#14 يناير
Explore tagged Tumblr posts
Text
" بوست شخصى مصرى "
بمناسبة الذكري المشئومة دي ( ذكرى مذبحة رابعة)
انا لاول مرة هتكلم عن جانب بسيط من حياتي الشخصية ويمكن لاخر مرة
ومعلش استحملوني
قبل انتهاء ذكري رابعة التي ما زالت ذكراها تنغص العقل والقلب في كل عام
كل ما تيجي الذكري دي وافتكر الليلة دي
واحداث صباح هذا اليوم
احس اني بكره البلد دي قوي بكل اللي فيها
بكره جيشها وشرطتها وكل ولاد العرص اللي فيها
انا دلوقتي لما بشوف ظابط جيش ماشي في الشارع بيبقي هاين عليا ابصق عليه واشتمه والله ايا كان موقفه وميوله بس مجرد اني بشوف البدلة بس
انا يمكن قبل 25 يناير مكانتش مصر تفرق معايا في اي حاجة وعمري ما افتخرت اني مصري وكنت لا بحبها ولا بكرهها بس كنت دايما حاسس انها مش بلدي ولا بلد الغلابة اللي عايشين فيها ولكنها بلد الجيش والشرطة والقضاء والنيابة واي واحد صاحب سلطة او نفوذ واما الباقيين فهم ضيوف في البلد وضيوف تقال كمان علي الناس دي
بس كنت عايش فيها مضطر طبقا للظروف اني اتولدت فيها وتمنيت كتير اني اسافر برة مصر واهرب من القرف ده وسعيت لكده فعلا كتير وكنت بالفعل قاب قوسين او ادني واخدت التأشيرة للسفر الي اوروبا ولكن شاء ربنا في اللحظات الاخيرة اني الغي السفر واقعد في مصر
وبعد كده لاسباب كتير لغيت تماما فكرة السفر من دماغي وقلت خلاص
بقي مش مستاهلة نفضل في البلد دي ونكمل فيها وامرنا لله
ولعل الله يحدث بعد ذلك امرا
والصراحة كنت فاقد اي امل في البلد دي او الشعب ده ان الحال ممكن يتغير او ينصلح
وكنت عارف انه عامل زي قطيع من الخرفان او الغنم
وفعلا صفارة بتجمعه وعصايا بتفرقه وانهم وصلوا لمرحلة من الجهل والبلادة والتخلف يخليهم فعلا يستاهلوا الحال اللي هما فيه
عمري ما امنت ولا صدقت في اي انتخابات في البلد دي وعمري ما فكرت مثلا اني اروح اطلع بطاقة انتخابية او انضم لحزب سياسي
وعمري ما روحت صوتت في اي انتخابات في حياتي
ويمكن كمان كلامي في السياسة كان قليل جدا او مكنتش بحب اتكلم فيها خالص ولا مهتم بيها من الاساس
حتي قبل الثورة بأيام انا مكنتش مصدق ان دي ممكن تبقي ثورة او ان الشعب ده ممكن كله ينتفض فجأة
وكنت شايفها هتبقي مظاهرة عادية وكام قنبلة غاز وخرطوم مية هيخلي الكل يروح بيته والموضوع يخلص
بس بعد اللي حصل في ال 18 يوم وحتي تنحي مبارك
حاجات كتير قوي اتغيرت معايا وبدأت افتخر وانا بقول انا مصري بدأت اهتم بالسياسة واتكلم فيها كتير ونزلت الاستفتاء بتاع 19 مارس لاول مرة في حياتي واحس ان صوتي ليه قيمة وهيفرق ومفيش تزوير خلاص
حسيت خلاص ان مصر بقت بتعتي وبتاعت اهلها
وان مصر والمصريين ممكن يعيشوا اخيرا احرار في جو ديمقراطي نضيف زيهم زي اي شعب محترم في الدنيا
وفي انتخابات الرئاسة مكانش فارق معايا قوي مين هييجي مرسي ولا حمدين ولا ابوالفتوح ولا حتي خالد علي
بس المهم ان هييجي واحد هو عارف ان الشعب هو اللي اختاره وقدامه اربع سنين عشان يقدم فيهم نفسه للشعب
خلاص بعد الثورة العظيمة دي خلصنا من عصر الدكتاتوريات وعصر الفرد الواحد وعصر الجيش او كان متهيالي كده
لحد ما جه اليوم المشئوم بتاع تلاتة يوليو
وظهر تاني المصريين علي حقيقتهم اللي انا كنت اعرفها عنهم بجد وكمان من بعدها ذكري 14 اغسطس الاليمة جدا
قلت لنفسي فعلا هما دول المصريين اللي انا عرفتهم طول عمري بفقرهم وبجهلهم وبتخلفهم وهمجيتهم وعبوديتهم واللي بسببهم انا كنت عايز اطفش من البلد دي
المرة دي بقي بجد انا كرهت البلد وتاني كرهت الجيش وكرهت الشرطة وكرهت كل المعرصين من الشعب ده
واكتر بكتير من الاول ومش طايق حد فيهم
وبجد مش طايق اقعد في البلد دي ونفسي اسيبها النهاردة قبل بكرة
ومنهم لله وحسبي الله ونعم الوكيل في كل واحد وصلنا للي احنا فيه ده
انتهي ............. ...... ......... منقول من مصرى مقهور
الكلام دا يمثلنى شخصيا بنسبة 100%
الاختلاف الوحيد أنة هو لم يسافر ... انا سافرت فعلا
كان عندنا امل أن نعيش ...
ولكن الامل تبدد وأصبح سراب بل للدقة أصبح جحيم نعيشة ونراة ونلمسة ونتذوقة بمرارة 👎👎
![Tumblr media](https://64.media.tumblr.com/493baf3d7c3da908e6f7132a79e99cf6/857c3f11b8740b9f-6a/s1280x1920/5ee7458995b9ca47c4f385c6fec61c74274df2b3.jpg)
ومازال الامل فى بكرة 📍
لعل الله يحدث بعد ذلك امرا
T
20 notes
·
View notes
Text
{وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}
بيان عسكري صادر عن :
... ::: كتائب الشهيد عز الدين القسام ::: ...
"معركة طوفان الأقصى"
بأسمى آيات الفخر والثقة بنصر الله القريب، تزف كتائب الشهيد عز الدين القسام إلى أبناء شعبنا وجماهير أمتنا العربية والإسلامية ثلةً من فرسانها الميامين في محافظة جنين:
الشهيد القسامي القائد/
بهاء إبراهيم أبو الهيجاء (33 عامًا)
الشهيد القسامي المجاهد/
مؤمن إبراهيم أبو الهيجاء (28 عامًا)
الشهيد القسامي المجاهد/
أمير إبراهيم أبو الهيجاء (27 عامًا)
الشهيد القسامي المجاهد/
إبراهيم مصطفى قنيري (23 عامًا)
الذين ارتقوا إلى العلا مساء أمس الثلاثاء 14 رجب 1446هـ الموافق 14 يناير 2025م، مع الشهيدين حسام حسن قنوح ومحمود أشرف غربية، إثر قصف صهيوني غادر تعرض له مخيم جنين المحاصر.
إن كتائب القسام؛ لتشدد على أن فشل الأيادي الآثمة في حصارها الخانق لمخيم جنين منذ ما يزيد عن 40 يومًا، يعدّ هزيمة أخرى للعدو الصهيوني الذي توصّل لقناعة بفشل كافة محاولات اقتلاع جذوة المقاومة من قلوب أبناء شعبنا المجاهد.
وإنه لجهاد نصر أو استشهاد،،،
كتائب الشهيد عز الدين القسام - فلسطين
الأربعاء 15 رجب 1446هـ
الموافق 2025/01/15م
🫡
#طوفان الاقصى#غزة العزة#gaza#free gaza#هنا غزة#الله أكبر#أمة واحدة#واثقون بنصر الله#free palestine#palestine#غزة تموت جوعا وحرقا وبردا#ثورة الغضب لغزة#سوريا syria#السودان يذبح سراً
9 notes
·
View notes
Text
تذكير بصيام #الأيام_البيض لشهر #رجب 1445
الخـميس 13 رجب 1445 الموافق ل25 يناير 2024
الجـمـعـة 14 رجب 1445 الموافق ل26 يناير 2024
الـسـبـت 15 رجب 1445 الموافق ل27 يناير 2024
تقبل الله صيامكم وصالح أعمالكم
34 notes
·
View notes
Text
![Tumblr media](https://64.media.tumblr.com/dd5f6eae9b6338fcba57383f048bf51a/65c5f8757fec863c-33/s540x810/a3e184c792d7da9c9be369ef2094d03c469b74e2.jpg)
📌بيان عسكري صادر عن كتائب الشهيد عز الدين القسام:
▫️ نزف إلى أبناء شعبنا وجماهير أمتنا العربية والإسلامية ثلةً من فرساننا الميامين في محافظة جنين:
1. الشهيد القسامي بهاء إبراهيم أبو الهيجاء (33 عامًا)
2. الشهيد القسامي مؤمن إبراهيم أبو الهيجاء (28 عامًا)
3. الشهيد القسامي أمير إبراهيم أبو الهيجاء (27 عامًا)
4. الشهيد القسامي إبراهيم مصطفى قنيري (23 عامًا)
▫️ارتقى الشهداء مساء أمس الثلاثاء 14 رجب 1446هـ الموافق 14 يناير 2025م، مع الشهيدين حسام حسن قنوح ومحمود أشرف غربية، إثر قصف صهيوني غادر تعرض له مخيم جنين المحاصر.
▫️إن كتائب القسام؛ لتشدد على أن فشل الأيادي الآثمة في حصارها الخانق لمخيم جنين منذ ما يزيد عن 40 يومًا، يعدّ هزيمة أخرى للعدو الصهيوني الذي توصّل لقناعة بفشل كافة محاولات اقتلاع جذوة المقاومة من قلوب أبناء شعبنا المجاهد.
3 notes
·
View notes
Text
يناير 27، درب الآلام محاولة لشحذ ذكرى النزوح الثاني
السطور التالية هي شهادتي الشخصية عن رحلة نزوحي مع عائلتي من مخيم خانيونس في يناير الماضي (2024)، كل ما سأكتبه هنا هو من الذاكرة فقط ومما كتبته في دفاتر مذكراتي خلال تلك الفترة، لم أحاول الاستعانة بأي أرشيفات إخبارية ولا أريد أن أفعل.
في 26 يناير 2024 اضطررنا للخروج من خانيونس رفقة عائلة خالتي التي استضافتنا منذ 13 أكتوبر 2023، أي منذ أن اضطررنا لمغادرة منزلنا في جباليا بعد أول أمر إخلاء أصدرته قوات الاحتلال في الحرب، حيث أمرت سكان شمال وادي غزة بالارتحال جنوبًا، وكانت اول وجهة حددتها قوات الاحتلال هي منطقة المواصي في غرب خانيونس ورفح.
نزحنا في خانيونس فترة تزيد عن الثلاثة شهور، يحتاج الحديث عنها لمقام آخر. في بداية ديسمبر 2023 بدأت قوات الاحتلال عملية إرهابية موسعة في محافظة خانيوس بدأتها بأحزمة نارية على المناطق السكنية الرئيسية في وسط البلد والمناطق الشرقية من المحافظة، ومن ثم بدأت اجتياحًا بريًا كان قوامه الرئيسي جنود الفرقة الثامنة والتسعين من الجيش، وقد شارك في الهجوم أكبر تعداد من الجنود الذين استخدمهم الجيش في أي من اجتياحاته البرية حتى تلك اللحظة في غزة، وقد قيل أن العدد قد وصل إلى تسعين ألف جندي، وكان الهجوم يتزامن مع هجوم حوالي خمسين ألف جندي آخر على مخيم جباليا، لم أشهده ولدي ما أقوله عنه ولكن أيضًا في مقام آخر. استمر الهجوم الضارب على شرق ووسط خانيونس حتى منتصف يناير 2024 تقريبًا وبدأ بعدها التوغل والقصف المدفعي يطال مناطق أخرى من منطقة غرب خانيونس، وهي المنطقة التي يسكنها في الغالب اللاجئون وتتكون في معظمها من مخيمات ومشاريع عمرانية مخصصة لإسكان اللاجئين قامت بتنفيذها وكالة الغوث والسلطات الحاكمة في غزة من قبل أوسلو وبعدها.
في 12 يناير قطعت قوات الاحتلال الاتصالات عن خانيونس بالكامل، وبقينا بدون انترنت أو اتصالات أرضية أو خلوية حتى خروجنا من المدينة. قامت قوات الاحتلال بتوغل سريع للمنطقة الجنوبية من غرب خانيونس ووصلت الآليات إلى مقابر المدينة الواقعة خلف (جنوب) الحي النمساوي تحت غطاء ناري كثيف، وقع الهجوم فجر يوم 13 يناير، وقد كررت هذا الهجوم مرة أخرى في 17 يناير، وبعد خمسة أيام شنت الدبابات هجومًا واسعًا باستخدام ذات المحور الذي استخدمته للتوغل وصولًا إلى المقابر، وقطعت خلال هجومها الطريق بين خانيونس ورفح ووصلت إلى موقع القادسية العسكري التابع لكتائب القس��م، والذي يقع بجوار حرم جامعة الأقصى في خانيونس، كما استمر التوغل ليصل إلى إسكانات الوكالة الجديدة في غرب خانيونس وحي الأمل إلى أن وصلت الدبابات إلى مقر كلية تدريب خانيونس التابعة لوكالة الغوث (صناعة الوكالة). في 22 يناير أطلقت دبابة قذيفة على مقر الصناعة وقتلت 14 نازحًا داخل المقر، وكان المقر يؤوي يومها عشرات آلاف النازحين.
أتمت قوات الاحتلال بذلك حصار المنطقة الغربية من خانيوس بالكامل، في 24 يناير سمعنا أن الجيش قد سمح للنازحين في الصناعة وسكان الاسكانات الجديدة بالمغادرة بعرباتهم ومشيًا على الأقدام انطلاقًا من شارع خمسة، وقد اتخذنا قرارًا بالمغادرة من منزل عائلة خالتي في مخيم خانيوس (بلوك جي) ولكن علمنا أن الطرق قد قُطعت بالدبابات في منتصف النهار ولا وسيلة للمغادرة، في فجر اليوم التالي قصفت طائرات الاحتلال الطوابق العليا في جميع المباني العالية (التي تعلو ثلاثة طوابق) في مخيم خانيوس (بلوك جي)، وقد قرر الذي اختار أهداف القصف أن يستثني منزل عائلة خالتي لسبب لا أعلمه من حملة القصف الهمجية. في صباح 26 يناير 2024 وصلتنا أخبار أن الجيش قد فتح "ممرًا آمنًا" من أجل الخروج من خانيونس، والمرور به مسموح للجميع مشيًا على الأقدام. جمعنا ما خف من المتاع وحملناه على ظهورنا وخرجنا، كان هناك ما يقارب الثلاثين شخصًا في المبنى الذي نقطن فيه، وقد تحركنا جميعًا مع بعضنا البعض، وضعت على كتفي ستة أغطية شتوية وعلقت في رقبتي حقيبة بها حاسوبي الشخصي (الذي استخدمه الآن في كتابة هذا النص) ووضعت فيها عشرات الوثائق الرسمية، ومشيت دافعًا الكرسي المتحرك لأخي الصغير وبجانبي مشت أختي الكبيرة تجر قدميها جرًا، وقد رفضت قبل خروجنا أن أعطيها حقنة خافض حرارة لتعينها على الحمى أثناء الطريق، حاولنا ان نتحاشى الطرق المليئة بالردم، وقد كانت هذه مهمة صعبة، بما أن لم يتبق شارع في المخيم لم يسلم فيه بيت واحد على الأقل من القصف خلال الليلة الماضية. ولكننا تمكننا بشكل ما من الوصول إلى دوار الظهرة، ومن هناك توجهنا غربًا في الشارع المليء بالردم باتجاه البحر.
عند وصولنا إلى دوار الظهرة بدأت تظهر درجة الازدحام الحقيقي، الآلاف من الناس من النازحين في المدارس المحيطة بمستشفى ناصر والنازحون في المستشفى ذاته، كانوا متجمهرين داخل الشارع، ويسيرون بخطى بطيئة خائفة وعيون تترصد المسيرات رباعية المراوح التي كانت تحلق فوقنا على ارتفاعات منخفضة، فجأة وجدت بعض المارة قد رفعوا بطاقات الهوية الخاصة بهم مشرعة ومفتوحة في الهواء، يعني هذا ان جنودًا موجودين في الجوار، وهذا إجراء تعلمه بعض هؤلاء النازحون عندما مروا عبر الحاجز في نتيساريم عندما نزحوا من غزة إلى الجنوب بعد بداية الاجتياح البري لمدينة غزة في 27 أكتوبر 2023، حيث كان النازحون يُأمرون بالوقوف على الحاجز ساعات وهم رافعوا أيديهم حاملة بطاقات هوياتهم في الهواء، تلفت حولي فلم اشاهد أي جنود على الإطلاق، كان سيل البشر الذي يمشي من حولي يحجب عني الكثير من الأشياء التي قيل لي لاحقًا أنها حدثت أثناء مرورنا ولكنني لم أشاهدها، وكنت أركز لحظتها على دفع كرسي أخي الصغير وأتحاشى أن يعلق كرسيه المتحرك في شظايا الردم المتناثرة في الشارع.
وصلنا أثناء سيرنا إلى جامع الشافعي. اللحظة الأولى التي شاهدت فيها جنودًا، ورأيت، ربما لأول مرة في حياتي، رأي العين، دبابات الميركافاة 3، كان هناك دباباتان، واحدة بجانب الجامع والأخرى مقابلها، ولكن قبل أن ألحظ الدبابات كان مشهد الجامع نفسه هو ما صدمني، حيث كان جزء من جدرانه مهدمًا وبعض الجنود بعتادهم الكامل وبنادقهم المصوبة على الجموع المارة يحدقون فينا من خلف الجدران ومن خلف نظاراتهم السوداء. لم يطلق أي من الجنود النار ولكن أخي الصغير بدأ بالبكاء وأخذ يرجوني أن أدفع كرسيه بسرعة أكبر، خوفًا من أن يبدأ الجنود بالإطلاق.
لم أقدر على التحرك أسرع، السر في تجاوز هكذا مواقف يكمن في الهدوء، أنت الآن ورفقتك الآلاف من الناس تحت رحمة ماكينة الموت وبشكل مباشر، يحدق فيك القاتل وفوهة بندقيته، منذ أكتوبر الماضي اختبرنا الموت عن بعد، والقتلة يحدقون فينا عبر الشاشات فقط وكأنهم يتنافسون في لعبة فيديو، وكنت أعلم علم اليقين في تلك اللحظة أن الغالبية العظمى من هؤلاء القتلة كانوا ينتظرون لحظات مثل هذه من أجل يمارسوا هوايتهم الدموية بشكل أكثر واقعية، وما الذي سيحدث لو أطلق جندي النار على رأسي أو رأس أخي عند أي بادرة شك، بادرة يمكن أن يستثيرها أي فعل تافه مثل أن أحاول الإسراع والابتعاد عن مشهد الجنود دافعًا كرسي أخي العاجز؟ لا شيء، الضابط الذي أصدر الأمر قبل عدة ساعات لجنوده بأن لا يطلق أحدهم النار على أحد من المارة، ربما سيرى مشهد الدم ويهز كتفيه بلا اكتراث، والمارة من حولي سيمشون ولن يفعل أحدهم شيئًا، وماذا بإمكانهم أن يفعلوا!؟
استمررت بالمشي، أسرعت الخطى عندما سمح لنا الطريق واندفاع الناس، ومع الوقت بدأت أفقد رؤيتي للكثير من الثلاثين شخص الذي خرجت من نفسي المبنى معهم في بلوك جي قبل حوالي الساعة، ولم أجد حولي سوى أخي الصغير الذي أدفع كرسيه وأختي الكبيرة التي دب فيها النشاط رغم المرض فجأة بسبب التوتر وفرط أفراز الكورتيزول والأدرينالين. وصلنا إلى حافة موقع القادسية، عدة أشهر قضيتها في خانيونس وقد زرت هذه المنطقة عدة مرات ولم اكن أقدر على مشاهدة شيء من داخل الموقع أبدًا بسبب الأشجار الكثيفة المحيطة به والاسيجة التي تسوِّره بالكامل، ولكنه كان أمامي أثرًا بعد عين، تجوبه المدرعات وجرافات الـ "دي 9" وعدد من دبابات الميركافاة 4، توقفنا بسبب حاجز من المدرعات التي وقفت بيننا وبين "الحلَّابة"، على يسارنا محطة المنتزه للمحروقات وعلى يميننا الشارع المؤدي إلى صناعة الوكالة والحي الهولندي، أما أمامنا فهناك فرقة كاملة من الجيش، دبابات ومدرعات على مد البصر، الشارع الذي رُصف قبل الحرب بعدة أشهر قد تحول إلى سافية من الرمال، وعلى جانبي الطريق كثبان رملية عالية، في الجانب الشمالي من الشارع هناك عدد هائل من الجنود المتمنطقين ببنادقهم، وفي منتصف الشارع كثبان عالية، وخلفها في الجانب الجنوبي من الشارع أرتال كاملة من المدرعات والدبابات.
لم يكن يخطر في بالي أننا سننتظر كل هذا الوقت أمام الحاجز، عندما مررنا بالجنود المتمركزين في جامع الشافعي والدبابتين إلى جواره ظننت أننا قد قطعنا الحاجز فعلًا، ولكن لم أكن أعلم أن الجنود خلفنا كانت مهمتهم هي منعنا من العودة وليس تنظيم مرورنا من هناك فحسب. كان الحاجز أمامنا فعلًا ينقسم إلى قسمين، القسم الأول هو الذي كنا ننتظر فيه، الآلاف يقفون ويجلسون على الرمل والاسفلت بجانب محطة المحروقات والطريق المؤدي إلى الحي الهولندي، والقسم الثاني هو المسافة ما بين المحطة والموقع العسكري الذي نصبه الجيش في موقع القادسية مقابل المحكمة الشرعية ومستشفى الخير، وتسمح المدرعات كل حين وآخر بمرور عدة مئات من الأشخاص إلى منطقة الحاجز، حيث تمر النساء والأطفال بدون تفتيش، أما الرجال فيقفون في طوابير طويلة ويتقدم كل خمسة منهم للوقوف أمام حامل به عدة كاميرات عالية الدقة حاملين بطاقات هويتهم، ويحيط بهم الجنود من الجانبين، هذا ما وصفته قبل عدة سطور بـ "الحلَّابة"، وهي تسمية معروفة وقيل لي أنها مستخدمة لوصف حواجز تفتيش الاحتلال منذ عقود طويلة ولا أعرف ما هو أصلها بالضبط. بينما يمر الناس كان هناك صوت يخرج من مكبرات صوت مزروعة في الكثبان يخاطبهم بالعربية، بنبرة هادئة ولهجة محايدة ويطلب منهم إما التقدم وعبور الحاجز، أو يطلب من واحد أو اثنين من الخمسة الواقفين امام الكاميرات أن يضعوا ما بحوزتهم من متاع عند نقطة معينة والدخول إلى الموقع العسكري، حيث ينتظرهم الجنود هناك لكي يقتادوهم إلى مكان الاحتجاز.
خمسة يخضعون للفحص كل 15 ثانية، عشرون كل دقيقة، 1200 شخص كل ساعة، أجريت هذه المعادلة في ذهني بسرعة، نظرت إلى الخلف وإلى جانبي الطريق، لم استطع تقدير أعداد الموجودين هنا لكنني كنت أعلم أن ما تبقى من ساعات النهار غير كافٍ لإجراء هذا الفحص لجميع الموجودين على هذا الحاجز.
"النسوان والأطفال يقدموا قدام من غير تفتيش .. الزلام يستنوا ورا" .. أحد الضباط هتف بهذا الهتاف عشرات المرات عبر مكبر للصوت كان يحمله وهو يحادثنا ورأسه بارزة من كوة واحدة من المدرعات الموجودة أمامنا لتنظم عملية مرور الناس عبر الحاجز، كانت في لكنته عجمة واضحة، على النقيض من ذلك الصوت الذي كان يخاطب المارين بطابور الفحص والذي يحمل نبرة ساخرة واضحة، جارنا في المدرعة القريبة كان يجتهد لكي يحمل صوته نبرة مطمئنة، كان يبدو كمسؤول حكومي في موسم الانتخابات وهو يطمئن الجهور في دائرة حكومية. وقد نجحت نبرته فعلًا وبدأ الناس يتخلون عن شعورهم بالخوف، واستبدلوه بمشاعر أخرى، أغلبهم كان يشعر بالملل، وبالرغبة في تجاوز هذا الطابور الطويل والوصول إلى الجانب الآخر منه بأسرع وقت ممكن. كان واضحًا أن ما سمعناه من شناعات حدثت على حاجز نتيساريم لن يتكرر اليوم، يعني لن يتكرر بنفس الكثافة على الأقل، فقد بدا أن هناك أوامر مشددة للجنود الموجودين في المدرعات أمامنا بعدم استعمال أي عنف مفرط، واستخدام درجة محدودة من العنف والإرهاب لتنظيم الموجودين أمام الحاجز فقط، لا أدعي أني كنت قادرًا على رؤية كل ما حدث، ولكن مما سمعته أن حادثة إطلاق نار واحدة فقط حدثت خلال ذلك اليوم، إذ فتحت إحدى المدرعات النار على سيارة تقل عائلة كانت تحاول الوصول إلى الحاجز وذلك لأن السيارة كانت تمشي على الجانب الخاطئ من الطريق، إذ كان مسموحًا لنا باستخدام جانب واحد فقط من الطريق، هذه معلومة ل�� أكن أعرفها، وعلى ما يبدو فإن سائق السيارة أيضًا لم يعرفها وقد دفع ثمن جهله بحياته وحياة عائلته. بخلاف هذه الحادثة لم يقم الجنود بأي شيء، فقط إطلاق نار متقطع من بنادقهم في الهواء، وفي بعض الأحيان تسير المدرعات بجانبنا وتطلق دخانًا أبيضًا كثيفًا يقطع أنفاسنا ويفقدنا القدرة على الرؤية.
بأي حال، عندما سمعنا نداء الضابط في المدرعة المجاورة يتكرر، أن النساء والأطفال سيعبرون بدون تفتيش أو فحص، أخذت ما كان بيد أختي من متاع، وأشرت لها أن تقوم بدفع كرسي أخي الصغير وتتقدم إلى الأمام، وعند لحظة ما فقدت أثرها وأثره، مرت عدة ساعات وأنا أظن أن أختي قد عبرت الحاجز وأنا لا أزال في الخلف انتظر، مرة كل ثلاثين دقيقة تقريبًا يسمح الجنود لبعض الناس بالعبور لانتظار دورهم في الطابور، ولا يسمحون للمزيد من الناس بالعبور إلا عند اقتراب انتهاء الطابور السابق، وفي كل مرة يسمح فيها الجنود للمزيد من الناس بالعبور، كان الناس يهجمون بعشوائية ويستمرون في التدفق لدقيقة أو أقل حتى يقوم جندي بإيقاف الصنبور البشري هذا بصلية رصاص من بندقيته. نظرت حولي عشرات المرات وفتشت في وجوه الناس محاولًا البحث عن إشارة لأي شخص اعرف�� ممن خرجت وإياهم من البيت صباح هذا اليوم ولكني لم أجد أحدًا، وأعتقد فعلًا أنني الوحيد الذي لا يزال ينتظر بينما عبر البقية، غيرت وقتها مكاني وانتحيت جانبًا متوجهًا نحو ساحة صغيرة وضع كثير من الناس فيها متاعهم وجلسوا.
طال انتظاري، مرت الساعة تلو الأخرى، كان في يدي زجاجة فيها بعض الماء ولكنني لم أشرب منها حتى أتحاشى الاضطرار لاستخدام الحمام، خاصة وأنني لم آخذ علاج السكري قبل الخروج من البيت، إذ لم أكن جائعًا بسبب التوتر وخفت أن يهبط مستوى الجلوكوز في الدم فلا أجد من يسعفني في الطريق، عرض علي بعض الواقفين بالحاجز طعامًا ولكنني رفضته، عدت لأفتش في وجوه الناس القريبين والبعيدين عني علّي أجد أحدًا من أهلي ولكن بلا فائدة، بدأ شعور الناس بالملل يتزايد ومعه تزايد شعور الجنود بالملل كذلك، بدأ الجنود والضباط الخارجون من كوات مدرعاتهم بالحديث مع بعض الناس، وبدأوا بإلقاء بعض زجاجات المياة وقطع الشوكولاتة، بعض الناس أشاروا بأصابعهم السبابة والوسطى في الهواء مشيرين للجنود كي يلقوا إليهم بعض السجائر، أحد الذين كانوا يستقلون المدرعة التي كانت تغرقنا بالدخان الأبيض هتف فيمن أشاروا إليهم بأصابعهم قائلًا بالعربية: روحوا عند حماس بتعطيكم دخان.
منذ بداية اليوم كانت الغيوم تتكاثف بسرعة، عندما خرجنا من البيت حرصنا على ارتداء أكبر قدر ممكن من الملابس خاصة وأننا كنا نعلم أن خط سيرنا سيمر بالبحر، وبحلول الثالثة تقريبًا، لا أذكر الموعد بدقة، هطلت الأمطار فوق رؤوسنا بغزارة، غطيت نفسي تحت "شادر" قام بفرده بعض الناس، كان الشادر متسخًا بالرمال ومع المطر تحول الرمل إلى وحل، وقد غطت القذارة ملابسي وشعري - وظل رأسي متسخًا لمدة أسبوع لاحق، في تلك اللحظة دفعتني بعض النساء خارج الشادر وبقيت في المطر لا يقيني منه سوى غطاء للرأس. هدأت الأمطار واشتدت عدة مرات، بعض المحتجزين أمام المدرعات بجانبي كانوا قد أشعلوا نارًا قبل بداية المطر بنصف ساعة من أجل إعداد بعض الخبز والطعام، فأفسدت الأمطار طعامهم.
طوال الوقت كان الجنود المتحدثون بالعربية لا يزالون يعبثون مع الناس، واحد منهم كان يطلب من الواقفين بجانبه الجلوس تحت تهديد السلاح، وإذا ما جلسوا يطلب منهم الوقوف، البعض يصرخ على الذين يحاولون تجاوز الحاجز خلسة والالتحاق بطابور الفحص، لم ينجح أحد حسبما رأيت بالتسلل، ومن لم يعد بسبب الصراخ عاد رغمًا عنا خوفًا من الرصاص، آخرون كانوا يسألون الناس عن رأيهم في حماس والقسام ويحيى السنوار، وبعضهم كان يغني لأم كلثوم وفيروز، سمعت لهجات عديدة وميزت سحنات عديدة كذلك، استطعت أن أميز بين اللهجات التي أسمعها بصعوبة، ذلك الصوت الصادر عن الميكروفونات المثبتة في الكثبان الرملية المجاورة لطابور الفحص كان صوتًا يهوديًا أشكنازيًا يتقن صاحبه الحديث بالعربية بلهجة فلسطينية بيضاء، هؤلاء غالبًا من يتصلون بنا من أجل أن يطلبوا منا إخلاء البيوت التي سيقصفها سلاح الجو، هو مستعرب ويعمل لدى المخابرات غالبًا وربما قضى معظم خدمته في الضفة الغربية، آخرون كانت لهجاتهم شمالية جليلية .. يقولون أشياء مثل "إسا" .. "تضغطونيش" .. بدكيش" ... دروز، بعضهم كانت لهجته لبنانية .. أحدهم صرخ مناديًا على شاب حاول التسلل خلسة للالتحاق بطابور الفحص: "ولك وقف مطرحك يا أخو الشلِكّة" ... كلاب سعد حداد وأنطوان لحد وجيش لبنان الجنوبي، آخرون كان لديهم النغمة المميزة للهجة البدوية السبعاوية التي نسمعها في أصوات ولهجات بدو وسط قطاع غزة وشرق خانيونس، وضابط واحد فقط كان يتحدث بعجمة واضحة ورهاني أنه تعلم العربية إما في الجيش أو السجن.
بحلول الرابعة والنصف تقريبًا بدأت الشمس تسقط أمامنا في البحر، وكنا نرى أن الطابور الأخير الموجود أمامنا على وشك الانتهاء، سُمح للناس بالحركة مرة أخرى وتدفق الناس منتقلين إلى منطقة الفحص وحاولت أن أعبر مع من عبر، لم يدركني الدور مرة أخرى، ومع أصوات إطلاق الرصاص توقفت وعدت أدراجي. هبط الليل وانتهى عمل الجنود في طابور الفحص، وبعد نصف ساعة من المماطلة تحت المطر الغزير أمرنا الجنود بالعودة مرة أخرى إلى مراكز الإيواء وأمرونا بالبقاء في المدارس والعودة في الغد، تململ الناس وحاول بعضهم البقاء ولكن، كالعادة، أقنعتهم صليات الرصاص بالعكس.
عدت أدراجي، مرهقًا منهكًا وقد ضاع مني أغلب متاعي في وسط الزحام، ولم يبق منه سوى غطاء نوم واحد فقط كنت أحميه من المطر بغطاء بلاستيكي، وقد غطيت به أيضًا حقيبة الكمبيوتر الملي��ة بالوثائق، كان هناك غطاء آخر وضعته على رأسي عند نقطة ما حتى يحميني من المطر، كنت جالسا والغطاء فوقي وعندما حاولت النهوض كان ثقل الغطاء قد تضاعف اضعافًا بسبب مياه المطر وسقط من فوقي في الوحل، ولم أحاول استعادته، فكرت في أهلي وعائلتي، بكيت كثيرًا أثناء الانتظار ودعوت الله بالساعات أن ينجي أهلي ويجمعني بهم في أقرب وقت ممكن، كانت تلك اللحظة أسوأ لحظة في اليوم كله، وعلى الرغم من شعوري بالراحة بسبب ابتعادي عن الحاجز إلا أنني لم أعرف كيف أتصرف! هل أعود إلى بيت خالتي؟ أعلم أنه موصد ولن أتمكن من دخوله، ولكن ماذا لو عاد بعض ساكني المبنى وفتحوا الباب؟ لم أكن لأخاطر بالعودة أو الابتعاد عن محيط المستشفى ومراكز الإيواء المحيطة به، فأنا لا أعلم إلى أين وصل القتال وإلى أي حد تقدمت الدبابات، كنت خائفًا أصلًا من المرور بالدبابات الموجودة بالقرب من جامع الشافعي مرة أخرى، ولولاها لعدت أدراجي إلى خانيونس أبكر من ذلك ولما انتظرت ساعات لعبور الحاجز تحت المطر، ولكن الدبابات لم تكن موجودة كما أن الطريق كانت خالية، ويبدو أن الجنود قد ماطلونا ومنعوا عودتنا باكرًا إلى حين تأمين انسحابهم من الظهرة والمعسكر الغربي، وهكذا ببساطة اتُخذنا دروعًا بشرية بالآلاف.
مشيت حتى وصلت إلى المستشفى، وخلال الطريق كان هناك الكثيرون من النازحين في مراكز الإيواء يهتفون بنا سائلين عن تفاصيل ما حدث وعن سبب عودتنا، تذكرت مع اقترابي من المستشفى بعض معارفي من العاملين فيه، بحثت عنهم وذهبت إليهم واستضافوني تلك الليلة في مكان جاف ودافئ. أخبرني بعضهم أن بإمكاني استخدام هاتفي الخلوي للاتصال ولكن اذا تواجدت في نقاط محددة في المستشفى، واحدة منها كانت بوابة قسم الطوارئ، ذهبت إلى هناك وحاولت الاتصال بكل رقم أعرفه ولكن دون جدوى، لم أتمكن من الاتصال بأحد على الإطلاق. جربت آخر رقم لصديقة من الضفة الغربية، ولسبب ما استطعت الاتصال بها، اخبرتها انني سأرسل لها أرقام هواتف أخوتي وطلبت منها أن تتواصل معهم وتخبرهم أنني بخير وأنني لم أتمكن من عبور الحاجز وأنني في مستشفى ناصر وسأعود إلى "الحلَّابة" غدًا.
قضيت ليلتي في المستشفى، في الصباح حاولت الخروج والعودة إلى الحاجز مرة أخرى، وحاولت الخروج باكرًا قدر المستطاع، ولكن المطر منعني مرة أخرى، تأخر الوقت بعض الشيء وانتصف النهار وانحبس المطر، عدت إلى بوابة قسم الطوارئ محاولًا البحث عن إشارة اتصال، ونجحت في الاتصال بابن خالتي الذي اخبرني أن عائلتي جميعًا بخير، ولكن أخي الكبير مفقود ولا يعرفون اين هو، وأن أخبارًا وصلتهم تفيد أنه موجود في المستشفى ولم يعبر الحاجز، أخبرته أن أخي ليس في المستشفى ووصل حينها كلانا وبسرعة إلى ذات الاستنتاج ... "احتمال اليهود أخذوه" ... وشعرت وقتها بالرعب! بأي حال أخبرني ابن خالتي ألا أسعى للذهاب إلى رفح، وأن أتوجه إلى المواصي، وأعطاني عنوانًا للبحث عنه.
قررت الخروج والذهاب إلى الحاجز برغم كل شيء، ونجحت في الوصول، لم يكن هناك دبابات بالقرب من جامع الشافعي كما الأمس، أثناء الطريق ومع انتهاء المعسر شاهدت حريقًا مندلعًا في أحد البيوت على جانب الطريق، ابتعدت عنه وقطعت الطريق إلى الجانب الآخر، وما أن أصبحت على مسافة آمنة منه وقع فيه انفجار مرعب، ربما نجم عن انفجار أنبوبة غاز.
وصلت إلى الحاجز، كان عدد الناس أقل بكثير من الأمس، وكان الطريق مليئا بالأمتعة التي اضطر أصحابها للتخلي عنها بالأمس بسبب التعب والإرهاق في ظل البرد والمطر، وعلى الرغم من أن تعداد الناس أقل إلا أن كثافة تواجد الجنود لا تزال كما هي، المدرعات تقف في ذات المكان الذي كانت تقف فيه بالأمس مقابل محطة المنتزه للمحروقات والجنود يطلون من كوات المدرعات بمكبرات الصوت، بينما بعض الناس يقفون خلف الحاجز وبعضهم ينتظرون أمامه في الطابور الموجود قبالة الكاميرات ويتقدمون منها في مجموعات من خمسة أشخاص.
مرة أخرى بدأ الجنود الناطقين بالعربية مهرجانًا ديالكتولوجيًا وهم يرفهون عن أنفسهم بالسخرية من الناس، ذات الجندي التعس الذي كان أمس يأمر الواقفين بالحاجز بالوقوف والجلوس تحت تهديد السلاح عاد ليمارس هوايته، بعضنا لم يكن يقدر على الجلوس أصلًا بسبب الزحام فليس لدينا حتى المساحة الكافية لنجلس القرفصاء، خاصة مع ما يحمله معظمنا من أمتعة. عندما شبع من متعته ابتعد بمدرعته عنا قليلًا وأخرج مكبر الصوت وبدأ بالغناء، هذه المرة بدأ يغني "وين الملايين؟" .. بعض الواقفين بالحاجز شرع بالغناء معه، وكان ملعون الديانة يغني ويضحك بكل بهجة.
كان عددنا يتناقص باستمرار، ويُسمح لبعضنا بالمرور كل فترة لننتظم في الطابور خلف الحاجز، مرت حوالي ثلاثة ساعات ونصف وانا واقف على رجلي وغير قادر على الجلوس، بدأ ظهري يؤلمني بشدة، حاولت الابتعاد عن الناس والبحث عن مكان أجلس فيه، رفض الواقفون خلفي أن يفسحوا لي الطريق، أحدهم قال لي بلهجة مهذبة أنه لن يفقد دوره ويعود أدراجه ليسمح بمروري، وطلب مني الصبر قليلًا .. "هيها هانت وشوية ويوصلنا الدور" .. لم أعرف ماذا أقول! وكيف أشرح له أن أوسًا وخزرجًا يحتربون في غضاريفي المنزلقة أسفل عمودي الفقري؟ بقيت واقفًا ودعوت الله أن يفرج همي بسرعة، سمح الجنود بمرور دفعة جديدة مرة أخرى، كدت أن أصل ولكن في اللحظة الأخيرة مُنعنا وتوقف تدفق الناس، هذه المرة لم يصرخ أحد، لم يطلق أحد الرصاص في الهواء، لم تتحرك مدرعة من جانب الطريق مطلقة دخانًا أبيضًا، وإنما فوجئنا بخمسة جنود يظهرون أمامنا وكأن الأرض انشقت وتقيأتهم في وجوهنا، لم ينبس أحدهم ببنس شفة، فقط سحب كل منهم أقسام بندقيته الآلية فصكت وصم صوت ارتطام الحديد بالحديد أسماعنا فتوقفنا جميعًا وتجمدنا في أماكننا، نظرت في أعينهم وملامحهم، ليس هناك بدو ولا دروز ولا لبنانيون ولا حتى ضباط مخابرات، فقط يهود أشكنازيون ينظرون إلينا بكل احتقار الدنيا وعيونهم تشع كراهية وصرامة، لم يطلق هؤلاء رصاصة واحدة في الهواء، ولو أطلقوا يومها لأطلقوا في سبيل المجزرة. كان الناس يرقصون ويغنون مع ذلك الأر��ن الذي كان يغني "وين الملايين؟" قبل دقائق، ولكن الجميع الآن، مئات منا، صمتوا كالقبور. هكذا كان وجه عدونا الحقيقي. مجردًا بدون أي فلاتر.
هتف صوت ما: "يلا امشوا" .. مشينا، ركضت .. كدت أفقد حذائي، كدت أسقط وتمسكت بكرسي متحرك مخصص للمعاقين كان محملًا بأمتعة وتدفعه سيدة مسكينة سمعت صوتها وهي تلعن أسلافي بينما كانت تتمسك بأمتعتها حتى لا تسقط، استعدت توازني وهرولت في اتجاه الحاجز، رأيت مكبرات الصوت المزروعة في الرمال لأول مرة، ومن ثغرة في الكثبان استطعت أن أرى لأول مرة العدد المهول للمدرعات والآليات المجنزرة التي كانت ترابط في ذلك الموقع. اقتربت من الحاجز بالتدريج، وأمامي كان الناس ينتظمون أمام صف الكاميرات، كل خمسة مع بعضهم البعض، وينظمهم بعض الجنود حتى لا يزيد ولا يقل العدد عن خمسة في كل مرة، ويقتادون واحدًا أو اكثر في كل مرة بعد انتهاء الفحص. وصلني الدور ووقفت أمام الكاميرات، تذكرت في تلك اللحظة أمر أخي المفقود وعاد إلي الرعب أضعافًا، وهدأت نفسي بتلاوة "وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا فأغشيناهم فهم لا يبصرون"، كانت شفاهي تتحرك بصمت ولوهلة أدركت أنني أقف قبالة كاميرا وغالبًا ما سيرى اللعين الذي يحدق في الصورة التي تنقلها شفاهي المتحركة ولربما يظنني ألقي عليه تعويذة ما. أمر الصوت الصادر من المكبرات المزروعة في الكثبان الرجل الواقف إلى جانبي بالتوجه إلى داخل المعسكر: "ثاني واحد من اليسار تعا لعندي"، وأمر بقيتنا بالعبور، أحد الشباب إلى جانبي كان يحمل في يده سطلًا مخصصًا للطلاء، كان فارغًا من الطلاء بالطبع وكان يحمل فيه بعض المتاع، سمعت الصوت الصادر من الكثبان يهتف: "ليش حامل بوية شو بدك تطرش؟ انتو من اليوم وطالع فش إلكم إلا الخيام". همست بصوت كنت واعيًا لضرورة أن يكون غير مسموع: "كس أم دينك يا ابن الشرموطة".
المسافة من المحكمة الشرعية حتى دوار جامعة الأقصى ليست هينة، ولكني لم أجروء على التوقف أبدًا خلالها من أجل الراحة، أمامي كان شاب يحاول حمل جدته على ظهره، وخلفهم كان كرسيها المتحرك ملقى على قارعة الطريق وقد انكسرت واحدة من عجلاته، حملها لثلاثة خطوات فقط ثم أسقطها وسقط فوقها، وهب بعض الناس لمساعدتهم. تقدمت حتى وصلت إلى دوار جامعة الأقصى وشاهدت هناك سيارات الأجرة تنقل الناس من دوار الجامعة إلى المواصي ورفح، سألت عن العنوان الذي أعطاني إياه ابن خالتي صباح ذلك اليوم، ودلني الناس، استغرقت ساعة على الأقل من المشي قبل أن أصل إلى وجهتي التي كانت حمامًا زراعيًا في أرض في منطقة ما من مواصي خانيونس. وصلت هناك وقابلتني ابنة أخي الصغيرة وصرخت باسمي وارتمت في حضني باكية، تبعتها أختي الكبيرة التي احتضنتني وطمأنتني أن أخي الكبير كان بخير وأنه عبر بالأمس الحاجز بسلام.
سنة على وجه التقريب مرت على تلك الأيام .. لا أزال أتذكر الكثير من تفاصيل هذه الرحلة وعذاباتها، وقد أصبحت منذ عدة أشهر أمر بذات الطريق التي مشيتها في السابع والعشرين من يناير 2024 مرة واحدة كل يوم على الأقل، فأمشي من محطة المنتزه للمحروقات حتى دوار جامعة الأقصى، الفارق هو أنه وبدلًا من الموقع العسكري فهناك مئات من الخيام ومخيمات النازحين، بينما لا تزال الكثبان التي صنعتها جرافات الـ "دي 9" في مكانها على طول الطريق. لست أعلم ما الذي سيحل في هذا الطريق لاحقًا، ومتى ستختفي الكثبان والخيام والمخيمات القائمة على امتداده. الله وحده فقط يعلم.
2 notes
·
View notes
Text
ميناء دمياط في 14 يناير 2024م - 5:10 م
8 notes
·
View notes
Text
ما بعد 25 يناير ليس كما قبلها..
وما بعد 14 اغسطس ليس كما قبلها..
وما بعد 7 أكتوبر ليس كما قبلها..
2 notes
·
View notes
Text
عزيزتي سكر
.
أما عن حالي
فهو حديث مار في أزقة الأرق
أما عن شامتي
الرقيقة
لَم تتبق لأحد
إنها في حالة انتحار
كلما أشرقت عزلتها
وقصائدي
أضمها كباقات هادئة
تتسرب فيَّ كالشقاء
والأرق يتراصف كالدموع على جداريات المساء
يغازل رسوماتي
والأسقف المحفوظة
في ذاكرتي الصدئة
.
وأما عن أُمي
فهي غيمة ملائكية في السماء
و أنا طفل للمطر
طفلٌ من ماء
.
.
مطر ..14 يناير ..2024
سهو حسين السلوم
![Tumblr media](https://64.media.tumblr.com/ff62b94b85f571bd65729968f5ab11e7/a9d6ca4d5022eb09-30/s540x810/558937bb6566a9c696ed0b4f1141d6373594c764.jpg)
#سهو حسين السلوم#رسائل إلى ابريل#مطر#disturbia#انتِ قهوتي والصباح#euphoria#رسائل مطر#فواصل من تعب#فواصل صور#قصائد
5 notes
·
View notes
Text
تاريخ نادي الزمالك: مسيرة حافلة بالإنجازات
التأسيس والبدايات
تأسس نادي الزمالك المصري في 5 يناير 1911 تحت اسم "نادي قصر النيل" على يد المحامي البلجيكي جورج مرزباخ، ليكون ناديًا رياضيًا واجتماعيًا يضم نخبة من المصريين والأجانب المقيمين في مصر. وبعد عدة تغييرات في الاسم، استقر على اسم "نادي الزمالك" في عام 1952، تيمنًا بحي الزمالك العريق في القاهرة. منذ نشأته، تميز النادي بطابعه المتعدد الثقافات وحرصه على المنافسة القوية في مختلف الرياضات، خاصة كرة القدم، التي أصبحت علامته البارزة.
صعود الزمالك إلى القمة
في السنوات الأولى من تأسيسه، كان الزمالك منافسًا قويًا في البطولات المحلية، وحقق أول بطولة رسمية له بفوزه بكأس السلطان حسين عام 1921. عندما بدأ الدوري المصري الممتاز في 1948، كان الزمالك أحد الأندية الرائدة في المنافسة، وفاز بلقبه الأول في الدوري عام 1960. مع مرور الوقت، أصبح الزمالك من الأندية الكبرى في مصر، وشهد فترات ذهبية عديدة، أبرزها في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، عندما تمكن من إحراز العديد من البطولات المحلية والقارية.
البطولات المحلية والقارية
يُعد الزمالك من أكثر الأندية المصرية تتويجًا بالبطولات، حيث حقق الدوري المصري الممتاز أكثر من 14 مرة، وكأس مصر أكثر من 25 مرة، إضافة إلى تحقيقه كأس السوبر المصري في العديد من المناسبات. وعلى الصعيد الأفريقي، يمتلك الزمالك سجلاً مشرفًا في البطولات القارية، حيث فاز بدوري أبطال أفريقيا خمس مرات، إضافة إلى كأس السوبر الأفريقي، وكأس الكونفدرالية، مما عزز مكانته كواحد من أقوى الأندية في القارة. كما شارك في كأس العالم للأندية، ممثلًا الكرة المصرية والأفريقية في المحافل الدولية.
الحاضر والمستقبل
يواصل الزمالك مسيرته الناجحة في كرة القدم تحت قيادة إدارية تهدف إلى تطوير النادي على كافة الأصعدة. يسعى الزمالك للحفاظ على مكانته المرموقة من خلال استقطاب لاعبين مميزين، وتحقيق مزيد من البطولات، والمنافسة بقوة في البطولات القارية والعالمية. كما يعمل النادي على تحسين بنيته التحتية، مثل تطوير ملعبه ومرافقه الرياضية، ليكون قادرًا على تلبية تطلعات جماهيره العريضة. بفضل تاريخه العريق وجماهيره الوفية، يظل الزمالك أحد أعرق الأندية في مصر وأفريقيا، ورمزًا للفخر لكل عشاقه ومحبيه.
تابع نادي الزمالك عبر موقع yalla shoot الرسمي لمشاهدة المباريات
0 notes
Text
سعر الذهب اليوم الأحد 9 فبراير 2025 عيار 18 بدون مصنعية بـ 3428.5 جنيه
شهد سعرالذهب اليوم الاحد 9 فبراير 2025 استقرارا نسبيا وذلك وفقا لآخر تحديثات في سوق الذهب المحلي في مصر، حيث سجل سعر الذهب وتضمنت أسعار الذهب الأتى: عيار 24 يسجل 4571.5 جنيها. عيار 21 يسجل 4000 جنيه. عيار 18 يسجل 3428.5 جنيه. عيار 14 يسجل 2666.65 جنيه. وشهد سوق الذهب العالمي تحولًا كبيرًا في يناير 2025، حيث ارتفع سعر الذهب بنسبة 6.6%، ليُسجل أول ارتفاع شهري بعد انخفاض استمر لمدة شهرين…
0 notes
Text
بسم الله الرحمن الرحيم
خبر صحفي
أجرت قيادة حركة المقاومة الإسلامية حماس سلسلة من الاتصالات والمشاورات مع قادة الفصائل الفلسطينية، حيث وضعتهم في صورة التقدم الحاصل في المفاوضات الجارية في الدوحة.
وعبر قادة القوى والفصائل خلال هذه الاتصالات عن ارتياحهم لمجريات المفاوضات، مؤكدين ضرورة الاستعداد الوطني العام للمرحلة القادمة ومتطلباتها.
وأكدت قيادة الحركة والقوى المختلفة على استمرار التواصل والتشاور حتى إتمام اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الذي وصل إلى مراحله النهائية، معبرين عن أملهم أن تنتهي هذه الجولة من المفاوضات باتفاق واضح وشامل.
حركة المقاومة الإسلامية - حماس
الثلاثاء: 14 رجب 1446هـ
الموافق: 14 كانون الثاني/ يناير 2025
الموقع الرسمي - حركة حماس 🫡
#طوفان الاقصى#غزة العزة#gaza#free gaza#هنا غزة#الله أكبر#أمة واحدة#واثقون بنصر الله#free palestine#palestine#غزة تموت جوعا وحرقا وبردا#ثورة الغضب لغزة#سوريا syria#السودان يذبح سراً
9 notes
·
View notes
Text
نمو الأعمال يعود إلى منطقة اليورو في يناير 2025 بعد شهرين من الانكماش : روكب اليوم الاقتصادية
روكب اليوم 2025-02-05 10:14:00 أظهر مسحٌ، يوم الأربعاء، أن نشاط الأعمال في منطقة اليورو عاد إلى النمو في بداية العام بعد شهرين من الانكماش مع استقرار الطلب. وارتفع مؤشر مديري المشتريات المركب النهائي لبنك هامبورغ التجاري، الذي تُعِده ستاندرد آند بورز غلوبال ويعتبر مقياساً جيداً للصحة الاقتصادية العامة، إلى 50.2 في يناير كانون الثاني من 49.6 في ديسمبر كانون الأول 2024. وكان التوسع في صناعة…
![Tumblr media](https://64.media.tumblr.com/28fa4db7370996d629e9880c376eea55/177c3b9d56f30495-34/s540x810/cc34d99a86a810f3a79b0779a4b60b943f5d9285.jpg)
View On WordPress
0 notes
Text
كندا يناير S&P Global Manufacturing PMI 51.6 مقابل 52.2 قبل
قبل كان 52.2 سيتم تداول الدولار الكندي على البيانات الاقتصادية اليوم. كتب هذا المقال من قبل آدم باتون على http://www.forexlive.com. 2025-02-03 14:30:12
0 notes
Text
حجم 4.9 إضرابات الزلزال بالقرب من محطة ATTU ، Aleutians West ، ألاسكا ، الولايات المتحدة الأمريكية
قبل 14 دقيقة فقط ، ضرب زلزال 4.9 ماء بالقرب من محطة ATTU ، Aleutians West ، ألاسكا ، الولايات المتحدة الأمريكية. تم تسجيل الهزة في الظهر يوم الجمعة ، 31 يناير ، 2025 ، الساعة 1:19 مساءً بالتوقيت المحلي ، على عمق ضحل يبلغ 6.2 ميلًا تحت السطح.تم تقديم هذا الحدث من قبل المركز الأبحاث الألماني لعلوم الأرض (GFZ) ، وهي أول وكالة زلزالية للإبلاغ عنها.استنادًا إلى البيانات الزلزالية الأولية ، ربما كان…
0 notes