كان لابد لي من أنّ أترك كل شيءٍ على الرفّ لتصاحبهُ الأتربة ، وتعلو فوقة حبات الغبار المتغطرسة ، كان لابد من أنّ اتجرأ وأحذو هذه الخطوة ، أن اترك كل ماتعلمته عن ادارة الوقت وترتيب الأوليات الأهم فالاقل اهمية ، لكي لا أصاب بالفصام أو الجنون ، أو حالةٍ طبية لا أعرف تشخيصها فابدأ البحث الى مالا نهاية ! وتبدأ سيالاتي العصبية بالعصيان فلا يهدأ لي شأن ! قررت ايضاً بأن أقضي الدقائق المعدودة قبل النوم هذه المره لا من أجل الاحلام ، بل من اجل التساؤلات . وبدأت بهذا السؤال الوجودي من أنا؟ تذكرت فوراً بانني لم أكنّ يوماً أعنّي ماقلته عندما قلت عنّ نفسيبأنني " ابسط مما تتخيّل وأعقد مما ترى " وتحديداً الجزء الثاني الذي يتعلق بالعقدة .. حتى أيقنت انها ليست عقدة إنّما اختلاف عن البقيّة لهذا كنت مازال اصارع في تقلبّات نفسي ، لذا غيرت السؤال ! لا اعرف جدياً من أنا ! عدا ايماني الدائم باني خليطٌ من أطياب الاخرين ،، أيعقل بأن يعرفنا الاخرون اكثر مما نعرف عن أنفسنا ؟ هذا غباءٌ ايضاً فالانسان الحرّ الحيّ مليءٌ بالمفاجائات والتقلبات . لا يضلّ على وتيرةٍ واحدة . اذاً لا تحاول بإن تعرف من أنت او حتى بان تتسائل فنحن متقلبون كالسنة اللهب الى أنّ ننطفي . في فيلم انجمار برجمان للسويدي اوتمان سونادا تقول البطلة " يجب علي المرء أن يتعلم كيف يعيش ، أنا أمارس هذا كل يوم ، أكبر العقبات التي تصادفني هي عدم معرفتي من أنا ، أتلمس طريقي كالعمياء . اذا احبني أي شخص كما أنا ، ربما أجرؤا اخيراً ، وانظر الى نفسي .. لكن بالنسبة لي : هذا الاحتمال مستبعد تماماً " غيرت السؤال لآخر .. اكثر وضوحاً فسألت لماذا انا عالقةٌ في هذه الحياة ؟ المليئة بالضغوط الآن انا في السنة الرابعة ، في المنتصف مابين وبين .. في الرماديات وكأني اتصفح مدونة ماورائيات ، فلا الساعة هي الساعة ولا الثانية غدرت بي المسلمات ، وأصبح سؤالٌ يدور كنحلة طنانة لا تهدأ في غياهب عقلي ، لماذا اريد أن اصبح طبيبة ؟ هل حقاً هو الطب ما أحب ؟ هل هو ما أهوى ؟ هل هذه المرحلة الَتِي حالياً تخيفني وترهقني من لمس المرضى والاستماع الى معاناتهم ستغيريني ؟ لماذا ؟ كيف ؟ مالذي ينتظرني .. هل هو الخوف مايجعلني مترردة أم توتر البدايات الجديدة .. أنا لسا أدري ! عندما رأيت اول مريض اقتربت منه ولكني ابتعدت عنّ نفسي ألفيّ ميل ، أنّ تهتز اشياءٌ بداخلي وترتعش ، هذا أمر جديد ، بينما اعدت أنا الثبات ، هذه المرحلة تقذف بي الى المجهول تماماً ، وبينّ كل هذه التساؤلات لا جواب ، عدا التسلحّ بالمعرفة والنوم العميق ، والانفتاح على الأشخاص ، بل الشخصيات ، وتقبّل الاراء المختلفة ، يبدو الطريق ضبابياً وابدو حائرة ، لكنّ الحقيقة التي لا مفر منها بانّ كل شيء سيمضي ، وسأضيف كل التجارب والاحداث والاحاسيس وغصغصات الروحّ لاعمق اعماقي .. لذكرياتي النديّة لأيام كنت بها صبيّة . فيا تلك الليالي الموحشة ، ليالي الطّب الموحشة . عليك السلام ومنك السلام .
أعرف إن الطريق طوّلت ، وأنا لازم أخلص وأتحرك للخطوة التالية ،مكاني لازم يتغير و طريقي لازم تتعرف لطريق جديدة الحقيقة الوحيدة أنا أكيدة منها .. رؤيتها من بعيد كانت أسهل بكثير ،ما عرفت القلق المخيم على "الحدود" والخوف من مجرد العبور إِلا اليوم. ( إذا كانت كتاباتي تزعجك/تحبطك .. بإمكانك تعمل آنفولوا وأعتذر لأَنِّي راح أستمر في التعبير لآخر يوم :) وإذا كانت مصدر تشجيع لك مثل ما هي لي تسعدني متابعتك 🌹) #طالب_طب #دراسة_الطب #طب #صحارتنامو -الصورة مثل ماهو واضح من تصوير الفنان أخوي الصغير💙-