#إلى مجهول

[s8i8s]

يصف حالتي الشعورية ماكتبه عبدالرحمن منيف الى صديقة مروان باشي: " لَستُ معكّر المزاج أو يائسًا، لكن لا شي في وقتِه أو مكانه، أشعُر أنّي بحاجة ماسّة لرحلة إلى مكان مجهول، وإلى الصمت وإلى البَقاء في الظِلال المُعتمة. "

[yasmin-9]

لحظات التوتر… تلك التي تتسلل إلينا ببطء، تتسرب إلى أعماقنا دون أن نلاحظ، فتغلق الأفق أمامنا وتغلف الأنفاس. نرى العالم من خلالها وكأنه ضباب كثيف، يغلف كل شيء فلا نرى سوى الغموض. في تلك اللحظات، يشعر القلب وكأنه يضيق، وكل نفس يأخذ منا أكثر مما يعطي. نحن نتنفس ولكننا لا نتنفس حقًا. نبحث عن شيء مستقر، عن إجابة، عن طريق واضح بين كل هذا الاضطراب.

تتداخل الأفكار كأنها أمواج متلاطمة، وكل فكرة تحمل وراءها أخرى، وكلها تتجه نحو مجهول. ما الذي يحدث؟ لماذا هذه الفوضى الداخلية؟ لماذا يتح��ل كل شيء مألوف إلى شيء غريب لا نستطيع التحكم به؟

في هذه اللحظات، يتصارع العقل مع العاطفة، والمشاعر مع المنطق، بينما يحاول القلب أن يجد خيطًا من الهدوء وسط هذا الضجيج الداخلي. ولكن هل لاحظت شيئًا؟ أن هذا الضيق ليس النهاية، بل ربما هو بداية تحوّل لا نراه بعد. ربما في قلب هذه الفوضى تكمن بداية جديدة، بداية لفهم أعمق، ونضج أكبر.

نحتاج فقط لأن نمنح أنفسنا لحظة من الصمت وسط هذا الاضطراب، لحظة نتنفس فيها بعمق، نغلق أعيننا، ونترك لكل شيء أن يكون كما هو. ربما في تلك اللحظة، سنجد أننا أقوى مما نظن، وأن المجهول لا يخيفنا بقدر ما نخشاه، وأننا قادرون على اجتياز كل شيء حتى وإن بدا الطريق مظلمًا.

[omawi36]

"لستُ معكّر المزاج أو يائسًا، لكن لا شيء في وقته أو مكانه، أشعرُ أني بحاجة ماسّة لرحلة إلى مكانٍ مجهول، وإلى الصمت، وإلى البقاء في الظلال المعتمة."

— عبدالرحمن منيف

[blackblackblackblackblack]

"لست معكّر المزاج أو يائسًا ، لكن لا شيء في وقته أو مكانه ، أشعر أني بحاجة ماسّة لرحلة إلى مكان مجهول ، وإلى الصمت، وإلى البقاء في الظلال المعتمة.

[sahartragictale89]

الصمت البعيد الذي ينتظرك

في مكان ما، على مذنب هائم في فراغ الكون، أو على كوكب بعيد مجهول الاسم، هناك صمت خالص ينتظرك، برودة بكر لم تلمسها أنفاس البشر، وسكون لا يعرف وقع الخطى ولا أصداء الكلمات. هناك، حيث الغبار الكوني يطفو بلا استعجال، حيث لا نهار يلاحق الليل، ولا زمن يطوي الأيام، ستجد ما كان مقدّراً لك منذ البدء: عزلة لا يشوبها ضجيج، سلام لا تزعجه الأصوات، وحدة صافية كأنها انعكاس داخلي لروحك المتعبة.

هذا ليس وعداً بالموت، ولا تهديداً بالعدم، بل هو دعوة للبحث عن مكان يناسبك، حيث يمكنك أن تكون بلا تصنّع، بلا تكلّف، بلا أقنعة. في هذا الامتداد السرمدي، في هذا الركن المجهول من الكون، لن يسألك أحد عن هويتك، لن يطالبك أحد بتبرير وجودك، لن يكون هناك من يقيّد خطواتك بتوقعات أو قوانين. هناك، حيث لا تاريخ ولا مستقبل، ستكون مجرد كائن يطفو في صمته، ينصت للفراغ، ويصغي أخيراً إلى صوته الداخلي، ذاك الذي كان يغرق دوماً وسط ضجيج العالم.

كم هو مريح أن تتخيل هذا المكان، أن تعرف أنه موجود ولو في الاحتمال، أن تدرك أنه حين يضيق عليك العالم، وحين تخذلك المدن، وحين تبهت الأصوات من فرط التكرار، هناك زاوية في هذا الكون، على مذنب متجمد أو كوكب غريب، خُلقت خصيصاً لك، لتجد فيها البرودة والصمت اللذين كانا دائماً جزءاً منك، ولم تجدهما في أي مكان آخر.

[nourelhusiny]

فالنصرُ آتٍ،، ولن نركع

تسارع خطة إفراغ شمال غزة، يتسلّى الجنود الصهاينة بالعبث بمناطق غزة،

واحدةً تلو الأخرى، بلا رادع أو حساب.

بيت حانون، بيت لاهيا، جباليا...

أوامر الإخلاء تأتي مع زئير الطائرات وصفير القذائف، لتدفع آلاف الأسر إلى مصير مجهول، حيث لا مأوى ولا أمان.

أطفالٌ يلفظون أنفاسهم الأخيرة بردًا وجوعًا، بعدما نجا بعضهم من القصف، ليلاحقهم الموت بثوب آخر.

والعالم؟ يقف صامتًا أمام عدسات الكاميرات، يشاهد الجنون يتجسد بكل أبعاده، بدعمٍ غربيٍّ مع��ن، وبتواطؤٍ مفضوح من حكومات عربية اكتفت بالتنديد ببيانات فاشلة.

في هذا الشتاء القارس، تهجر الأسر بيوتها لتواجه الريح العاتية، وألم التشريد

يلتهم آخر ما تبقى من كرامة، بينما يمضي العالم في غيّه.

يا رب، بيدك وحدك المخرج، ويا رحمان، أنزل على أهل غزة فرجك القريب، وارحم أطفالهم من لهيب القذائف وقسوة الشتاء...

اللهم كن لهم ولا تكن عليهم، إنك نعم المولى ونعم النصير.

اللهم نصرك الذي وعدت

وح��بنا الله ونعم الوكيل

#Reiher.. ᥫ᭡☀️

[goodeserve]

"أودّ أن أعترف بأني على عكس ما تظن، كُل خطوة جسورة مشيتها في حياتي كان دافعي فيها الخوف، لا الشجاعة"

فعلًا؛ لم تكن الشجاعة يومًا مُحفزي للإنتقال من نقطة إلى اخرى أو إتخاذ قراراتٍ حاسمة في حياتي تُخرجني من منطقة الراحة، إنما المخاوف. خوفي من أن أبقى كثيرًا في نقطة البداية، خوفي من أن يمضي الزمن وأنا قابعةٌ في ذاتِ البقعه كان وَقعهُ أشدّ من إتخاذ قرارٍ مجهول المآلات.

[white-tulip323]

{إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم } ليس أغناكم ولا أشرفكم نسباً ولا أجملكم هيئة ولا أعلاكم منصباً ولا أكثركم أولاداً ما يميزكَ عند الله هو التقوى،،، القبيلة . العرق والمنشأ والجنسية والغنى والنسب والجاه والجمال . كل هذا اندثر بآيةً واحده ..كم من مشهور في الأرض مجهول في السماء .... وكم من مجهول في الأرض معروف في السماء ....فالمعيار عند الله التقوى وليس الأقوى ،،فالتفت إلى قيمتك عند الله ودَع البشر .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :-

ليس في كتاب الله آية واحدة يمدح فيها أحدا بنسبه ولا يذم أحدا بنسبه وإنما يمدح بالإيمان والتقوى ويذم بالكفر والفسوق والعصيان . جعلكم الله وايـــــــــــانا من عباده المتقين 🤲🏻🤍

[alaawarda]

‏"يا مولاي، أحبّكَ إلى الحدّ الذي حتى لو لم تكن ثمة جنّة؛ فسوف أحبّك.. وحتى وإن لم يكن ثمة جحيم؛ فسوف أخشاك."

نص متداول مجهول من القرن السادس عشر.

[tariktalks]

اخترتَ الرَّحِيل حِين عَمَّت الفوضى، وغِبتَ حين ساء الحَال واشتدّ. لا بَأس ! يَحِقّ لَك ذلك .. لأنَّ النَّاس -عادَة- تَختَار الطُّرُقَ الآمِنَة، وتخشى المغامَرَة، وتَفِرّ مِن الأمَاكنِ التِي تُهَدِّد سَلامَتَها. وقَد كانَت نِهاية باردة، صامتة، حيث انتهى كلّ شيء بِسَلام في هدوء تامّ. ولَم يَكُن الرّحيل مُشكِلا لأنّ الاستغناء خيار مُتاح في أيّ وَقت ما دامَت أسبابُه مَوجودَة، وهذا الذي جَعَلني أتقبّل ما حَصَل، ولا أتردّد في وَضع نُقطَة وطَيّ الصّفحة بل وإغلاق الكِتاب، لأنّ الضّرورةَ اقتضَت ذلك .. إضافَة إلى اقتناعي أنّ النِّهايات فُرصة لبدايات أفضَل وأنسَب وأحسَن، إذا نظرَ المَرء إلى الأمور من زاوية أوسع فَلم يُضيّق سَعَة الحياة في شَخص أو فرصة أو حَدَث. فإغلاق الكتاب إذن كان فُرصة لفتح كتاب غيرِه وبداية صفحة جديدة. لقد رحلتَ وغِبتَ حين ساء الحَال واشتدّ .. رَحلتَ حينَ كنتُ أُحاول تَرميم الفَوضى وتَجاوزِ الأيّام الصَّعبة العَسيرة المُنطَفئة، وعبور جسر الشدة بسلام وإعادَة البناء بشكل تدريجيّ. أنسِيتَ أنّ للكلّ شدّة مدّة ؟ وأنّ الفَرَج كان مسألة وقت فقط ؟ لكنّك لم تُفَكِّر بِشكل سليم واخترتَ الفِرار إلى مكان ظنَنتَ أنّه برّ الأمان -لِتَكتَشِف لاحِقا أنّه لم يكن كذلك-. لا بأسَ ! فقد كنتُ سَنَدا لنفسي ولم أُعوِّل على أحد خلال فترات أشدّ وأصعَب وتجاوَزتُها بفضل الله وعَونِه، وهذا الذي جَعَلني مُعتادا على التّعامل مع المشاكل والأزمات بشكل مستقلّ دون حاجة إلى أحد. وقَد مرَّت العاصفة وأشرقت شمس الفرج -بفضل الله وحدَه-، ولَم أكُن مَدينا لأحد بشيء غير نفسِي لأنّي لم يجد مُتّكأً غيرَها حين اشتدّ الحال -بإذن الله-. مضى وَقت طويل على غيابِك، ولَن أبالِغَ إذا أخبَرتُك أنّي بالكادِ أتَذَكَّر قَليلا مِن ملامِحكَ .. ثمَّ عُدتَ فَجأة !؟ لقد عُدتَ بعد مدّة، حينَ أدركتَ أنّ رَحيلَك كان قرارا خاطئا وساذَجا، مَبنِيّا على قِصر نَظَرك وتَسَرُّعِك واغترارِك بِأُمور سرعان ما اختفَت وغابَت، فاكتَشفتَ حجمَ حَماقَتِك، ولم يَنفَعكَ التّذاكي حينئذ لأنّك أدركتَ حجمَ خسارَتِك. أَتظنّ أنّ العالم تَوَقَّف، مُنتَظِرًا عودتك ؟ يا هذا ! نُرشد من رغب في الرحيل إلى أقرب باب للخروج .. غير آسفين على رحيله، ولا مُرَحِّبِين بعودته، مُستَغنِين عنه .. فلا تتملّق، وعُد من حيث أتيتَ ! فأنتَ الآن في مكانك الطبيعيّ، وهو المكان الذي كنتَ تَنتمي إليه قبل قُدُومك، مكان مجهول غير موجود أصلا. نعم ! كنتَ ضِمن الأولويّات في وقت مضى، أمّا الآن فأنتَ أقلّ بكثير مِن أن تكون ثَانَويّا فلا مَكانَ لكَ حتّى في الهامِشُ. والعاقِل لَن يُكَبِّلَ نَفسَه بِقُيودِ الماضي بعدَ تَحرُّرِه مِنها أو يَأسُرَ نَفسَه داخِل أحداث مَضَت، ولَن يَرجِع إلى الوَراء أو يَنظُرَ خَلفَه إذا كانَ يُريدُ فِعلا التّقدُّم. عُد مِن حَيثُ أتيتَ، فما مضى قد مضى ! ومهما بلغَت مكانة الأشخاص، ومهما كان حجم استثنائي لهم، لن أجد إشكالا في الاستغناء عنهم، دون تردّد ولا أسف على ذلك. كما أنّني لن أجد صعوبة في تجاوزهم، وجعلِهم غرباء كأنّهم لم يكونوا موجودينَ قَطّ، إذ لا مجال للعاطفة حين يتكلّم المَنطِق. ولن يحتاج الموضوع إلى وقت أو تفكير، ما دامت هناك دوافع وأسباب داعية إلى ذلك. اذْهَبْ وَهَبْتُكَ لِلَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ .. هِبَةَ الْكَـرِيمِ فَإنَّهُ لَا يَرْجِـعُ.

[colored-entropy]

في الحب والحرب والثورة.

رو أصلا ليست من غزة، رو من القدس، لكن هذا لا يلغي فزعي عليها.

مارس 2020

أنا في شهوري الأولى في الجيش، أقضي اثنتي عشر ساعة في برج الحراسة لا أحرس إلا نفسي. قبلها بشهور تعرفت على فتاة فلسطينية لطيفة بسبب تسجيلاتي، قالت صوتك حلو وقراءاتك ذكية وسليمة. في برج الحراسة رحنا نتبادل الأغاني، بدون أي كليشيهات وقوع في الحب، أيامها كنت أستهلك وقتي في سجائر الكيلوباترا وشاي الميري والأغاني على ساوند كلاود، عثرت على مزيج لأغاني فلسطينية لطيفة يبدأ بتريز سليمان، أدمنته. بعد أيام شاركته مع رو، قلت لها أعرف أغاني وهناك أغاني أخرى لا أعرفها. فعرفتني عليهم كلهم، وقالت: هيني بعملك ياه بلاي ليست

رو أصلا من القدس، من قرية يؤذيني أني لا أذكر إسمها لكنه كان إسما لذيذا ��لى لساني، لم أكن أعرف أن جغرافيا البلاد تحتوي قرى. فكرتي عن هذه البلاد أنها جبلية. وأهلها كلهم بدو رحّل. فراحت رو تلتقط لي صورا جميلة للمساحة الخضراء الواسعة أمام شباك الدار، فتغير فكرتي، وتعطيني دروسا في اللغة الفلسطينية، في الفارق ما بين إسّا ولسّا. وتُسمعني أغنية فرج سليمان إسّا جاي. رو كانت تحب كلمة إسّا.

ترسل لي رو أغنيتها المفضلة، تبدأ الغنوة بنغمة حنونة ثم تنتقل فجأة لمارش عسكري، أسألها عن سبب تفضيل الأغنية فتحكي لي الحكاية. قصة حب ممتدة ل 12 سنة بين فتاة مقدسية وشاب أوقفوه على أحد الحواجز الأمنية ونفوه للقطاع منذ 2008. لا أفهم قواعد هذا العالم، لا أفهم مفردات عديدة كالإحتلال والحواجز الأمنية والنفي. فأقول كلاما فارغا عن البطولة والإحتمال والإخلاص في الحب فتقول لي لا بطولة ولا يحزنون، احنا بس عشاق.

ديسمبر 2020

أيامي الأخيرة في الجيش، رو على الخط تقول لي مبروك من تركيا، غادرت البلاد كلها رغم تفوقها الدراسي، قصة الحب الشيكسبيري الوحيدة في جعبتها انتهت، تضع البلاد كلها وراءها وتغادر.

2021-2022

على مدار السنتين اللاحقتين، ستأتيني رو مرات عديدة بأخبار معظمها سعيد وأقلها حزين من تركيا. الوحدة والغربة سيئتان لكن تركيا أوسع وأرحم، واحتمالات الوقوع في الحب رغم ندرتها إلا أنها موجودة من الأساس. رو شيف شاطرة جدا، كانت من اللحظة الاولى لتعارفنا ترسل لي صورا مدهشة وتحكي لي عن طموحها في محل حلويات. قلت لها مرة مازحا تعالي مصر نعمل محل حلويات وهنسميه خانيونس، سألتني اشمعنى خانيونس؟ قلت لها لا أعرف، لكن الكلمة وقعها لذيذ على أذني ولساني. كنت لا أزال جاهلا بحدود الجغرافيا

مع ذلك، كانت رو مغرمة بالإسكندرية، كانت توصيني في كل مرة أذهب إلى هناك أن أصوّر لها البحر. وعدتني أكثر من مرة أنها مهما شالتها البلاد وحطتها لن ترضى قبل أن تزور الإسكندرية تحديدا. وكل ��رة أذهب أنا إلى هناك، في طريقي للمنشية من شارع قناة السويس، كنت أصوّر لها البحر، فتفرح، وتسمعني ألذ دلع قيل لي في حياتي: شكرا يا حودة.

كانت تسب البلاد كلها والله في الاوقات العادية، لكنها عادت أيام الشيخ جراح، وأجّلت سفرها لما احتمدت الأمور. كنت أرسل لها كل عدة أيام لأطمئن وأسألها متى ستسافر؟ وهي تقول لي لا يمكن أضل بتركيا وأتركهم هيك

نوفمبر 2022

أنا في القاهرة، قبلها بشهرين كنت أحضر حفلة علي الحجار في مهرجان القلعة، أصور الحلفة وأرسل لرو، تقول لي أنها تحب علي الحجار جدا ومدحت صالح. أقول أني أفكر في حضور حفلة مدحت صالح بعد أيام، ولو حضرت، سأرسل لها الصور. لكني لا أذهب. بعدها بشهر، أغلق فيسبوك تماما، لسنة كاملة.

مارس 2023

رقم أجنبي غريب يراسلني على واتساب، استعين بتروكولر فيكشف لي أن الرقم من israel. لوهلة لا أفهم، قبل أن أتذكر رو. كان ظني في محله. رو نفسها تكلمني. كانت في زيارة قصيرة للبلد قبل الرجوع لتركيا. عاتبتني كثيرا على اختفائي عن فيسبوك، وحكت لي اللفة العجيبة التي قامت بها للحصول على رقمي. كنت ساعتها أقضي ليلتي في فندق سكندري على البحر، أحببت الصدفة، صورت لها البحر من شباك الفندق، وهي وعدتني بصورة لها وللساحة الخضراء خارج المنزل ولكن في الصباح، "مع الضوّ يا حودة سأبعث لك" أنام وأصحو ورو لا ترد. لا صورة ولا رسالة.

أكتوبر 2023

الحرب. رو ليست من غزة، ولعلها أصلا خارج البلاد كلها. لكن ذلك والله لا يمنع فزعي عليها، أتصل بها في الأيام الأولى فتظهرت على الشاشة الكلمةُ القبيحة israel. كنت أعرف أنها لن تفوت حدثا كهذا للعودة للبلد. أجل، قلبها لن يطاوعها، لكنها لا ترد.

نوفمبر 2023

أفتح فيسبوك بعد سنة، سيل من الرسائل، كلها عادية عدا رسالة واحدة في الأرشيف، أفتحها، الحساب مجهول أو محذوف، لكني أعرف رو من. كلامها. كانت هي من قالت لي مرة أيام الجيش، أيام الاكتئاب والشعور بضياع المعنى والهدف والقيمة الشخصية، أنت حوت أزرق حزين. كانت تشتمني أحيانا لإمعاني في الاكتئاب، ولكن حتى شتائمها كانت لذيذة: أنت واحد أزعر، والحيتان الزرقاء على كل حال هي كائناتي المفضلة. لكني أفتح فيسبوك وانا متجاوز لاكتئابي، وقد خطوت خطوات طويلة بعيدا عنه ونسيته، لكن رو لم تنسى.

لما عرفتها أول مرة شعرت بزهو، صارت لي صديقة مقدسية، بدا الأمر كأني اقتربت خطوة لأن أكون شيئا أجمل. كأن الفلسطينين مجرد نياشين نضعهم على صدورنا لنشعر بالفخر، سألوم نفسي لاحقا على هذه التطهر المجاني على حسابهم وسأتخلص منه، لكني وقتها كنت في الجيش، أقضي اثنتي عشر ساعة في الخدمة من العاشرة ليلا للعاشرة صباحا، أوزع وقتي بين التدخين والشاي ��الأغاني، والكلام مع رو. كنت عسكري مستجد في مثل هذه الأيام. أرقتني ذكرى الثورة، وأتحفني ساوندكلاود بمزيج من متراس عن أغاني البلد التي منها صاحبتي. أو ربما البلد التي نحن منها كلنا.

عزيزتي رو، ما كان على كل هذه الدماء أن تسيل كي أعرف حقا أني أحبك، وأنك وحشتيني. وربما لو كان الزمان غير الزمان والمكان غير المكان، لصرنا شيئا آخر أقوى وأجمل من مجرد صديقين إليكترونيين. أينما كنت، عليك السلام. أكتب هذه الكلمات تحديدا لأنك فعلا وحشتيني، ولأني أنتظر ظهورك أو عودتك بأي شكل، في أي وقت، لأقول لك أشياءا عديدة منها أني صرت أعرف أين تقع خانيونس بالتحديد، وأني الآن أقيم في الإسكندرية وعلى مسافة دقائق من البحر، ولم أعد حوتا أزرق حزينا طوال الوقت.

رو، مسّيك بالخير، كل سنة وأنت طيبة، النهاردة 25 يناير.

[un-known97]

بطريقة ما يصنع الحزن طريقاً إلى عقلي ..

محمد صالح || مُذكرات مجهول ٩٧

[omawi36]

‏"لا شيء يضيع، لا شيء يختفي، حتى أقلّ الآلام والذكريات المريرة، إنها فقط تتراجع لبعض الوقت، تنسحب إلى عمق مجهول، تماماً كما ستتراجع وتنسحب هذه المرة، وسوف تنساها، إلى أن تعود في وقت آخر."

[pippo99]

وأن فررت إلى مجهول ستلاحقك اصابع الوقت بالاتهام حيث تهرب يجدك

[the-heavenly-whispers-world]

في زاوية من زوايا الروح، حيث تتلاقى الأبعاد المختلفة للحياة، تنشأ ذكرى لحظة مظلمة. كان الظلام حالكًا، يتسلل إلى أعماق النفس، يحجب النور ويخنق الأمل. كان على الإنسان أن يحارب هذا الشعور المقيت، أن يستجمع شجاعته لكي يواجهه، وكأنما يضع قدمه على طريق مجهول. ومع ذلك، كانت هذه اللحظة ذاتها هي نقطة انطلاق رحلة الاكتشاف.

مكانٌ ضيقٌ، وأصواتٌ تتردد في الفضاء. كانت الأفكار تتقافز بين الشك واليقين، والقلق ينتشي مع كل خطوة. كان يظن أن الهروب هو الحل، وأن الابتعاد عن الألم سيكون مخرجًا. لكنه سرعان ما أدرك أن الهروب لا يجلب السلام، بل يضيف شعورًا بالعزلة.

ومع مرور الأيام، بدأ ينغمس في التعابير الداخلية، يستعرض تجاربه مع الحزن، ويستعيد ذكريات الحب المفقود. كان الألم كالعاصفة، تجتاح كل جوانب حياته، ولكن وسط تلك العاصفة، كان هناك ضوء خافت. كان ذلك الضوء يتأرجح بين الماضي والمستقبل، يلامس قلبه بذكريات ملهمة.

تدريجيًا، بدأ يستشعر قوة التحول. كانت كل تجربة مؤلمة تحمل في طياتها درسًا، وكل لحظة من الشك كانت دعوة للتساؤل. لم يكن الأمر يتعلق بالهروب أو البقاء ساكنًا، بل في الاستسلام لقوة الفهم. فقد أدرك أن العتمة ليست عدوًا، بل حليفٌ في سبيل الحكمة.

غاص في أعماق نفسه، حيث التناقضات تتراءى له، قوة الضعف، وجمال الفوضى. وعندما واجه مخاوفه، أصبح أكثر انفتاحًا على التجارب الجديدة. كانت كل علاقة، وكل لحظة من الحب، هي بمثابة شعاع ضوء عبر العتمة، تأخذ بيده وتوجهه نحو آفاق جديدة.

ومع كل انكسار، كان يُعيد بناء نفسه، وكأنما هو نحات يصوغ تمثالًا من الطين. في تلك اللحظات، بدأ يدرك أن الحياة ليست مجرد مجموعة من اللحظات السعيدة، بل هي رحلة تشمل كل ما هو إنساني. كل لحظة من الفرح كانت تُعزّز تجاربه، والتجارب الصعبة أعطته الفرصة للتطور.

لم تكن عملية بسيطة، بل كانت تجربة غنية بالألوان والتفاصيل. في عالم متغير، وجد إلهامًا في الحرفيين الذين يتنقلون بين عتمتين، صانعين جمالًا من الألم. خلق من كل تجربة قصة تروى، ومن كل حب مجالًا لنمو الروح.

وبينما كان يمضي في رحلته، أدرك أنه ليس وحده. كل من حوله يحملون قصصهم، أحزانهم وآمالهم. وبين تبادل الكلمات، كانوا يشيدون صروحًا من الأمل. أصبح الحب بمثابة ضوء للنفوس المظلمة.

ومع تجدد العزم، تبين له أن التغير هو الناموس الأبرز للحياة. بل إن استقباله للصعاب، والفهم العميق للذات، هو ما يمكّنه من المعرفة الحقيقية. فالحياة ليست ما تجريه من أحداث، بل هي كيف تتفاعل معها، كيف تعيش كل لحظة، وتبحث عن المعنى.

وفي ختام هذه الرحلة، انبثق شعاع من النور، وكأنما كان يعكس روح الإنسان في أبهى حللها. لقد أدرك أن التحديات ليست عقبات، بل هي دروب متداخلة تعبر عن قصة إنسانية غنية. هنا، في ملاذ الفلسفة النفسية، بدأ يصوغ معاني جديدة لحياته، ويرسم لوحة تتجسد فيها كل الوجوه والظلال.

تلك هي الفلسفة النفسية، رحلة الإنسان داخل ذاته، حيث يحتضن الظلام، ويستقبل النور، ليكون شجاعًا في مواجهة الوجود، راضيًا بكل ما يحمله من تغييرات. الحياة ليست مجرد وجود، بل تجربة تسعى للمعنى، تسعى كل روح خلالها لأن تجد نفسها، لتضيء العالم من حولها.

[nourelhusiny]

'"وأصبر فإن الصَبر عِند الضيق مُتسع."

- حدثني، وواسِ قلبي!

:) وأيُّ مواساةٍ لقلبكَ أعظم من أن تعرف أن الله س��حانه يعلمُ ما فيه!

فإن جهل الناس فضلكَ،

وإن قالوا فيكَ ما ليسَ فيك،

فما حاجتك إلى محامٍ يدافعُ عنكَ،

وأنتَ بالأساس لستَ مُتَّهماً!

إن قاضي السماوات والأرض لا ينتظرُ الشهود،

فإنما ينتظرُ الشهود من غاب،

وربك مطلعٌ على المشهد كله،

ولا يحفلُ ببلاغة المحامين،

فهذه يحتاجها القضاة الذين غابت عنهم التفاصيل!

يستمعون روايتها في فم إنسان لم يشهدها،

وإنما دبّجها بحسن البيان، وحِدَّة المرافعة!

أما ربُكَّ فكان يعلمُ وقوع القضية قبل أن تقع،

فلما وقعتْ، ما زاد علمه بها شيئاً!

إنَّ علمه بما لم يقع كعلمه بما وقع!

فأصلِحْ قلبكَ، فإنه موضع نظره سبحانه،

وإنه ناظِرٌ إليك، وجازيك عمَّا فيه،

لا عمَّا يقوله الناس، ولا عمَّا تقوله أنتَ!

إنَّ الله لا يُخدع!

فهو لا يرانا من أعلى فحسب،

وإنما يرانا من الداخل!

من الداخل، فتأملها جيداً!

عندما كان ابن سلولٍ يُصلي الفجر في المسجد خلفَ النبيِّ ﷺ

كان بعض الناس قد خُدعوا بتقواه،

أما ربُكَ فكان يُصدر حكمه: إنَّ المنافقين في الدركِ الأسفل من النار!

وعندما أُتهمت الصدِّيقة بنت الصديق عائشة في عرضها،

خُدع بعض الناس بالتهمة، ونالوا من عرضها،

أما ربُكَ فأنزل البراءة قرآناً يُتلى إلى يوم القيامة،

شتّانَ بين قلبٍ وقلب وإن اختلفت المواقف!

جاء أعرابي من البادية،

واحدٌ مجهول مغمور في سواد الناس،

لا يعرفه من الصحابة أحد،

فبايع النبيُّ ﷺ على الجهاد والهجرة ،

ثم كانتْ غزوة خرجَ فيها هذا الأعرابي في غمار من خرج ذوداً عن لا إله إلا الله،

ومنَّ اللهُ على المسلمين بالنَّصرِ،

وقسمَ النبيُّ ﷺ الغنائم بين أصحابه،

وكان هذا الأعرابي غائباً، فتركَ النبيُّ ﷺ له نصيبه،

فلما حضرَ قيل له: تركَ لكَ النبيُّ ﷺ هذا!

فجاءه، فقال له: يا رسول الله ﷺ ما هذا؟

فقال له ﷺ: قسمته لكَ!

فقال: ولكن ما على هذا اتَّبعتُكَ،

ولكني اتبعتُكَ على أن أُرمى بسهمٍ ههنا!

وأشار إلى رقبته، فأموت فأدخل الجنّة!

فقال له النبيُّ ﷺ: إن تصدُقِ الله يصدُقكَ!

ثم كانت غزوة أُخرى، فأُتي به إلى النبيِّ ﷺ محمولاً،

والسَّهم مغروز في رقبته حيث أشار سابقاً،

فقال النبيُّ ﷺ: أهوَ هوَ؟

فقالوا: نعم يا رسول الله ﷺ

فقالَ: صدقَ اللهَ فصدَقه اللهُ!

ثم كفَّنه في عباءته،

وصلى عليه،

ودعا له،

وكان مما سمعوا من دعائه يومها:

اللهم هذا عبدُكَ خرجَ مهاجراً في سبيلك،

فقُتلَ شهيداً، وأنا على ذلك شهيد!

لا أعرفُ لكَ مواساةً خيراً من هذه!

رجل مجهول لا يعرفُ الصحابة اسمه،

ولم تكتب كُتب السيرة شيئاً عنه،

فبقيَ مجهولاً بعد موته تماماً كما كان مجهولاً يوم جاء مُبايعاً!

فما ضرَّه أن لا نعرفه أنا وأنتَ!

يكفي أنَّ اللهَ يعرفه، وإن جهلناه!

فلا عليكَ ، لا عليكَ!

أخفِ الصدقة ما استطعتَ، فإن قيل بخيل

فقد وقعتْ في يدِ اللهِ قبل أن يقولوا!

وقُمْ من الليل ما وسعتكَ همتُكَ وحملتكَ قدماكَ،

فإن قيلَ فاتِرٌ في العبادة،

فقد علمَ اللهُ حرارة دمعكَ قبل أن يقولوا!

وصُمْ تطوعاً فإن قيل لا يعرفُ إلا رمضان،

فقد علمَ اللهُ ظمأ الحنجرة قبل أن يقولوا!

إنّ المرءَ لا يُؤتى إلا من قِبلِ قلبه،

فإنْ لم تُؤتَ من هناكَ،

فلن يضُرَّك شيء ولو وقعتْ السماء على الأرض!

قال أحد الأئمة :)

(الإخلاصُ سِرٌّ بينَ الله وبينَ العبدِ، لَا يَعْلَمُهُ مَلَكٌ فَيَكتُبَه، ولَا شَيْطَانٌ فَيُفْسِدَهُ ولَا هَوى فيميلَه) ...

#آلَلَهّمًَّ نِظُرةّ مًنِکْ إلَيَ... 🍁🌺