لأنصرنك و لو بعد حين
اعتدت ان اعبر عن مشاعري في هذه المدونة
حيث انها الملجأ السري الخاص بي عندما لا اجد من يستمع إلي
لكن هذه أول مرة في حياتي أشعر بهذا الألم في صدري
لا أعلم لمن سوف اشكي وجعي لا أعلم ماذا أقول اصلًا
لهذا قررت ان اكتب كل شيء في بالي هنا و بدون تفكير لعلي أريح قلبي ولو بالقليل.
تبدأ حكايتي منذ ان كنت طفلًا، كانت امي تخبرني دوماً : “ أنت حتصير دكتور “.
كنت أرفض هذا ليس لشيء سوى انني كنت طفل لا أعي الحياة و صعوبات الحياة.
أسرتي ميسورة الحال و أنا هو البكر، كنت دائماً ما أحرص على على ان احصل اعلى الدرجات، عندما ارجع للمنزل و اعطي امي ورقة النتائج أرى الفرح في عينيها و السرور، شعوري لا يوصف حقاً شعور بالسعادة ليس لأنني حصلت أعلى الدرجات بل لأنني رسمت هذه الملامح على وجهها.
عندما أقبلت على دخول الجامعة بدأت أعي هذه الحياة .. أو ظننت أنني اعيها.
قررت أن اختار التخصص الذي سوف يوفر لي الوظيفة و المال الذي استطيع به ان اعين امي و ابي و الذي استطيع به أن اكون حياتي.
اخترت الطب في جامعة أم القرى بمكة المكرمة و عائلتي كانت تسكن مدينة جدة.
و نظراً بأن الجامعة في اقصى جنوب مكة و منزلي في اقصى شمال جدة، اضطررت ان اسكن بالقرب من الجامعة.
من حسن حظي ان صديقي و اعز اصدقائي التحق بنفس الجامعة.
بدات حياتي تتغير منذ تلك اللحظة التي قدت فيها سيارتي لاول مرة في حياتي الى مدينة جديدة لا اعلم فيها اي شيء حرفياً.
ضعت في الكثير من المرات حتى استطعت ان اتمكن منها.
بدات حياتي تتغير منذ تلك اللحظة التي قدت فيها سيارتي خلف ابي حتى يوصلني الى غرفتي المستأجرة في مكة ثم يعود هو و امي الى جدة و يتركوني.
في البداية عزيزي القارىء كنت في اشد السعادة انني سوف اعتمد على نفسي و اسكن وحدي، و هنا تكمن خباثة هذه الحياة، لم اكن اعلم انني كنت سعيد بتواجدي في جحيم ليس له نهاية.
لم يكن يواسيني في تلك الايام سوى المنظر الذي في رأسي، و انا اقف تحيط بي عباءة التخرج و ابي بجانبي و صديقي بجانبي و امي تنظر إلي بكل فخر، كنا انا و صديقي في كل يوم نصل فيه إلى قاع الاحباط و التعب من الدراسة نتذكر هذه الصور الجميلة التي رسمناها في مخيلتنا و من ثم نكمل بكل امل.
مرت السنة الاولى التحضيرية و في الصيف كنت انتظر رسالة القبول في كلية الطب.
من عادتي ان اضع رقم امي في كل معاملتي الدراسية لانني لم اكن احمل رقم ثابت في وقتها.
في يوم ٢٨ من رمضان عام ١٤٣٢ هجري بعد وجبة الافطار كنت مع امي و اختي في احدى الاسواق ننتظر حتى تفتح المحلات.
كانوا امي و اختي يجلسون على كرسي في وسط السوق و انا جالس على الارض.
لا انسى تلك اللحظة ما حييت، جاءت رسالة إلى جوال امي : مبروك تم قبولك في كلية الطب و الجراحة .
فرحة امي في تلك اللحظة لا يعادلها شيء.
فجأة اصبحت تصرخ و تبكي وسط الناس و تقول : “ ولدي دخل كلية الطب .. ولدي دخل كلية الطب”.
وقتها لا اخفي عليكم سعادتي و لكن سعادتي لم تظهر بملامح وجهي.
باركت لي اختي الصغيرة و لم استطع ان ارد عليها سوى ان اقول : “ الله يعين “.
بقيت ستة سنوات استرجع هذه الذكريات و في كل مرة لا اعلم لماذا قلت لها هذا.
بقيت في الكلية ستة سنوات و في كل سنة كنت مهدد بالرسوب و لكنني انجح ولله الحمد بدون ان ارسب.
وصلت إلى السنة الاخيرة من مشواري بالكلية و قد قررت ان اصبح جراح بإذن الله.
بدات السنة و كل تركيزي هو ان احصل على تقدير جيد بكل المواد حتى احافظ على معدلي و لانني لا اريد ان ارسب في اخر سنة لي.
انتهى الفصل الدراسي الاول و علاماتي في الجراحة التخصصية و جراحة العظام كما خططت لها، لكنني قد رسبت في الجراحة العامة.
عندما علم دكتور المادة بهذا الشيء صُدم و اخبرني انه من غير المعقول انني قد ارسب فانا كما يزعم من الطلاب المجتهدين، بالنسبة لي لم اعد اعلم ماذا يعني الاجتهاد.
عندما اراني علاماتي تبين لي ان احد المسؤولين بالكلية رفض ان انجح لانه يزعم ان لدي ملاحظات.
العجيب في الامر ان هذا الدكتور لا يعرفني و لم يختبرني و لم يدرسني و ليس بيني و بينه اي تعامل ابداً.
ذهبت إليه لاخبره فكان اول سؤال : من انت ؟
فعلًا شر البلية لا يضحك
اخبرته باسمي و انني فشلت في الجراحة العامة فقاطعني و قال : نقول الباطنة كمان ؟
و بهذه الكلمات انساني كل ما جئت من اجله و كانها صفعة من حيث لا اعلم.
انا لا اعلم ماذا فعلت له ليعاملني بهذه المعاملة القاسية و لكنني اعلم يقيناً ان رب العالمين لا يظلم احد و سوف ينتصر لي عاجلًا ام اجلًا.
انتهت السنة و حصلت على علاماتي كما خططت لها ببداية السنة.
يوم ٤ رمضان عام ١٤٣٨ هجري
يوم علامات مقرر الباطنة استيقظت من النوم على اتصال بانني قد رسبت في مقرر الباطنة، “ الحمدلله على كل حال “ قلتها و قمت من سريري إلى امي التي تطبخ الفطور كل يوم في رمضان منذ ان تزوجت من ابي قبل ٢٤ عام.
٢٤ عام تتعب و تدرس و تغسل و تداوي و تسهر من اجلي، من اجل هذه اللحظة التي اخبرها انني فشلت فشلًا ذريعاً.
حقيقة لم اكن حزين من اجل الفشل بحد ذاته، كنت حزين لانني لا اعلم اين الخطأ الذي ارتكبته، فقط كنت ادرس طيلة الوقت و لا اغيب عن محاضرة، كنت انهي جميع المتطلبات قبل موعدها فاين الخطأ الذي ارتبكته ؟
لا اعلم حقاً.
كل الذي اعلمه انه كان يوم اسود على المنزل، خرجت والدتي من المنزل بعد الفطور و لم تعد للمنزل حتى الفجر، عندما سالت اخي اخبرني انها ذهبت مع صديقة طفولتها إلى الشاطىء و انها استمرت بالبكاء لساعات طويلة.
يوم ٥ رمضان اليوم الذي يليه استيقظ على اتصال من صديقي يخبرني انه حصل خطأ و انني قد نجحت.
نعم عزيزي القارىء هذا ما وصلت اليه كليتنا التي حقًا لا افتخر بكوني درست فيها.
اليوم هو السادس من ذو القعدة ١٤٣٨ هجري الموافق ٢٩ اغسطس ٢٠١٧
اليوم يقف صديقي في حفلة التخرج مع والده بجانبه و امه تنظر إليه بكل فخر.
كما خططتنا تمامًا.
لكنني لست بجانبه بل انني في غربة بعيد عن اهلي و هذا هو اليوم ال٣٠ لي في هذه الغربة، و والدي ليس هنالك ايضاً بل انني اتصل عليه حتى يرسل لي المال، و والدتي ليست هنالك ايضاً.
انا الان في مناوبة بالمستشفى العسكري بجنوب المملكة، ما بين الطوارىء و غرف المرضى و غرفة العمليات، و في نفس هذا الوقت فإن اصدقائي يستعدون للبس عباءة التخرج.
اليوم ذكرت لنفسي هذه القصة، لانني عرفت اخيراً لماذا قلت لاختي ذلك الكلام عندما قُبلت بالكلية.
اليوم انا اجزم ان هذه الحياة قاسية و غير عادلة.
اليوم استنتج ان الواقع مثل النهر الجاري، ان حاولت ان تقاومه لتوقفه فسوف يبتلعك و يحطمك، بدون اي ذرة رحمة.
إن ألمي و خاطري المكسور لا علاج لهم، و عيناي التي جفت فيهما الدموع اصبحت تبكي بلا دموع.
اليوم انا قد خذلت امي و ابي.
اليوم حرمتهم من اجمل لحظات حياتهم التي كانوا يذكروني بها منذ طفولتي.
لا اعلم حقيقة ماذا اقول الان، هل اعتذر، ام اكمل حياتي كأن شيءً لم يكن.
لا اعلم لماذا بعد كل هذه السنين و التعب و الجهد و السهر يقوم احد الدكاترة بجعلي في هذا الموقف.
كل الذي اعلمه حقًا و يقينًا هو ان الله سوف ينتصر لي
كل الذي اعلمه هو انني في كل لحظة اقوم بالشكوى لله و من سوء حظه انه اسمه متواجد في كل شكوى.
قال الله سبحانه و تعالى في حديث قدسي عن دعوة المظلوم : وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ .
ونعم بالله.
3 notes
·
View notes
⛅️ إشــツـراقة_الصبـاح ⛅
الاثنين ١٤٤١/١١/٢٩ ذو القعدة
2020-07-20~يوليو~
🔅ـــــــــــــــ♡ــــــــــــــــ🔅
إنك إن اتكلت على نفسك وتقوقعت
على ذاتك في لحظات الهمّ والانكسار
فليس يزيدك ذلك إلا هشاشةً وحسرة،
أمّا إن لُذت إلى باب الله وبرّدت على
قلبك المحزون بآيات تبثّ الأنس
فيه، ودعواتٍ تُزيح الثقل عنه فقد
احتميت بالركن الآمن؛ فخذ لك من
خلوات الليل زادًا.
صبــ⛅ــاح.اللجوء.الى.الله.♡
0 notes