shbak-baba

[shbak-baba]

حد على تويتر بيسأل ايه الذكرى السعيدة الي هتستدعيها لو عاوز تعمل تعويذة باتروناس قوية؟ وهي تعويذة في عالم هاري بوتر بتحتاج تفكر في ذكرى سعيدة عشتها عشان التعويذة تتم وتحميك من كائنات شريرة اسمها الدمنتورز، المهم، بفكر في السؤال من أول ما قريته، ايه الذكرى الأسعد في حياتي؟ لفيت على كل الأحداث السعيدة، وما حستهاش أوي، لان كل حدث سعيد دماغي كانت شغالة في الخلفية بتفكر وبتنكش على مسببات القلق والتوتر من الحاصل او من الي جاي، لكن جه في بالي مشهد هادي، قبل وفاة بابا بسنة كنا قاعدين كلنا في البلكونة والجو حلو، المشهد اكتسب مكانته بسبب ان بابا مشي، وبقى مشهد بسيط زي دا مش ممكن يتكرر، ولكنه حصل، ودا كفاية انه يكون ذكرى سعيدة، ٢٣ سنة مش كفاية معاك يا بابا لكن اهو الواحد بيصبر نفسه.

[shbak-baba]

الاماكن كلها مشتاقة لك

البلكونة التي سكنتها في مرضك

الوسادة التي كنت تتكئ عليها

قنوات الاخبار التي كنت تتابعها

غرفتي التي لم تكن تطرقها قط

أم كلثوم التي تشاركناها الحب

وقلبي، الذي مات من بعدك ليبعث مرة أخرى في نسخة أصغر وأحزن

[shbak-baba]

[shbak-baba]

ولا بتهدى ولا بترتاح في يوم يا قلبي..

من بعد وفاة بابا وأنا بتجنب أسمع أم كلثوم زي زمان، لاني مش طول الوقت مستعدة أفكر في بابا، ولأن دا النشاط الوحيد المشترك الي كان بيننا، فلجأت لعبد الحليم، الي ما استظرفتوش خالص غير قريب جدًا، يمكن من بداية تعب بابا، حاليًا غرقانة في طعامة ورقة عبد الحليم على المسرح، وحزنه طبعًا.

https://youtu.be/QzGVKJfZlWE

[shbak-baba]

سقوط حر

كم يومًا بالضبط سيسمح لي بالحزن؟ مات أبي منذ ما يقرب من العام وكل يوم يتجدد الحزن بداخلي، في البداية كان حزني مشروعا، يتوقف العالم من أجله، أو على الأقل يتوقف عالمي أنا، أما الآن فأصبح حزنًا عاديًا، حزنًا يوميًا علي التعامل معه وحدي أمام المرآة أنا وهواجسي. كم مرة يسمح لك بالبكاء عند موت أبيك قبل أن يصبح الأمر أكثر من اللازم؟ كم مرة يسمح لك بالانهيار في العمل أو البكاء في الشارع؟ ومتى ستمر بالسبع مراحل اللعينة حتى تصل الى مرحلة التقبل؟ 

مات خالي الأكبر وأنا في الثامنة أو التاسعة وبكيته حتى بداية عقدي الثالث، مات أبي وأنا في نصف عقدي الثالث، كم سأبكيه إذا؟ تربكني الاحتمالات، تربكني احتمالات انني سأبكيه للأبد، تربكني مراحل الحزن من الإنكار والغضب والاكتئاب والتقبل في النهاية، لماذا علي أن أتقبل موت أبي؟ كم أبًا لي حتى أفقد واحدًا؟ كم عشت مع أبي حتى أحرم منه؟ لكنني لست غاضبة، ولا أنكر، ولست أشعر بالاكتئاب، على الأقل ليس بسبب موت أبي. أنا لم أجد بعد صدى الحدث بداخلي، لم أسمع وقع الخبر وهو يرتطم بقاعي بعد، أشعر أنني في رحلة سقوط حر منذ عام كامل، أسقط بداخلي دون الوصول إلى قرار. 

قرأت مرة أن فرانز كافكا كان في زيارة لصديقه ماكس برود، دخل كافكا بالخطأ غرفة والد ماكس وكان نائمًا فهمس كافكا معتذرًا: اعتبرني حلمًا، طالما سُحرت بهذا الاعتذار، اعتبرني حلمًا، هكذا بكل بساطة، حلم سعيد أو تعيس لا يهم، فكل الأحلام تنتهي بالاستيقاظ، وما أجمل أن يهمس لي أحدهم الآن: اعتبرني حلمًا. ليختفي كل ذلك وأجد نفسي في موعدي كل ليلة مع أبي لسماع أم كلثوم صامتين مرة أخرى. 

الحزن لا يتضاءل، نحن من نكبر حوله، أو هكذا أتمنى. أنسج الخيوط حول حزني حتى لا يكتشفه العابرون، أدخره لمن يحاورني، فيظهر في أول جملة ويفرض حضوره كلما استطردت في الحديث، فاعتدت الاقتضاب.

[shbak-baba]

النهاردة يوم تقيل أوي يا بابا، حلمت بيك حلم وحش، أول مرة، ولحد دلوقتي مش قادرة أتجاوز اثره عليا، انا عارفة انك كويس، بس دلوقتي انا مش كويسة، اليوم كله flashbacks من يوم ما سبتني ومشيت وايام العزا، بعيط في الطريق ومش عاوزه اروح عشان عارفة اني هعيط اكتر، وحشتني اوي ونفسي دا كله يخلص.

[shbak-baba]

من سنة بالظبط أنا وأنت كنا راجعين من القاهرة، لآخر مرة بعد ما خلصت رحلة الكلية، الرحلة الي أنت كنت رافضها بس دعمتني فيها بالكامل، جميلك فوق راسي يا بابا، جميلك فوق راسي انك احترمت رغبتي رغم وجود اختيارات تانية كتير. واحنا راجعين كنت خايفة ومترددة، بس الشهور القليلة الي عشتها معاك بعدها وقبل ما تموت بالدنيا عندي، مبسوطة اني قدرت اقضي معاك وقت، وحشتني وعايشة على أمل مقابلاتنا الي جاية يا حبيبي.

[shbak-baba]

وحشتني أوي يا بابا، الزمن ما سمحلناش نقعد مع بعض أكتر، بس أنت دايمًا في بالي، دايما بسمع أم كلثوم وأفكر فيك.

[shbak-baba]

عارفة ان الحزن ما بيردش غايب، وعارفة انك ما ضعتش، أنت موجود ولكن في مكان تاني، بعد تاني، بتسمعني وشايفني ومحاوطني بأمانك الي حاوطني بيه طول عمري، لكن لما أنا أحب أشوفك أعمل ايه يا بابا؟

[shbak-baba]

وحشتني أوي يا بابا، الوقت بيزود الوحشة مش عكس. كل ما الوقت يعدي كل ما بشتاقلك أكتر. وحشني صوتك في البيت، وحشني انك تقولي يا بطة، مفيش حد بيقولي يا بطة دلوقتي.

وحشني أشوفك تحت البيت ونطلع سوا، فاكر لما نقلنا جديد وتهت عن البيت ونزلت جبتني؟ كنا بنضحك سوا، ضحكتي من غيرك ملهاش معنى.

[shbak-baba]

أحب يدي اليسرى لأنها تذكرني بك، الخاتم في اصبعي الأوسط اهديتني إياه وأنت على سريرك في المستشفى، والساعة حول معصمي اقتنصتها منك وأنت تتعافى بيننا، لم أدرك وقتها أنك سترحل وسيبقى الخاتم والساعة، لكنك لم ترحل كليًا، أنت باقٍ بقلبي.

[shbak-baba]

مش فاكرة أنت أي طفل في الصورة، لكن فاكرة يوم مالقيناها عند جدو سيد وقد ايه انبسط بيها وقولتلي اصورها عشان يبقى معانا نسخة منها، جدتي أسماء في الصورة، ماما بتقولي اني شبهها، مش باين لكن ياريت.

النهاردة مسكت محفظتك بدور على صورة ليك احتفظ بيها ولقيت واحدة بس ماقدرتش أغير مكان حاجة أنت حاطتها بإيدك، دورت في الدرج ولقيتلك صورة وأنت شباب وأخدتها، كنت وسيم أوي يا بابا، الدنيا غيرت ملامحك يا حبيبي، بس ضي عينك زي ما هو لحد آخر صورة لينا قبل ما تمشي.

لحد دلوقتي احنا مش قادرين نقرر لون عينك إيه، لا أخضر ولا أزرق ولا رمادي، هو كلهم، عينك كانت حلوة أوي.. كانت.

بفتكرك طول الوقت، أتمنى تكون شايفنا ومطمن.

[shbak-baba]

كل مرة بسافر القاهرة بعدي عالمكان الي شفتك فيه آخر مرة وأنا بودعك، كل مرة بستغرب من كون الدنيا مشيت عادي.. الدنيا مابتقفش على حد بس أوقات بتمناها تقف ولو دقايق أشم نفسي، وأحس.. من وقت ما مشيت وأنا خايفة أحس.

الدنيا وحشة أوي من غيرك ومن غير خالو، أوقات بجزع وبقول يا رب كنت سبتلي واحد فيهم اتسند عليه بعدين برجع وأقول عالاقل بتونسوا بعض فوق، أتمنى تكون راضي عني.

[shbak-baba]

وحشتني أوي يا بابا، كنت فاكرة إن الوقت هينسيني لكن بالعكس، كل ما الوقت يعدي بتوحشني أكتر.

كل يوم بليل لما بسمع دوشة عند الباب بفتكرك داخل علينا أكنك راجع من الشغل بليل زي عادتك، بس الباب مابيتفتحش وانت مابترجعش.. ماينفعش ترجع ليلة واحدة؟

يمكن ماكنتش بتقعد معانا كتير، بس البيت ناقصه حسك، الدنيا كلها ناقصها حسك.

كل ليلة بحلم بيك فيها بصحى قلبي هيتقطع بين الانبساط والقهرة، ما تغيبش عني كتير، بحبك.