#هلاوس الرعب

[sama-dai]

عزيزي؛ سمعت صوتك اليوم، وتبدى لي كنهار وسط ظلمة الوجع. أردت قول الكثير، إلا أني صمت عني؛ خوفا من أن أحدش رقة اللحظة. وودت لو أسألك: "وهل من مهرب من الألم؟ وهل من بد من الهزيمة؟ وإلى أين تمتد خيباتنا؟ وإلى متى نصمد في وجه الذعر؟" أردت أن أحدثك عن أثر الرواسب في القلب، عن قلبي المتضخم بالتوق، عمن هجرته كي أحيا فطاردني ظله إلى أبد الآبدين. كانت المعضلة التاريخية "نكون أو لا نكون" وانتهت ب "نكون فيكون الألم، أم نموت فتتلاشى المخاوف والأشباح!" قيل في القرآن: "وخلق الإنسان ضعيفا" بينما أرفض ضعفي بحمق، وأعامل نفسي بقسوة الزاهدين. ولم أكن يوما بقديسة كي أحمل الأوجاع على ظهري بصمت. ولم أكن من العارفين كي أصبر كما صبر أيوب. أقول لك أن "الحياة تقضمنا بثغورها الصغيرة"، ونحن نقف بشموخ على أكثر من حافة. وكل ثقب يقود إلى آخر. وها أنا أقف في وجه نفسي مذعورة كقطة ترتجف في العراء. أداري نفسي التي سرقتها عنوة من فم متجبر؛ خوفا من أن تهتز قدماي، من أن أواجه ما مضى فأغرق فيه كليا. هناك قطعة ناقصة في الأحجية، تجعلني أدور وأدور حول الفراغ. هناك عالم موازٍ فارغ مني؛ لذا كانت "ناي" تذكرني بالحنو ولو قليلا على نفسٍ تُطبِّب نفسها بنفسها كلما اغتالتها طلقة من الفراغ. وكانت "نارا" تشد على يدي لحظة أن مسني الرعب من ذاكرة حية، تنادي اسمي كي لا أنساه، وتشملني بعطف يشبه تربيتة على الكتف. هكذا يا عزيزي أدعي أني غير حقيقية لأحتمل هلاوس الظلمات، لأكون أكثر خفة وصمودا. في النهاية لا تهم الحكاية قدر أهمية ما شعرنا به وتغاضينا عنه. كن بخير دائما وأبدا.

عزيزي، رأيت شخصا يشبهك اليوم، وأردت احتضانه! ولولا الحرج لقلت له امنحني عناقا واسعا يُسقط عني عبء الاشتياق. إلا أنه لم يكن أنت، وليس لي دلال عليه كما كنت معك. وإنما هو غريب ضحكته منك. لا أدري ما سبب انجراف مشاعري إلى هذا الحد تجاه شخص استوقفتني الحياة معه لبضع دقائق! ربما لأنك ومنذ عدة أيام حاضر في ذاكرتي. ما أريد قوله أني أحن إلى لحظات تجمعنا سويا. بل أنا بحاجة لذلك.