#شمس الدين ضوالبيت
Explore tagged Tumblr posts
muslimaltag · 2 years ago
Text
منهج « الكتاب والحكمة » هو الذي جعل من الإسلام دينا صالحا لكل زمان ومكان ، وليست الشريعة ؛ ذلك أنه يحسب لتطورات الحياة حسابها . فجاءت النظم الاجتماعية والاقتصادية التي شرعها القرآن مطابقة للواقع الاجتماعي والأساس المادي القائم في جزيرة العرب آنذاك ، وأجابت عن حاجات مادية وروحية واجتماعية للجماعات المتعددة التي كانت تعيش ذلك الواقع ، غير أن المنهج اشتمل أيضا الآلية التي لا تتيح فقط التكيف مع الأوضاع الاجتماعية المستجدة فحسب ، وإنما تقدم أيضا الحافز لتغيير هذا الواقع باطراد ، والتقدم به باستمرار نحو مقاصده وغاياته الكلية ، وهي أن « من يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب » ( 269 البقرة ) .
والأمثلة والبرهان لذلك كثيرة، منها:
- عدة المرأة هي الأيام التي بانقضائها يحل لها التزوج مرة أخرى ، يقول تعالى في سورة البقرة : « والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن » ( 228 البقرة ) . وفي سورة الأحزاب : « يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها .. » ( 49 الأحزاب ) ، وفي سورة الطلاق « واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن ، وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن » ( 4 الطلاق ) . فالآية الأولى تأمر المرأة المطلقة التي لا تنطبق عليها شروط خاصة ، بألا تخفي حملها إن كانت حاملا ، وذلك بعد أن حددت مدة العدة . وبينت الآية الثانية أن المرأة صغيرة السن التي لم تحض بعد ليس عليها عدة إلا في حالة الشك . والمعروف أن انتفاء الحيض ينفي إمكانية الحمل . وبينت الآية كذلك أن المرأة كبيرة السن الأيسة ، التي انقطع عنها الحيض ليس عليها عدة إلا في حالة الشك . ومن المعلوم كذلك أن انقطاع الحيض ��نفي إمكانية الحمل . كما بينت هذه الآية أن عدة المرأة الحامل أن تضع حملها « ولو كان ذلك بعد الطلاق أو الموت بفواق ناقة » ؟ هذه النصوص جميعها عالجت موضوع العدة بأحكام مختلفة تبعا لحالات المرأة المختلفة ، بقدر إسهام هذه الحالات في توضيح ما إذا كانت المرأة حاملاً أم لا . وأوضحت بذلك ، أن الغاية من حكم العدة هي التأكد من براءة رحم المرأة من أثار الزوجية السابقة ، وما الحكم إلا وسيلة قابلة للتغيير حسب الظروف للوصول إلى هذه الغاية . ويلاحظ هنا ، أن الحكم – وهو الكتاب أو الوسيلة في منهج الكتاب والحكمة - جاء مناسبا للشرط التاريخي التقني عند نزول القرآن الكريم . فالانتظار لفترة زمنية معينة ، حتى يتبين الحمل كان هو أفضل الوسائل المتاحة وأيسرها لتحقيق الغاية منها . وغني عن القول إن تطور العلوم الطبيعية والاكتشافات العلمية قادت إلى اختراعات تقنية عديدة جعلت من الممكن الكشف عن الحمل خلال فترة لا تتجاوز أياما قليلة من وقوعه ، وهي فترة لا شك ستتناقص بمرور الأيام -ومعها العدة – من خلال أجهزة أحدث وأكثر تطورا . وما ينطبق على هذا الحكم من قائمة الأحوال الشخصية ينطبق على غيره من أحكام الشريعة الإسلامية ؛ لأن المنهج واحد ، ولأنها جميعها وسائل لغايات محددة ، يعتريها ما يعتري الوسائل من تغيير وتطور .
- في المرحلة التأسيسية الأولى يبرز ويتمايز اجتهاد الخليفة عمر بن الخطاب في إدارة الدولة والمجتمع ، وفي التعامل مع الواقع وحل المشكلات ؛ فهو ليس اجتهادا فيما هو ظني الثبوت ، أو ظني الدلالة ، أو ظني الدلالة والثبوت من النصوص ، فحسب ، بل هو أيضاً اجتهاد فيما هو قطعي الدلالة والثبوت ، وهو لا يقف عند حدود الفهم والاستنباط والتفريع والترجيح والتبرير للأحكام المستنبطة من النصوص قطعية الدلالة والثبوت ، كما درج على ذلك السلفيون من بعده حتى يومنا هذا ، وإنما يتعدى ذلك إلى تغيير أو تجاوز أو استبدال هذه الأحكام وتزخر كتب التراث بأمثلة كثيرة على هذا النوع من الاجتهاد ، منها : أن جماعة من العرب أظهروا الإسلام « وكانوا سادة في قومهم ، فجعل الله لهم سهما في الصدقات ، وأمر النبي أن يعطيهم هذه السهم تألفاً لقلوبهم في قوله تعالى : « إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم » ( 60 التوبة ) .
وكان الرسول ومن بعده أبو بكر قد أعطوهم من الفيء ومن الزكاة . فلما استخلف عمر قال لهم : « إن الله أعز الإسلام واغني عنكم » ، ثم منع هذه الطائفة كلها ما كان لها من نصيب في الزكاة ، وجعلها لغيرها من المسلمين . وتجاوز بذلك حكما لنص قرآني قطعي الدلالة والثبوت كذلك كانت السنة النبوية التي لم يخالفها أو يجتهد معها أحد على عهد الرسول وخلال عهد الصديق تقضي بتوزيع أربعة أخماس الأرض المفتوحة على مقاتلة جيش الفتح ، عملا بقوله تعالى : « واعلموا أنما غنمتم من شيء ، فإن الله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامي والمساكين وابن السبيل » ( 41 الأنفال ) .
وكان ذلك قانونا متبعا منذ فتح خيبر وتوزيع غنائمها ( سنة 7هجرية ) . غير أن عمر ابن الخطاب رأى أن ( علة الحكم ) التي اقتضت التوزيع عند فتح خيبر قد تغيرت أمام وضع هذا الفتح الجديد ، وانضمام هذه البلاد الجديدة إلى ديار الإسلام ، بكل ما يتطلبه ذلك من حسن إدارة مواردها الاقتصادية لمصلحة أهلها المقيمين عليها الذين سيصبحون الآن ثغراً من ثغور المسلمين ، ولمصلحة الفاتحين لها على تعاقب أجيالهم . لذلك رفض عمر توزيع الفيء على المقاتلة ، وترك الأرض لأهلها ، واستبدل الفيء بالخراج والجزية .
كما أقر سياسة عمرو بن العاص حين حبس خراج مصر وجزيتها وصرف منها على إصلاح القنوات والطرق وما شابه ذلك . فهنا أيضا يستبدل عمر حكما لنص قطعي الدلالة والثبوت بحكم آخر ؛ لأن ( علة الحكم ) قد تغيرت مع الزمن . أيضا كانت الجزية قانونا قائما وحكما ثابتا على الكتابيين الذين يطيقون حمل السلاح ، لقوله تعالي : « قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون » ( 29 التوبة ) . ولكن عندما أراد عمر أخذ الجزية من نصارى بني تغلب ، قيل له : « إنهم عرب وقد أعلنوا نفورهم من دفع الجزية ، والمحوا إلى أن فرضها عليهم سيغير من ولائهم الذي محضوه للدولة » فقبل عمر حجتهم وأسقط عنهم الجزية.
- وهناك أمثلة أخرى عديدة لمسائل واجتهادات مماثلة مشهورة ، من بينها تعطيله لحد السرقة في عام الرمادة ، عندما تفشت المجاعة والقحط في الجزيرة العربية . وإحجامه عن تطبيق حد السرقة أيضاً على علمان لحاطب بن بلتعة سرقوا ناقة لرجل ، ولم يطبق حد الزنا على امرأة زنت ؛ لأنها اضطرت إليه اضطراراة ، هذا على الرغم من ثبوت حدي السرقة والزنا بنصوص قطعية ثابتة . ويكفي ما أوردناه من الأمثلة ، لكي نوضح أن مجمل المنهج الذي انتهجه عمر بن الخطاب وبه جاءت اجتهاداته موفقه وصائبة ، وموافقة لمصلحة الجماعة وروح الدين ؛ لأنه كان « يؤمن بأن الإسلام روح وعقيدة ، وأن الإنسان لا يكمل إيمانه حتى يدرك الروح الذي أوحى الله بها دين الحق إلى رسوله » . لذلك كان عمر يطبق أحكام القرآن بالروح التي نزلت بها ، « فإذا ثبتت عنده سنة من رسول الله من قول أو فعل ، عرف مناسبة هذه السنة ليكون دقيقا في الأخذ بها ، فقد كان يسترشد بالروح لا بالحرف في ما يعرض . وكان لعظيم إيمانه ولشدة امتثاله تعاليم رسول الله ، جرينا في الاجتهاد ، وإن خالف ظاهر ال��ص » . ولم يكن عمر يفعل ذلك ، إلا لأنه كان يعلم أن أحوال الجماعة تتغير ��تغير الزمان والمكان ، بينما تبقى الحروف ( أو نصوص الأحكام ) ثابتة لا تتغير بعد اكتمال نزول القرآن ، لذلك كان « إذا ورد نص لم يبق من أحوال الجماعة ما يقتضي تطبيقه لم يطبقه ، وإذا اقتضت أحوال المجتمع تأويل النص أوله » ، حريصا في هذا وذاك على ملاءمة الحكم لأحوال المجتمع وظروف القضية ، حتى إنه كانت « تعرض عليه القضية يفتي فيها ، وبعد حين تعرض عليه قضية مماثلة ، فيفتي فيها فتوى مغايرة . فإذا سئل عن سر هذا التفاوت قال ( ذلك على ما قضينا ، وهذا على ما نقضي ) ، لأن ظروف القضيتين مختلفة ، وإن تماثلت الوقائع » . فهو كان يراعي من جانب أحوال المجتمع وظروف القضايا المتغيرة والمتبدلة ، مع حرصه من جانب آخر على أن يتسق الحكم مع روح المبادئ والتعاليم المحمدية السليمة . فمنهج عمر كان يتضمن عنصرين :
أولهما أن للإحكام ( روحاً ) تظل باقية وإن تغير الحكم نفسه ، وهذا ما أسماه الشاطبي مقاصد الشريعة ، ويسميها آخرون حكمة النص ، وليس بينهما اختلاف ؛ لأن الحكمة هي « حقيقة القرآن » : أي روحه ، وثانيهما إقراره أن أحوال الجماعة يصيبها التغيير والتبدل مع تغير الظروف والأوضاع والأزمان . وليس هذا العنصر الأخير إلا المبدأ العلمي المعروف بالتاريخية ، والذي يعنى بدراسة التغييرات التي تصيب البني والمؤسسات والمفاهيم من خلال تطور المجتمعات عبر الأزمان وتعاقب السنوات.
______
★ منهج الكتاب والحكمة - مدخل إلى الإصلاح الديني الإسلامي
★ الكاتب : شمس الدين ضوالبيت
1 note · View note
muslimaltag · 2 years ago
Text
وذلك في عالم يشهد تسارعاً في التقدم العلمي والمعرفي ، حيث أصبحت المعارف الإنسانية تتضاعف اليوم كل سبع إلى عشر سنوات ، مما يعني أن تطور العلوم والمعارف في النصف الثاني من القرن العشرين يعادل تطورها المديد عبر آلاف السنين منذ نشوء المعرفة.
وقد صاحب هذا التطور المعرفي العلمي والتقني الكبير ثورة في « الآمال والمطامح ، أمال الأفراد والفئات والشعوب في التحرر من الاستعباد والاستغلال ، واكتساب الكرامة الإنسانية » . ويسرت إنجازات العلم المتتابعة سبل الاتصال ، وفتحت الخيرات الناتجة عنها عيون الناس على إمكانات تحسين سبل حياتهم وإصلاح أوضاعهم . ولم يعد في مثل هذا العالم المتفجر بالمعارف والعلوم والتقنية والطموحات والآمال العريضة مجال للجمود والسكون والانغلاق أو الانكفاء . ولم تعد تكفي لمواجهة أخطار الجرف والإمحاء التي تصدر عن هذا التغيير المتسارع ، وضمان البقاء والتقدم في إطاره ، لم تعد تكفي مجرد المجاراة والتكيف مع سياقه ، « إذ إنهما لا ينقذان من التبعية والخضوع للقوى التي تبعث التغيير ، أو التي تتحكم به » ، بل لا بد ، بالإضافة إليهما من القدرة على استباق التغيير والإعداد له ... بالتشوف المستقبلي والتخطيط والابتكار » ، وهي جميعا سمات لا تتصف بها الأنظمة المعرفية الإسلامية السائدة ، سواء في صيغتها الصوفية أو الشيعية أو السنية .
★ منهج الكتاب والحكمة - مدخل إلى الإصلاح الديني الإسلامي
★ الكاتب : شمس الدين ضوالبيت
0 notes
muslimaltag · 2 years ago
Text
«كذلك تعاني البلدان الإسلامية من التشرذم والتفتت السياسي والاجتماعي ، وظلت البلدان الإسلامية هي الأكثر عرضة لمخاطر النزاعات العرقية . فمن بين عشرين دولة شهدت نزاعات عرقية حادة عام 1995 ، على سبيل المثال ، شكلت الدول ذات الأغلبيات المسلمة ، أكثر من نصف هذا العدد . وقد وصلت حالة التشرذم والتفتت إلى مرحلة الانفصال السياسي في بعض هذه الدول ، كما كان الحال في باكستان ، والسودان .
هذه وغيرها من الظواهر والأزمات ، التي عانت منها المجتمعات العربية والإسلامية ، ومن بينها المجتمع السوداني ، نتجت عن فشل أطرها الفكرية والعلمية والثقافية التقليدية في مجابهة تحديات وتطورات ، وإشكالات ، وظروف تاريخية جديدة ، سواء كانت داخلية على مستوى هذه المجتمعات ، أو خارجية في الإطار البشري الذي يحيط بها . فلم تستطع هذه الأطر تولید معارف تواجه بها تحديات التنمية والمساواة والمشاركة الشعبية في السلطة والثروة والهوية ؛ وذلك في ظل منافسة مؤثرة من مفاهيم وقيم ومؤسسات الدولة الحديثة . وجميع هذه الإخفاقات هي أعراض لأزمة النظام المعرفي الإرشادي السلفي لهذه المجتمعات ، والذي عجزت مكوناته عن مجابهة التحديات المستجدة ، والتعامل مع التطورات الحادثة ، وإيجاد حلول للمشاكل في المجتمعات الإسلامية المعاصرة ، بأسلوب يزيل التناقض القائم بين هذه الظواهر وبين قيم العدالة والعلم ؛ ذلك أن أزمة الأنظمة المعرفية الإرشادية تنشأ عندما تخفق حلولها الموروثة ، وقواعدها المعتمدة ، ومؤسساتها القائمة على مكونات النظام المعرفي ، في تحقيق النتائج المرجوة ، وفي معالجة المشكلات التي تواجه المجتمعات ، وعندما تقصر آلياتها عن تحقيق العدل ، في قيمته العقلية وليست النقلية ، على مجموعة أفراد أو فئات هي موضوع أو محتوى الظاهرة ، « كاشفة عن شذوذ لا يجدي معه أي جهد لملاءمته مع ما هو مرتقب‘‘ ولم تقتصر قائمة القضايا التي أخفقت الحلول الموروثة للنظام المعرفي السلفي في معالجتها ، بأسلوب يوفر الإحساس بالعدل من جانب المستهدفين بها على قضايا الحرية والمعرفة وحقوق المرأة ، التي أشارت إليها تقارير التنمية العربية ، وقضايا التخلف والتبعية والاستبداد ، والتشرذم والتفتت السياسي والاجتماعي ، التي ظل يشير إليها الباحثون سنين عددا ، وإنما شملت أيضاً قضايا : الآخر الديني والثقافي والعرقي ، وقضايا التنمية والنهضة ، وقضايا البيئة ، والعلاقات الدولية ... إلخ . في الواقع يواجه النظام المعرفي السلفي صعاباً جمة في التعامل الناجح مع معظم قضايا المجتمعات الحديثة ، إذ يقدم في مواجهة هذه القضايا ، أدوات استخدمها السلف قبل ألف وأربعمائة عاماً مضت . فيطرح ، على سبيل المثال ، “ حاكمية الشريعة“ ، في واجهة مبدأ الحرية ، ويستغني بـ “ علوم السلف“ عن المعارف الحديثة ، وبـ“ أحكام القوامة“ عند التعامل مع المرأة ، وبأحكام الولاء والبراء“ وفقه “ أهل الذمة والجهاد“ ، لمعالجة قضايا الآخر المختلف ، وإدارة التعدد الثقافي ، وبأحكام “ الحدود " لمكافحة الجريمة في عهد حقوق الإنسان ...
اكتسب النظام المعرفي للمجتمعات العربية والإسلامية السنية من خلال العمل على إعادة إحياء الشكل ذاته لحياة السلف ، والتركيز على- واستيحاء الماضي ، لا في روحه ، فقط ، وإنما أيضاً في طريقة تفكيره وفي نظمه وآلياته ، اكتسب سمات أساسية تميزه عن غيره من الأنظمة المعرفية الأخرى . إذا أخذنا ، على سبيل المثال النظام المعرفي الحديث للحضارة الغربية ، نجد أنه قد تبلور عبر مراحل بدأت بالإصلاح الديني ، في بدايات القرن السادس عشر ، وتواصلت بالثورة العلمية الأولى المرتبطة بالتوسع الجغرافي والبحثي ، وحقبة التنوير التي تلتها ، والتطور الدستوري الذي أعقب قيام الثورتين الأمريكية والفرنسية ، وحتى الثورة العلمية والصناعية الثانية المعاصرة . وتشكلت في هذا السياق القيم الحاكمة للنظام المعرفي ، التي يتخذها المنتمون لفضاء ذلك النظام ، أفراداً وفئات ومؤسسات ، وسائلاً لفهم الواقع ، وحل المشكلات ، وتوليد المعرفة المجتمعية ، والتي أعطت قوة الدفع المحفزة لتقدم ونهضة تلك المجتمعات . فقام ذلك النظام المعرفي على مكونات ومفردات تشمل مبادئ وقيم ومفاهيم : العقلانية ، والعلم ، والتقدم ، والديمقراطية ، وسيادة القانون ، والحرية ، والفردانية ، والعمل ، والترشيد ، والنظام.»
★منهج الكتاب والحكمة - مدخل إلى الإصلاح الديني الإسلامي
★ الكاتب : شمس الدين ضوالبيت
0 notes
muslimaltag · 2 years ago
Text
لقد تطورت المجتمعات العربية الإسلامية وازدهرت حضارتها لأربعة قرون أعقبت ظهور الإسلام ؛ وذلك بقوة الدفع الذاتي الهائلة ، والطاقات الضخمة التي فجرتها سمات ومكونات نظامه المعرفي الأصيل الأول . لكن ، وبفعل التطورات التي أصابت الرؤيا ، وبدء تبلور نظام معرفي جديد ولم تمض على ظهور الإسلام غير بضع عقود قليلة ، صارت قوة الدفع الذاتي للنظام الأول قوة متناقصة ، وقضت سكونية النظام الجديد بالتدريج على المحركات العلمية والتحررية والتقدمية المستندة على العدالة والمساواة ، للنظام الأول . ومع حلول القرن الثالث عشر ، كانت الحضارة العربية الإسلامية قد أصابها الركود ، وانعزلت عن المجرى التاريخي الرئيس للحضارة العالمية ، وتدهورت العلوم والفنون والآداب ، وفسدت أنظمة الحكم والإدارة ، وانزلقت المجتمعات العربية والإسلامية في سبات طويل لا زالت تكابد للخروج منه إلى اليوم . ولقد نتج عن هذا المنحى السكوني للنظام المعرفي الثاني ، وما ترتب عليه من ركود وسبات للمجتمعات.
و بعد إلغاء الخلافة الإسلامية عام 1923، إكتسب هذا النظام المعرفي الثاني مكوناته، والتي تمثلت أهم معالمه في النقل، والتقليد، والسكونية، والحاجة، لمعيار مسبق من أجل الحكم على الأشياء، والتسليم، والأبوية، والتراتيبية ، واللاتاريخية، والعصبية.
______
★ منهج الكتاب والحكمة - مدخل إلى الإصلاح الديني الإسلامي
★ الكاتب : شمس الدين ضوالبيت
0 notes
muslimaltag · 2 years ago
Text
النظام المعرفي هو جملة « المعتقدات أو المسلمات النظرية “
المتكاملة ، التي يدعم بعضها بعضاً ، والتي تسمح بالاختيار والتقييم والنقد » ، والتي تعمل كأدوات للنظر في الأشياء والحكم عليها . وبسبب هذه الطبيعة المعتقدية المغروسة عميقا في موروث وتاريخ الجماعة ، يمارس النظام المعرفي ويفرض « سطوة قوية خفية » على عقول وسلوك معتنقيه أفراداً ومؤسسات ومجتمعات ، وهي سطوة تنهيأ وتتجدد وتتقوى بالتلقين التربوي والتنشئة الاجتماعية وبسهر حراس النظام ، أفراداً وفئات ومؤسسات ، على استمراريتها بحماية أركان النظام المعرفي ، وإبانة جوانبه ، والإرشاد إلى مكوناته . فتتضافر هذه المؤسسات معاً لـهتفعيل مفردات وتراكيب ومفاهيم مكونات النظام المعرفي ، وعرض تطبيقاتها ، والترويج لها بلغة أقرب ما تكون إلى الحياة اليومية “
منهج الكتاب والحكمة - مدخل إلى الإصلاح الديني الإسلامي - الكاتب : شمس الدين ضوالبيت
Tumblr media
0 notes
muslimaltag · 2 years ago
Text
ويقوم النظام المعرفي الإرشادي للمجتمعات الإسلامية السنية ، بصورة عامة ، على « إعادة إحياء الشكل ذاته لحياة السلف » ، إذ يركز ويستوحي الماضي « لا في روحه ، فقط ، وإنما أيضاً في طريقة تفكيره وفي نظمه وآلياته » ، وهو ينتقي من هذا الماضي قرونه الأربعة الأولى ، ويعتبر أن ما قام به السلف خلالها ، وما وصلوا إليه من معرفة أثناءها ، هو المعرفة الشاملة ، والمرجع الكامل الذي لم يتبق بعده من شيء يمكن أن يأتي به الخلف . وبذلك ، صارت منظومة الأدوات الفكرية التي تتحكم في منهج المج��معات الإسلامية السنية ، في النظر إلى الحياة والكون والمجتمع والآخر ، وطريقة السلوك والتعلم والتصرف في قضايا الحياة اليومية ، وفي التعامل مع الآخرين ، وكيفية عمل الأشياء ، والحكم على ال��مور والمسائل والأحداث والنوازل ... صارت في الواقع ، تقليداً لطرائق وممارسات السلف ، مستخدمة والمنظومات والأدوات الفكرية التي استقر عليها السلف ، وهي أدوات الفقه ، وعلم أصول الفقه ، الذي وضعت قواعده في القرن الثاني الهجري .
★منهج الكتاب والحكمة - مدخل إلى الإصلاح الديني الإسلامي ★الكاتب : شمس الدين ضوالبيت
0 notes