَ السُّوءِ النَابِع منه، إنما على عاتِقِ المَسؤولِ عن ظهورِ جيلٍ هشِّ ضعيفُ الإرادَةِ، فضلاً عن التَّحدَّثَ عنِ التأثيراتِ الإجتماعيّة أو الإقتِصَاديّة، إنما أتحدَّثُ عنِ الجانبَ الفَردي ومآثره على الذاتِ والمُجتمَعِ نتيجةِ تأثيراتٍ سِلبيِّة من قِبَل الأسرةِ، من خلالِ سوءِ إنشَاءِه مُستَعينًا بأساليبَ إمَّا إرتِجَاليِّة أو غير صَحيحةٍ أدَّت لإحداثِ خللٍ في البُنيَّةِ النفسيِّةِ لدى الإنسانِ النَاشِئ.
إعتقادِيَ الشخصيُّ أنَّ سُلوكياتِ المرءِ، أفكَارَهُ، مُمَارسَاتِه وإهتمامَاتِه وحتَّى السُلوكياتِ المُعقَّدةِ عِبَارة عن تنفيسٍ قبلَ أن تكونَ مُجرَّدُ هِوايَةٍ تُقرَنُ بِها هويَّتُه الذاتية ومَشَاعِره، يُعبِّر بها عن شخصيَّته التي عجَزَ عنِ التعبيرِ عنها بصورةٍ عفويَّةٍ. لماذا تُحبُّ مُمَارسَة إهتمَامٍ ما؟ لأنكَّ مُعجبٌ بها؟ تُعبُّر عن ذاتَك؟ تُذكِّرُكَ بأمرٍ ما؟ لتَتجاوَزَ بها حياةً مضَت؟ ثمِّة جذورٍ وراءَ ذلك.
عِندمَا يَستهويَ المرءِ الكِتَابَةِ على سبيلِ المِثَال فإنَّ التحليلَ المُعمَّقِ يعودُ جذورهِ في المَقامِ الأوُّلِ إلى عجزهِ عن إيصَالِ صَوتِهِ ورَأيهُ الشَخصيُّ بسبَبِ القيودِ الَّتي وُضِعت له، لَيجَدِ جوهرَتَهُ المَسلوبَةِ بينَ السُطورِ والقَلَمِ ... بالطَّبعِ الإستثنائياتِ واردَة.
عندما يَحَكُم جيلُ القديمِ بالسِلبيَّةِ على الجيلِ الحديثِ بسبَبِ المُمَارسَاتِ التَافِهة، أو النكوصِ الأخلاقيُّ، وَجَبَ على الَّلائمِ إعادَةَ النظَرِ في طَريقةِ إنشَاءهِ للجيلِ، وأنَّ الذي أدَّى لظهورِ جيلٍ يُعانيَ من ضبابيَّة في التعرُّفِ على هويتهِ يعودُ سبَبَهُ الأوَّل إلى طريقةَ بِنَاءِه وشُحَّ مُراعاته عبرَ إستعمَالِ أنماطٍ مبنيَّةٌ على الترجُّلِ أو الكبحِ، دونَ قصدًا أو عن قصدٍ ظنًّا أنَّ تلكَ الأساليبَ تُمهِّدَ المثَاليّة للجيلِ النَاشِئ.
الأمرَ يُحاكي فكرةَ أنَّ النَاحِت يَحكُمَ على مَنحوتَتِه بالسُّوءِ والافتِقار للجمَاليِّةِ والمِثَالية بعدَ مدِّةِ زمنيَّة من النَّحتِ، رغمَ أنَّهُ في بَادِئ الأمرَ استَعانَ بمَوارِدَ سيَّئةُ الجودَةِ، ومجهودٍ رَكيكِ ومُبتَذَل، لتَتضحَ النتائجَ لاحقًا بأنَّ المنحوتَةِ تعاني من تَصدُّعاتٍ وقابِلةِ للتآفُلِ وأقلُّ تأثيرٍ طبيعي يُسبِّبُ الضَرر.
عندمَا تعجُّ الشَوارِعَ بالسمَاتِ الغيرِ الطبيعيَّةِ من المُستوى المُتَدنِّي مثل النرجسيٍّةِ، فقدانِ هويِّةِ الذاتِ، هشاشَة نفسيَّة، سُقوطِ المبَادِئ، إلخ! جميعَ ما ذُكِر عِبارة عن "ردودِ أفعالٍ" نَابِعة عن الأنظِمَةِ التي غُرِسَت لدى أصحَابِها في الفتراتِ المُبَكِّرة داخِلَ كيانِ الأسرةِ، وسُوءِ بناءِ الأُسُسِ، والإنشاء بالأساليبِ المُقولَبَة والجَاهزةِ، ثمَّ تتبعها جوانِبَ أخرى مثلَ تَفاقُمِ الأزماتِ الإقتِصَاديِّة والإجتماعيّة وظروفٍ أخرى.
مُواجَهةُ تلكَ السِمَاتِ بالأساليبِ البِدائية مثل "العُنفِ" من شَأنها أن تزيدَ الأمرَ سُوءًا، وتَرفعَ نسبةَ إنِحدَارِ أصحابها للمُستوى الأسَوء. وهو الصِرَاعُ الأزَليُّ بينَ الجيلِ القَديمِ والحَدِيثِ ومَسْألةِ الطِبَاع والأخلاقياتِ وحتَّى المُمَارسَاتِ الروتينيَّة.
كلَّ هذا دونَ التَطَّرُقِ للمُسَتوى المُسْتَعصِي، مثَلَ السُلوكياتِ القَهريَّةِ، والَّتي تتمثَّلِ في إلحَاقِ الأذَى، التخيُّلاتِ العابِرَة للمنطِق، والفِيتيش، والسُّلوكيات الجنسية التي تَصعُبُ السيطرة عليها.
— مُذَكَّرات فِيتزْجيرَالد، صيفِ ١٤ أغسطُس ٢٠٢٣
#مذكرات_فيتزجيرالد#كتاباتي#مذكراتي#أدبيات#فصحويات#أدب#فصحى#علم النفس#علم النفس التحليلي#عقد#مشاعر#سايكولوجية#سايكولوجي#كتابات أدبية#كتابات حرة#نصوص أدبية#نص أدبي#مقال أدبي#مقال#أكاديمي#فرضيات#نصوص#كتابات#تحليلات#تحليل#رأي#الإنسان#الوجودية#الأسرة#التربية
87 notes
·
View notes
Text
كثيرًا ما يسأل المرءُ نفسَه كيف كانت الأمور ستسير لو أن الدعوة هبطت على سيدنا النبي فى مصر؟
نسيتُ السؤال لفترةٍ ثم تذكرته من جديد إثر رواية شائعة عن إحدى العائدات من عمرة لقصة السيدة المصرية التي كانت تزور قبر النبي، وأطالت الوقوف إلى جوار مقامه في تبتّل وخشوع أزعج حارسات المقام، فأبعدنها بقدر من الخشونة التي لا تشبه المكان أبدا، فما كان من السيدة المصرية إلا أن نظرت باتجاه قبر سيدنا النبي قائلة: «إنت إيه اللى جابك عند الناس دي.. إنت لو كنت عندنا كنا شلناك إنت وضيوفك في عنينا من جوه».
هذه السيدة التى قد ترى أنها تجاوزت حدود الأدب هي محبة بالفطرة لسيدنا النبي مثل عامة المصريين، هي التي تهدهد حفيدتها على أنغام «ميتى أشوفك يا نبي.. ياللي بلادك بعيدة» فتضع في لا وعي حفيدتها أول حجر في بناء المحبة لسيدنا النبي، وتحصنها بـ«اسم النبي حارسها»، هي التي تستقبل ضيفها الغالي بابتسامة بشوش «إحنا زارنا النبي»، وف نفس الوقت تعاتب على قلة الكرم وسوء الاستقبال بـ«ده النبي فرش عبايته لنسيبه»، وهي التي تفض مشاجرات تكبر أو تصغر بجملة سحرية «صلوا على النبي يا جماعة».
هناك نكتة لم أكن أحب أن أستخدمها -لأن الحديث ليس موضعا للنكات- لكنها تلخص أمورا كثيرة، تقول إنه فى خطبة الجمعة وقف الخطيب على المنبر يقول «خد بالك من جيل هذه الأيام، فإذا قالت لك ابنتك إنها رايحة الدرس فلا تصدقها، فهي ذاهبة للقاء الحبييييييييب» فقال المصلون خلفه «عليه الصلاة والسلام»، هذه النكتة تكشف لنا من جانب حال كثيرين يجلسون في خطبة الجمعة أذهانهم مشغولة بأمور أخرى غير الخطبة، لكن من جانب آخر تشرح كيف أن الانتباه كله يحدث إذا ما مرَّ اسم سيدنا النبي بكل تجلياته «طه وأحمد والحبيب».. حالة يقع فيها الانتباه لا إراديا، لأنه فعلا الحبيب بالفطرة فى قلوب المصريين، ويعملون ألف خاطر لاسمه ويتجاوزون في ذلك حدود المقبول أحيانا بحكم «الأڤورة»، فيسمون «عبد النبي»، ويتغزلون بـ«يا جمال النبي»، ويقسمون بـ«وحياة من نبّا النبي»، أى من جعله نبيًّا «من الممكن أن يقسموا بالله مباشرة لكنهم يعرّجون على الحبيب فى الطريق».
«النبي وصى على سابع جار».. تمام، ويفكون تكشيرة عالم الدين بـ«النبي تبسم يا مولانا».. تمام جدا، ويطلبون من كل شخص أن يعامل نبيه بالطريقة نفسها «وكل من له نبي يصلي عليه».. عين العقل، لكن كاد صديقى يجن عندما قالت له والدته البسيطة فى طفولته «سيدنا النبي قال ماحدش يشرب من الإزازة» عندما ضبطته يفعل ذلك أمام الثلاجة، فانصرف يبرطم، بعد سنوات كان صديقي يضرب كفا بكف وهو يقرأ فى كتب الأحاديث، قال أبو هريرة رضي الله عنه «نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يُشرب من في السقاء أو القربة» -متفق عليه- أى نهى عن الشرب من حافة الإناء حفاظا على نظافة وعاء شرب جماعي «يعنى ماحدش يشرب من الإزازة». هذه السيدة البسيطة ربما استمعت إلى المعلومة فى إذاعة القرآن الكريم، وعندما حان وقت تنفيذها لم تخاطب ابنها بلغة التربية والعيب والصحة والمنظر العام واللي يصح واللي مايصحش لكنها خاطبته بلغة قانون المحبين «سيدنا النبي قال».
ينتظر المصريون كل مناسبة تخص سيدنا النبي ليحتفلوا بها، حتى يوم مولده الذي حرم بعض المتشددين الاحتفال به، لم تلقَ دعوتهم أي قبول لدى أي شخص تجري فى دمائه جينات مصرية، ربما لو كان النبي أقام بدعوته في مصر لأصبحت السنة كلها احتفالات، كنا سنحتفل بذكرى كل التفَاتَةٍ من حضرته، وكل مكان زاره، وكل يوم نزلت فيه آية، وكل زيجة له، كنا سنقدس كل شارع مرّ به، وكل إناء أكل فيه، وكل بقعة من النيل مدّ سيدنا النبي يده فيها ليشرب منها.
عقب حادث قطار البدرشين وقف أحد الجنود الناجين أمام الكاميرا يشكو سوء الوضع داخل القطار أصلا، وفى نهاية كلامه قال «مش معاملة دي، إحنا صعايدة ونعرفوا الرسول».
وقبل أن يتوقف الدوري ذهب أحد أصدقائي المولعين بكرة الق��م إلى الاستاد فى عز الفوضى، حيث لم تكن هناك تذاكر دخول، مجرد موظف أمن على البوابة قال له صديقي: «صحافة» فدخل، ثم سأل آخر كان قريبا منه «وانت تبع إيه»، فقال له «أنا تبع سيدنا النبى» فقال الموظف «عليه الصلاة والسلام اتفضل».
وكنت أجلس مع صديقٍ آخر فى سيارته بينما أم كلثوم تغني «ولما أشوف حد يحبك يحلالى أجيب سيرتك وياه»، فتنهد قائلًا «عليه الصلاة والسلام»، ثم نظر لى قائلًا «أحلى سيرة في الدنيا».
كنت أتمنى أن أولد على التراب الذى حطّ عليه سيدنا النبي بقدمه الشريف، لكن لله حكمة فى ذلك، فنشأة الدعوة فى محيط الكفار قساة القلب شدّ أزر الدعوة وجعلها تشب صلبة وعفية، وهذا ما كان ليتحقق لو كانت الدعوة قد شبت فى محيط المحبين.. المجاذيب.
نفعنا الله بحبنا لسيدنا النبي وآل بيته، ورزقنا الاعتدال في هذا الحب، وغفر لنا عفويتنا التي تجعلنا بحسن نية قد نتجاوز حدود اللياقة أحيانا من فرط المحبة، لدرجة أننا أحيانا نتجرأ فنوسط النبي بطفولة شديدة فى أصغر الأشياء.. «اللي يحب النبي يصقف».
#اقتباس#شعر#فصحى#ادب#مصر#تمبلر#عرب تمبلر#أدب#عربي#حنين#النبي#محمد رسول الله#مكة#المدينة المنورة#المسجد النبوي#آل البيت#حب#القاهرة#الازهر#مقال#حب النبي#نكتة#ابراهيم شرباش#شرباش#إبراهيم شرباش#تمبلريات#فضفضة#دردشة#حكايات#تاريخ
60 notes
·
View notes
Text
النقد البناء ..
تستطيع أن تكتب أية فكرة تخطر على بالك، لكن حين تنشرها بشكل عام ستحتفظ بجزئية بسيطة فقط، وتفقد حقوقاً أخرى، تحتفظ بحقك ككاتب للفكرة، وتمنح الآخرين حق القراءة والنقد، إذا كنت لا تستطيع تحمل هذا، عليك أن تحتفظ بما تكتب في أحد أدراج مكتبك. النقد عملية تصحيح وله أساليب كثيرة ومدارس ونظريات وفلسفة، فكرته في الأساس بسيطة جداً، وهو إظهار جوانب الضعف أ�� الخطأ في أي عمل، ربما يتطور النقد ليصبح فكراً،…
6 notes
·
View notes
Text
عيد الحب
المكان : روما الزمان : 207 م القِسيسُ فالنتينو يقعُ بحبِّ ابنةِ الإمبراطورِ كلاوديُوس ويزنِي بها لأنَّ إيمَانه الكنسيّ يُحرّمُ عليه الزّواج! فما كان من كلاوديوس إلا أن أعدمه! فإن كان من بط��ٍ لهذه القصّة فهو الإمبراطورُ لا فالنتينو ولكنّ البشريّة تُلبسُ ثوبَ البطولة لمن شاءتْ وتنزعه عمّن شاءتْ! إنْ كان القومُ اتخذوا من يومِ إعدام فالنتينو عيداً للعُشَّاقِ فهذا شأنهم، وشأنهم أيضاً أن يخلطوا بين…
View On WordPress
2 notes
·
View notes
Link
1 note
·
View note
Text
ياريت تنتبه وتفرق بين تمبلر وباقي التطبيقات الأخرى كالفيس وتويتر وانستجرام ..
تمبلر مكان راقي ، ونشارك فيه بفائدة أدبية أو مقال ملئ بالفوائد ، وليس مكان للغة العامية أو الحوارات الجانبية والتي تكون في الخاص ! ..
من قليل وجدت مدونة وصلتني اشعاراتها فرأيتُ منها عجباً ..
كلام لا يمت لواقع تمبلر بصلة ، ولكن هو أقرب لفتاة أو لشاب جلس في منتصف الطريق ليتكلم وكأنه في البيت أو في دورة المياة أجلكم الله ، لا ذوق ولا أدب ولا كلام مفيد نهائياً غير أنه تناول الطعام وفلانة قالت وفلانة عادت ووو ..
أصبتُ بغثيان وندمتُ لأنني فعّلتُ اشعارات المدونة ..
أخرجوا من تمبلر فقد لوثتم التطبيق ! ،
فعلى مدار تواجدي بتمبلر من 14 سنة حتى الآن وأنا لم أمر بفترة مثل هذه السنة الأخيرة من وجود أشخاص بتمبلر يكتبون أموراً يستحي منها الشيطان والإنسان المجنون ! ، فضلاً عن شخص عاقل وصاحب رأي وقلم ! .
لا أدري من الذي سمح لبعض المراهقين بدخول التطبيق وتلويثه بهذه الطريقة ..
14 notes
·
View notes
Text
أكثر من 40 قصة في أدب الطفل وعشرات المؤلفات والروايات المخصصة لليافعين، توجت تجربة الكاتبة الإماراتية شيماء المرزوقي لتؤهلها من ثم بجدارة، لاقتناص المركز الأول في جائزة راشد بن حمد الشرقي للإبداع عن فئة الرواية الإماراتية 2020، فضلاً عن نيلها جوائز أدبية أخرى عدة، شكلت علامات فارقة في مسيرتها الأدبية المتميزة في مجال الكتابة للأطفال واليافعين، مؤكدة أن الاختلاف الكبير بين الأجناس الأدبية يجعل الكتابة والتأليف تحدياً حقيقياً للمؤلف، معتبرة في الوقت نفسه أن للكتابة للطفل مدارس وطرقاً، ومجالات إبداعية ومتطلبات عدة. ثراء وتميز وأكدت المرزوقي لـ«الإمارات اليوم» أن الكتابة للطفل، تجربة ثرية ومفيدة، معربة عن سعادتها وفخرها بأن تخصص أولى نتاجاتها الإبداعية للطفل، قائلة «بدأت بجنس أدبي يحتاج للغة قريبة وبسيطة وأيضاً مبدعة، لغة تمزج الإبداع والتميز مع البساطة والسهولة، لأن المتلقي طفل، وفي اللحظة نفسها، حرصت ألا يكون هناك ابت��ال، أو تبسيط مخل، أو شوائب في المحتوى، أو تشتت في الحبكة، أو سرد غير متقن»، مضيفة «الكتابة للطفل قادتني نحو أجناس أدبية أخرى، وأشعر بفضلها علي لأنها صقلتني وعلمتني، وأعتقد أنها مهدت لي الطريق لأكتب في مجالات وأجناس أدبية أخرى»، لافتة إلى أنها لاتزال تمتلك المزيد من الأفكار والمشاريع الإبداعية التي تستهدف الأطفال واليافعين. تحديات ومسؤولية وحول تحديات الكتابة للطفل في عصر الإنترنت والوسائط الرقمية وسطوة وسائل التواصل الاجتماعي، اعتبرت الكاتبة الإماراتية، أن صناعة الكتاب للطفل تحتاج لجوانب إبداعية متعددة، تتجاوز النص الإبداعي والقصة المبدعة الجميلة، حيث تحتاج لإبداع فني يتمثل في رسام متخصص يدرك العقل الطفولي الذي يرسم له، كما تحتاج أيضاً لإخراج وتصميم مختلف تماماً عن الكتاب الاعتيادي، تتبعها تكاليف الطباعة الملونة المرتفعة، ما يقلل من نسبة تحقيق المؤلف أي عوائد مالية تذكر، بل حتى الناشر، الذي يواجه في هذا المجال تحديات بالجملة لأن هناك مشاركة من الموزعين عند بيع أي نسخة من القصة، لا تقل عن 50%. وفي ما يتعلق بالطريقة المثلى لحماية الأطفال من تحديات ومخاطر عوالم الافتراض والسبيل الأمثل لتشجيعهم اليوم على القراءة وثقافة المعرفة، أكدت المرزوقي قائلة «الطفل سهل التوجيه ويقتنع بتوجيهات الأبوين، لذلك تقع المسؤولية الجسيمة على الأب والأم في غرس قيم المعرفة وثقافة الكتاب، وتعويد طفلهم منذ نعومة أظفاره على القراءة وإدماجها بقوة في روتين حياته لتصبح جزءاً من عاداته اليومية». مضيفة «عندما يهمل الطفل وينمو ويكبر، يتكرس هذا النأي وتزداد صعوبة جذبه نحو الكتب، فنعاني عند محاولة إقناعه بالقراءة، لأنه لم يتعود عليها من جهة، ولأنه حصل من جهة أخرى على بدائل تجعله بعيداً كل البعد عن مضمار القراءة، لهذا السبب يجب أن تبدأ مهمة حماية الأطفال من داخل المنزل، وتحديداً من الوالدين». المشهد الإعلامي وحول تأثير دراستها وتخصصها في مجال التربية والطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية على توجهاتها الأدبية، أكدت المرزوقي أن تقديمها مجموعة من الكتب المخصصة لفئة اليافعين، يعود في أكثره إلى هذا الأثر الأكاديمي، دون شك، وتقول: «كان لتخصصي الأكاديمي أثر إيجابي، لأن المعرفة قوة، فقد استندت عند الكتابة والتأليف، على حقائق علمية في مجال رعاية الطفولة واليافعين، وهذا التخصص هو الذي منحني الثقة باقتحام هذا المجال، بل وأسهم في تقديم نصوص إبداعية وأيضاً تربوية في قوالب قصصية جاذبة، في الوقت الذي أعكف باستمرار على ��قديم محتوى أجمل وأكثر إبداعاً للطفل». تحرص المرزوقي على المشاركة الفاعلة في عدد من المنابر والدوريات الإعلامية وعن هذه التجربة تقول: «لطالما اعتبرت المؤلف، دون الإعلام بصفة عامة، مثل الطائر، يحاول التحليق وهو لا يملك إلا جناحاً واحداً، والمؤلف والكاتب قد لا يصلان للجمهور دون الإعلام، خصوصاً في هذا العصر الذي نعيشه، الذي تضاعفت تحدياته وانحصر قراؤه، وبات الوصول إليهم أصعب بكثير من السنوات الماضية». وتابعت «لم أقتحم المجال الصحافي في الحقيقة، سوى من خلال كتابة مقال يومي، فضلاً عن مقالات متخصصة في قضايا محددة، في بعض المجلات، ولا أخفي أني راضية تماماً عما أطرح وعما أكتب، وراضية أكثر بتلقي القراء وتفاعلهم معي، الذي يشعرني بالفخر ويدفعني نحو اعتبار هذه التجربة ناجحة ومثمرة». شيماء المرزوقي: • «صناعة الكتاب للطفل تحتاج لجوانب إبداعية عدة تتجاوز النص الإبداعي والقصة المبدعة الجميلة». • «راضية عما أطرح وأكتب، وتفاعل القراء يشعرني بالفخر ويدفعني نحو اعتبار هذه التجربة ناجحة ومثمرة». سعادة أعربت الكاتبة الإماراتية شيماء المرزوقي عن سعادتها وفخرها بنيل ابنتها حفصة، تكريم صاحب السمو الشيخ محمد بن
راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في عام 2016 في أوائل الإمارات، عن أصغر مؤلفة في ذلك الحين، مؤكدة أن الطفولة والبراءة هي أكبر وأعظم محفز للمؤلف والمبدع عموما، «خصوصاً وأن الكتابة للطفل والتأليف في عالمنا العربي في هذا المضمار بالذات، متعثرة، وليست بالمستوى المأمول». أقلام المستقبل أعربت شيماء المرزوقي عن سعادتها بالمنتج الروائي الإماراتي عبر القول: «لا شك أن سقف الطموح عال وكبير، ليس لدي بل لدى كل متخصص ومهتم بالشأن الأدبي، فضلاً عن المؤلفين. لأن الدعم والرعاية ماثلة وواضحة، ولأن جميع الظروف مهيأة لتحفيز تيار الإنتاج والإبداع في هذا المجال». المصدر: الإمارات اليوم
0 notes
Text
"كل صباح، حين أستيقظ مجددًا تحت بساط السماء، أشعر أن اليوم هو رأس السنة بالنسبة لي...
لهذا السبب، فأنا أكره أعياد رأس السنة التي يتم إسقاطها علينا كاستحقاقات ثابتة، تُحوّلُ الحياة والخيال البشري إلى موضوع تجاري، له حساب نهائي أنيق، ومبالغ غير مسددة، وميزانية للإدارة الجديدة. هذه الأعياد تُفقدنا استمرارية الحياة والخيال، إذ نبات نعتقد بجدي�� أن هناك فاصلًا بين السنة والأخرى؛ أن تاريخًا جديدًا يبدأ، فنضع القرارات ونندم على التململ، وهكذا. وهذه هي بعامة مشكلة التواريخ المحددة."
-أنطونيو غرامشي
من مقالة له بعنوان "أنا أكره يوم رأس السنة"، نشرها في صحيفة أفانتي! Avanti! الإيطالية يوم الأول من يناير عام 1916 .
3 notes
·
View notes
Text
(٥) نعمةُ الألم
لندع الآن جانبًا وصف ما كان من الخلاف بين علماء النفس في الألم، والفرق بينه وبين اللذة؛ ولندع كذلك بحوثهم الطويلة في تقسيم الألم إلى أنواع: فنوع منه كالذي نشعر به عند وجع الأسنان، ونوع كالذي نشعر به عند الفشل في محاولة، ونوع كالذي نشعر به عند مواجهة ما نكره … إلخ.
ولندع أيضًا بحوث علماء الأخلاق في أن الإنسان في جميع أفعاله يطلب اللذة، ولا يطلب شيئًا غيرها، ويهرُب من الألم، ولا يهرب من شيء غيره؛ وأنه حين يفر من لذة فإنما يفعل ذلك لطلب لذة أكبر منها، وأنه حين يتحمل الألم، فإنما هو يفر من ألم أكبر منه، أو يتطلب بألمه لذة أكبر مما تحمل — ولندع التعرض لما قام حول هذه النظرية من نزاع.
لندع هذا كله، ولننظر إلى أثر اللذة في الحياة العامة وأثر الألم فيها، فيخيل إلي أنَّا مدينون للألم بأكثر مما نحن مدينون للذة؛ وأن فضل الألم على العالم أكبر من فضل اللذة.
إن شئت فتعال معي نبحث في عالم الأدب: أليس أكثره وخيره وليد الألم؟ أوليس الغزل الرقيق نتيجة لألم الهجر أو الصد أو الفراق؟ ذلك الألم الطويل العريض العميق تتخلله لحظات قصيرة من وصال لذيذ؛ وليس هذا الوصال اللذيذ بمنتج أدبًا كالذي ينتجه ألم الفراق. وإن الأديب كلما صهره الحب، وبرح به الألم، كان أرقى أدبا، وأصدق قولًا، وأشد في نفوس السامعين أثرًا. ولو عشق الأديب فوفق كل التوفيق في عشقه، وأسفه الحبيب دائمًا، ومتعه بما يرغب دائمًا، ووجد كل ما يطلب حاضرًا دائمًا لسئم ومل، وتبلدت نفسه، وجمدت قريحته، ولم يخلف لنا أدبًا ولا شبه أدب؛ ولو كان مكان مجنون ليلى عاقل ليلى لكان كسائر العقلاء — إنما فَضَّل المجنون؛ لأن نفسه كانت أشد حسًّا وأكثر ألمًا.
لولا علو همة المتنبي ما كان شعره، وما علو همته؟ أليست كراهية الحياة الدون، والألم من أن يُعَد من سَقَط المتاع، والتطلع لأن يكون له الصدر أو القبر؟ وعلى هذا المحور دارت حياته، ودار شعره؛ ولو نشأ قانعًا لما فارق بلدته، ولكان سَقَّاء كأبيه يروي الماء ولا يروي الشعر.
وما قيمة المعرِّي لولا ألمه من الفقر والعمى؟ لو كان غنيًّا بصيرًا لما رأيت لزومياته ولا أعْجِبْت بكلماته، ولكان إنسانًا آخر ذهب فيمن ذهب؛ إنما خلده ألم نفسه، وأبقى اسمه قوة حسه.
ولو شئتُ لعددتُ كثيرًا من أدباء العرب والغرب، أنطقهم بالأدب حينًا ألم الفقر، وحينًا ألم الحب، وحينًا ألم النفي، وحينًا ألم الحنين إلى الأوطان، إلى غير هذا من أنواع الآلام.
نعم قد أجْدَت اللذة على الأدب كثيرًا — لقد أنتجت لهو امرئ القيس وطَرَفَة، وخمر أبي نواس، وفخر أبي فراس، ومجون الماجنين، وفكاهة العابثين؛ وكان غِنَى ابن المعتز ولذته ينبوعًا صافيًا لحسن التشبيهات، وجمال الاستعارات — وخلفت لذة ��ؤلاء أدبًا ضاحكًا، كما خلف الألم أدبًا باكيًا. خلفت اللذة أدب المسلاة (الكوميديا)، وخلف الألم أدب المأساة (التراجيديا)؛ ولكن أي الأدبين أفعل في النفس؟ وأيهما أدل على صدق الحس؟ وأيهما أنبل عاطفة؟ وأيهما أكرم شعورًا؟ أي النفسين خير: أَمَنْ يبكي من رؤية البائسين، أم من ضحك من رؤية الساخرين! أَمَنْ رأى فقيرًا فعطف عليه، أو هُزْأَة فضحك منه؟!
•••
على أني خشيت أن تكون اللذة التي أخرجت الأدب الضاحك ليست إلا ألما مفضضًا أو علقمًا مبهرجًا. أليست خمر أبي نواس محورها «وداوني بالتي كانت هي الداء»؟ أوليس قد هام بها فرارًا من ألم الدنيا ومتاعب الحياة؟
ولو فتشت عن دخيلة ابن المعتز، لرأيت ألمًا قد بطن بلذة، وجحيمًا في ثوب نعيم.
•••
ثم تعال إلى الحياة الاجتماعية، ألست ترى معي أن خير الأمم من تألم للشر يصيبه، والضر يلحق به؟ وهل تحاول أمة أن تصلح ما بها إلا إذا بدأت فأحست بالألم؟ أوليس من علامة تماثل المريض للشفاء أن يحس بالألم بعد الغيبوبة؟ ثم من هو المصلح: أليس أكثر قومه ألمًا مما هم فيه؟ أوليس هو أبعدهم نظرًا وأصدقهم حسًّا! دعته رؤية ما لم يروا، وإحساسه ما لم يحسوا، أن يكون أعمق منهم ألمًا وأشد منهم سخطًا، فلم يسعه إلا أن يجهر بالإصلاح، وأن يتحمل عن رضى ما يصيبه من ألم؛ لأن ألم نفسه مما يرى بهم، أكبر من أي ألم يناله منهم؟ — وما الوطنية؟ أليست شعورًا بألم يتطلب العمل؟
ومن نعم الله أن أوجد أنواعًا من الألم هي آلام لذيذة تتطلبها النفوس الراقية وتتعشقها. ولو عُرض عليها أن تعوض عنها لذائذ صرفة لما قبلتها. فلو عرض على الفيلسوف المتألم لذة غنى جاهل لرفض في غير تردد، ولو خير المصلح المجاهد ينغص عليه قومه، وينغص عليه بُعْد نظره، وينغص عليه قوة شعوره، ما اختار من حياته بديلًا — ذلك لأن آلامه سرى فيها نوع من اللذة لا يدركه إلا العارفون، وأصبح يهيم بهذا الألم اللذيذ، ويرى اللذة الصرفة لذة أليمة — وكل مُيسر لما خلق له.
0 notes
Text
مُمَارِسُ الشَكْوَى والتَذمُّرِ بِصُورة مُستَمِرَّة تحتَ مُسمِّى "الفَضْفَضة" بالعَاميِّةِ غايَتَهُ لمْ تَكُن يومًا إيجَادَ حُلولٍ جَذْرية لمُشكلاتِ حياتِه الخاصَّةِ، بقدْرِ رغبتهِ في الحصولِ على مُسْتَمِع سَعيًا لمعرَفَةِ مركزيِّةِ ذاتِه داخِلَ الوجود، وتلقِّيَ العَاطِفَةِ دونَ بذلِ مجهودٍ يُسْتَحقْ، وتوكيدِ صَلاحيَّةِ ذاتِهِ دونَ الإثْبَاتِ عن جَدَارةِ، بِبَسَاطَة الغايَةُ هيَ صنعُ المَركزيِّةِ بالمَجان دونَ أدْنَى تقدُّمٍ.
لا يُوجَدُ إنسانٍ يرغَبُ بتأديَةِ دورِ المُخطِئ، أو الجلادِ، أو المُستبِدِّ، أو الكَاذِب، وإثبَاتُ ذَلك يَتطلَّبُ زمنًا وتصرًّفًا، ولأنَّ الزمنَ قد يُجبرُ المرءُ على الارتِجَالِ نحو مساراتٍ غير مرغوبة تُظهرِهُ بصورةٍ عكس ما يَرغَب، فإنَّ أفضَلُ تصرُّفٍ لتجنُّبِ كلَّ تلكَ المُغامَرةِ هيَ التحايُلَ على الزمنِ والذاتِ، واللجوءَ لتأديِّةِ دورُ الضحيِّةِ والتنصُّلَ من المَسؤوليَّاتِ وإلقاء اللومَ على الوجودِ، كي تتحقَّقُ الصُورُ المَرغوبَةِ دونَ أدنى عناءٍ.
المشْتكي المُزمِن، بحيثُ تُصْبِحُ الشكوى لديهِ "عادة مُستدَامة" ويُعيدُ طرحَ ذاتَ الموضوعِ بشأنِ المُشكلةِ بِنبرَةِ الاسْتِيَاء في كلِّ حوارٍ يُفتَح، دلَّ تصرَّفَهُ على تفضيلِه بِالانْغِمَاسِ فيها أكثَرُ من بذلِ مجهودٍ لوضعِ حدٍ لها، حيثُ يظلُّ مُختِبئًا وراء مِيكانيزمَاتِ الدِفَاعِ بشكلٍ دائم وكُلِّي، ��أنَّه لا يُمكن التعرُّفَ على ذاتِه إلا من خِلالِ المُشْكلَةِ الَّتي يُواصُل الادعاءَ بها، عبْرَ تلقِّيَ التعاطُفَ المُنقطِع النظير، وتلقِّيَ العبَارات المُنتَقَاةِ حسْبَ رغبتهِ، بها يَضمَنُ مركزيَّتَهُ وأهميَّةَ ذاتِه داخِلَ نطاقِ الآخرينَ، غالبًا إن تمَّ تقديمُ المُسَاعَدَةِ إليهِ فإنَّ ردِّةُ الفِعْل لا تُؤخذُ بعينِ الإعتبَارِ، ظاهرٌ عليها الجفَاءَ واللامُبَالاةِ، لامُبَالاةً بشأنِ الحدِّ من دوامِ مُعاناتِهِ قبْلَ المُسَاعداتِ العاطِفيِّةِ،
الأمْرَ يُشَابِهُ ظاهرةُ التَألقِ بالعُقَدِ النفسيِّةِ، حيثُ أنَّ مَفهومَ العِلاجِ يعني زَوالَ أهميِّةَ ذواتِهم داخِلَ نطاقِ الآخرينَ، بالتَّالي يَلحقُها زوَالَ المُميٍّزاتِ المَمنوحةِ الناتِجِة عن العاطِفَةِ: مثل انقطَاعِ الدعمِ العَاطِفيُّ، وإنهاءِ الاستثنائيَّاتِ في كلِّ موقفٍ، وإعادةِ ترتيبِ المكانَةِ، وهيَ تُجسِّدُ معانيَ الوِحدَةَ، أسوءُ مخاوِفَ الإنسانِ. عوضًا عن ذلك يَتمُّ التعايُشَ مع العُقَدِ والتَبَاهيَ بها، والحِرْصِ على ذِكْرَهُ في كلِّ منصِّةٍ مع ضمانِ الدِّعمِ العاطِفيُّ والمكانةِ الوهمَيّة.
● مِثال:
● إنسانٌ يُكرِّرَ استياءِهِ من سُوءِ إدارةِ العمَلِ ..
١ - تَعاطُف. ٢ - تقديمُ حلولٍ من شأنها أن تُحقِّقُ التوازن بينَ الثنائي. ٣ - اقتراح وظيفةٍ أخرى في حالِ فشلِ الحل. ٤ - تأقلم مع المعضلة، في حالِ عجزِ عن تطبيقِ الحُلولِ السَابقة.
● إنسانٌ يُكرِّرَ تذمُّره من علاقةٍ سَامِّة.
١ - مُواجَهةُ الطرفِ السَّامِ بشكلٍ جديّ.
٢ - الحثُّ على إنهاء العِلاقةِ فورًا إن تأزَّم الحَالُ.
إنْ لمْ تتحقَّق أيِّة دوافِعَ أو بوادِرَ بشأنِ الحلولِ، بعضها أو جَميعُها بشكلٍ منطقيُّ ومُبَرَّر، فَخُذ بعينِ الإعتبَارِ أنَّهُ لا يرغَبُ بالحلولٍ، بل يَرغبُ بِمُستمِع وفِيٌّ بالتعاطُفِ كيّ يُؤكِّدُ سلامَةِ ذاتِه وخُلوِّهِ من الأنيابِ. وهوَ بصورةٍ لا منَاصَ منهُ عبارة عن مُستَنزِف للوقَتِ والجُهدُ النفسيُّ، مصَّاصُ دماءِ نفسيّ، مُتسَوِّلُ العَاطِفَة. وبالتَّأكيدِ اللِّومُ لا يَقَعُ عليهِ البتِّة، بل على منْ سَمَحَ لهُ بالعُبورِ داخِلَ نِطَاقِه.
لا يُؤمنُ الكثيرَ أن مفهومَ الحيَاةِ قائمٌ على المدِ والجَزْرِ يَنطبِقُ على الجميعِ دون استِثنَاءِ، ثمَّ فكرة ما تَملِكَهُ قدْ لا يَملكِهُ الكثير، وأنَّ تَأخُّرِ خطوةٍ واحدة عنِ الغيرِ يعني أنَّ ��مة خطواتٍ أخرى سبقْتَ بها غيرك، وما توَدُّ بهِ قدْ يكونَ مجرَّدُ فائضٌ، تنَالهُ عندمَا يحينُ وقتَهُ، ثمَّ أنَّ البشَريةِ تلاميذُ المُعاناةِ، نتقبَّلهُا كي يُسهَل علينا تجاوزَهُا لاحقًا هذا إنْ لم تتوفَّرُ القُوَّةُ الكافية لإزَاحَتِها، ثمَّ أننا هنا في الوجودِ على قيدِ التعلُّمِ من خلالِ المُعاناةِ، ولم يَعدُنا أحدٌ أن الحياة مبنيِّةٌ على المِثاليَّاتِ وتحقيقِ الرَّغباتِ بشكلٍ دائم، أخيرًا لا يُؤمنُ الكثير ببَديهيِّةِ العوَاقِبَ، وأنَّها تكمُن وراءَ كلِّ اختيارٍ، وأنَّ ليسَ ثمِّةُ حيلةٍ سوى التعايُشِ معها.
من حينٍ لآخَر نَحتاجُ لِلَحظَةٍ عاطفيَّةٍ مع مُستمِعٍ نَنتقيهِ بعنايةٍ، رغبةً في التنفيسِ أولاً، ثمَّ سعيًا في التجاوُزِ، لأنَّ غيابَ التنفيسِ يعني وقوعَ العُصَابُ لا محالة، وهذَا ليسَ من ضمن ما أشيرُ إليه، إنني أُشيرُ إلى الحالاتِ "المُزمِنَة" للتعبيرِ عن الاستيَاءِ دون تحقيقِ تجاوزٍ فِعلي، بحيثُ يتحوَّلُ الأمرَ من تنفيسِ وتحقيقُ الخَلاصِ، إلى مشاركةِ طقسِ النيَاحَة.
المُبَالغ بالتذمُّرِ بشأنِ مَعاضِله دونَ الإلحَاحِ في اقتلاعِها مثلَ الغريقِ الذي يَستَهدِفُ كلِّ من يَستجيبُ لنجْدَتِه، ولكنِّهُ لا يُقاومِ الغَرَقَ عندما يُمَدُّ لهُ يدُ العونِ، بَلّ يشُدُّ يدُ الآخرِ للغرَقِ معهُ، لأنَّ غايتَهُ ليسَت الانتِشَال من الغَرقِ، بل الاستجابةِ العاطفيِّةُ من قِبَل الآخرينَ بشأنِ حالتِه، من خِلالِها يُؤمنُ بأهميٍّةِ وجودِه، ولو تمِّ إنقاذَهُ، فإنَّهُ يعيشُ ما تبقِّى من عُمْرِهِ يَسْتَذكِرُ حادِثِةِ الغَرَقِ ومآثِرَهُ على الحياةِ والذاتِ في كُلِّ حِوِارٍ.
— مُذَكَّرات فِيتزْجيرَالد، صيفِ ٦ أغسطُس ٢٠٢٣
#مذكرات_فيتزجيرالد#مذكراتي#فصحى#علم النفس التحليلي#علم النفس#سايكولوجية#آفة الفضفضة#كتاباتي#فصحويات#أدبيات#أدب#كتابات حرة#مقالات#مقال أدبي#كتابات أدبية#نصوص أدبية#نص أدبي#الإنسان#الذات#العقل#الصحة العقلية#فضفضة#أدب البوح
54 notes
·
View notes
Text
#حزن#فراق#وداع#خوف#حب#غزل#محبة#عشق#كتاب#اقتباس#مكتبة#كتب#أدب#نثر#نص#مقال#إقتباس#جديد#تمبلر#عرب تمبلر#آل تمبلر#تمبلريات#جديد تمبلر#اكتئاب#بكاء#صداقة#عائلة#مصر#القاهرة
291 notes
·
View notes
Text
الرواية: تأثير الرواية ..
كل حدث في الدنيا له بداية ونهاية، والرواية كذلك بها نقطة بداية ونهاية، وتقع الأحداث بين تلك النقطتين، بتصور شخص واحد للأحداث. عندما أفكر في الرواية لا أفكر بها على أنها قصة فقط، ما يشغلني في الرواية ذلك الشوق الذي يدفعنا أن نمسك كتاباً لا يحمل مادة علمية أكاديمية، ونقرأه بشوق لا يفتر حتى ننتهي من قراءته، ثم نبحث عن رواية أخرى لنفعل الشيء نفسه، ربما تحمل الروايات العبرة، وبعض الدلالات الأخرى لكن…
2 notes
·
View notes
Text
من حين لأخر أشاهد توم و جيري وحلقه من البؤساء و عبقور وأنا وأخي و عدنان ولينا واسمع أغنية في منزل انثى السنجاب
طوال الاسبوع ونحن كبار ولدينا التزامات وندير الاعمال ونهتم بالاخرين و نرعى والدينا ونعمل طوال اليوم
فما ضر لو ساعه من نهار عشناها كأطفال
صالح أحمد ✒️
1 note
·
View note
Text
.
#أقتباس#اقتباس#اقتباسات#مقال#مقالات#أدب#كتاب#كتب#شعر#شعراء#مقتبسات#اقتباسات عربية#عربي#فصحى#اقتباسات كتب
5 notes
·
View notes
Text
كيف تكسب محبة الناس من حولك؟
أولاً: التواصل البصري
يُعزّز التواصل البصري الروابط بين الأشخاص ويشعرهم بالراحة وأنّ حديثهم مقبول ومسموع وهذا ما يساعد على إدارة الحوار بشكل فعّال.
ثانياً: إلقاء التحيّة
أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم على ضرورة إلقاء التحية بقوله: "السلام قبل الكلام" تدلّ التحية على الذوق والأخلاق العالية، لذا احرص على إلقاء التحية ووجهك بشوش ومبتسم.
ثالثاً: إظهار الرضا
ينفر الناس عادةً من الأشخاص كثيري الشكوى والتذمّر ويميلون أكثر للناس الذين يشكرون الله ويقدرون ما لديهم من نعم، لذلك من المهم أن تظهر للناس مشاعر الرضا عن وضعك وأن تسعى بجد لتحسين ظروفك.
رابعاً: الاستماع الجيّد للأحاديث
أسهل طريقة لكسب محبة كل الناس الاستماع الجيد لأحاديثهم، فالاستماع يدلّ على أنك تهتم بهم وتحب أن تستفيد من وجهة نظرهم.
خامساً: التعامل بلطف
ينجذب الناس للأشخاص الذين يتعاملون مع الآخرين بكل محبة واهتمام بعيداً عن المصلحة الشخصية، وبالفعل يستطيعون بفضل لطافتهم وحسن أخلاقهم من كسب محبة كل من حولهم.
سادساً: اتّباع فنون الاتيكيت
من الضروري جداً أن تراعي فن الاتيكيت عند الاختلاط مع الناس فهو سيُجنّبك ارتكاب الأخطاء والوقوع في المواقف المحرجة، كما سيعلمك كيف تتصرّف وكيف تتكلّم وكيف تعبّر عن آرائك بطريقة مؤدبة لتعطي انطباعاً جيداً عنك.
سابعاً: تقديم المساعدة للمحتاجين
الشخص الذي يسعى لفعل الخير دائماً هو شخص محبوب من الجميع لذا لا تتردّد عن تقديم الدعم المعنوي والمادي لكل من يحتاجك واسعى للتطوّع في الجمعيات الخيرية واجمع التبرعات للمرض والأيتام.
ثامناً: التصرّف بعفوية
لا نقصد بالعفوية الطيش أو العشوائية وإنما التوقف عن التصنع حتى لا تنفر منك الناس، واحرص على التصرف بتلقائية اضحك، امزح، ابكي، تحدث.
تاسعاً: الثقة في النفس
الشخص الواثق من نفسه هو أكثر الأشخاص كاريزما وقدرة على كسب محبة وود الناس، لذا حافظ على ثقتك بنفسك من خلال الانتباه لحركات جسدك، والتواصل البصري.
عاشراً: تقبّل الرأي الآخر
تتباين آراء الناس وتختلف من فرد لآخر وأنت كشخص يريد أن يكسب رضا ومحبة الجميع لابدّ من أن تتقبل الرأي الآخر وتحترم فكره حتى ولو كان يخالفك تماماً.
#نصائح#محبة#حب#نجاح#نصيحة#مقال#اقتباس#اقتباسات#أدب#نصوص#كتابات#تمبلريات#تمبلر#كتب#قراءة#تنمية ذاتية#تنمية بشرية#تطوير الذات
68 notes
·
View notes