Don't wanna be here? Send us removal request.
Link
3 notes
·
View notes
Text
شو بعاد
متل تنين, متل كفين ع مفرق
بيلّوحوا، ومتل السفينة قبل ما تغرق
شو بعاد
متل عينين، ما بيلتقوا إلا بالمراية
وبيناتنا في قزاز
وفي زمن هزاز,
(...)
وما منلتقى إلا متل كفين، ع طاولة ورغيف,
وشو بعاد متل تنين
بيتقاطعوا ع رصيف
- مسافة، محمد العبد الله
7 notes
·
View notes
Audio
6 notes
·
View notes
Photo
هيفا وهبي تحمل علم نادي “النجمة” في ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية في بيروت، قبيل انطلاق مباراة “النجمة” ونادي “فلامنغو” البرازيلي في تشرين الأوّل من العام 2003. Haifa Wehbe in Camille Chamoun Sports City Stadium, October 2003.
19 notes
·
View notes
Text
نقل فؤادك حيث شئت
الواحد بيخسر مع الوقت، الرغبة في إعادة أي جميل منفلت، المثابرة في الطلب، والتفاني في إعادة إحيائها، بيتصالح مع إن كل جميل وقتي، زي كل مش جميل، الأشياء تحدث وبتنفلت بدون قدرة على إعادة ضبطها، إن الحياة عوالم لحظية متغيرة، بتنتهي بسرعة عشان تخلق عوالم لحظية أخرى، كل عالم جديد بيختزن نفس الجمال الأول، لكن الحنين هو اللي بيفسد كل شئ
وأعتقد إنأ كتر حاجة اتغيرت مع الواحد بالتجربة هي تخلصه من وهم المحاولة الأخيرة، النقاش الأخير اللي ممكن يعيد إصلاح العلاقات، أو العتاب اللي ممكن يخفف القسوة فيظهر وراءها وفاء ينجح في إحياء المودة مرة تانية ولو بدرجة ما، وهم إن الناس بتنفصل لسوء تفاهم محتاج تحليل عقلاني مطول يفند أسباب الخلاف، الناس بتنفصل لإنهم بيجروا، الحياة كلها عاملة زي كإن فيه كارثة في مدينة ما، الكل بيجري ويهرب ويستخبى ويحاول يتمسك بالنجاة، في وسط الهيصة والزحمة دي، ممكن يخطف ابتسامة هنا، ممكن يستريح على الرصيف، ممكن يسند على جدار، ممكن يدندن اغنية عشان يطمن نفسه، وممكن كمان يحاول ينسج علاقات مع الناس اللي بيصادفهم، الطبيعي إن دا ماينجحش لإن كله بيجري، ولإن في لحظات لازم يسيب فيها ايد اللي معاه، عشان الاتنين يعرفوا يفروا بحياتهم، لو اتقابلوا بعد كدا في جرية تانية، هيقعد يقول إن كل دا كان مقدر وإن فيه تخطيط إلهي، وعشان يعمل كدا، هينسى كل ، اللي مقابلهمش مرة تانية، واللي كان ممكن جدا لو اتعتر فيهم يقول نفس الكلام عن القدر والأصالة والخطط الكونية
كمان الناس مش شديدة الاختلاف عن بعض، ومفيش سحر بيجمع بين اتنين بعينهم، أكتر شخصيات متشابهة ممكن مايقدروش يعرفوا بعض من سرعتهم وهما بيجروا، وأكتر اتنين يبانوا مختلفين، بطء الزمن كفيل لاكتشاف العكس، الجري كفيل بهدم أكثر العوالم الواعدة، والطمأنية قادرة على إعادة تشييد أكثر العوالم المدمرة
وعشان كدا ��ن أكثر الحاجات المثيرة للتفكير بالنسبة لي هي العلاقات الطويلة جدا، المعقدة على الدوام، العلاقات اللي مبنية على لحظة طمأنينة أصيلة، اختفت بسرعة، وتركت أطرافها بتحاول إعادة بنائها مرة أخرى، بدون أي نجاح، وبيكون الجزء المحير، إن هل الناس في العلاقات دي بترجع لبعضها عشان في شئ أصيل جدا، مابيعرفوش يتجاوزوه، لإن العلاقة دي حقيقية لدرجة إنها بتقدر تحارب كل أسباب انتهائها وبتجبر أطرافها على العودة، المرة تلو الأخرى، وللا إن فشل كل محاولات العودة دي هي دليل أصلب على إني مافيش أي حقيقي يمكن البناء عليه، وإن لحظات الانفصال هي اللحظات الأكثر حقيقية مش العودة، ازاي ممكن يكون سوء التفاهم متكرر في كل محاولات إعادة الوصل، إلا إن كان سوء التفاهم دا هو الشئ الحقيقي من البداية، الشئ الحقيقي اللي مرور الزمن، نحاه تماما من ذهن الناس لصالح شبح جمال ما، ماكنش موجود في الأول
ومش عارف هل بتكون فيه لحظة طمأنينة خالصة، بحيث إنها بتكون قادرة على الحكم على أي لحظات أخرى بالزيف أو الادعاء، وللا لحظة الطمأنينة دي بتكون من فعل مرور التاريخ، يعني كل ما بتفشل لحظات طمأنينة أخرى قبل الأوان، دا بيمنح لحظة ما في تاريخ الواحد، أصالتها وجمالها، اللي ماكنوش موجودين من الأول، واللي بيتبنوا في ذهن الواحد، بتكرار الفشل في اللحظات الجديدة، رغم إن الفشل نفسه كان برده من نصيب اللحظة الأولى
في كل وقت، كان الواحد عارف إن الخذلان فعل أناني ومدمر، لكن اللي الواحد بيكتشفه إن اتهام حد ما بالخذلان، دا كمان فعل ممكن مايقلش قسوة وأنانية عن الخذلان نفسه، محاولة سجن ناس في عوالم ماتنفعش تتبني تاني، لمجرد إنه مش عارف يبني عالم جديد، ولمجرد إنه يكف عن تحديق عوالم بالطوب عشان مايقدروش يستمتعوا بيها، لكن الكف عن تحديف الطوب دا غالبا بيكون خارج استطاعته، هو مش قادر يتجاوز عالمه المنهار اللي بقت إمكانية استعادته مرتبطة حصرا بهدم العوالم الأخرى، وإن تجاوزه لدا مرتبط بإنه يشوف شبح عالم جديد تالت، العالم الجديد دا ممكن كمان ينتهي بعد فترة قصيرة، ممكن يزعل عليه لكنه لإنه ظهوره وزواله كان سريع مش هيعرف يخلي انهياره كارثي، وكمان مش هيعرف يستعيد وعيه بكارثية انهيار عالمه الأول، ولا وعيه بعداوته للعالم التاني اللي كان بيحدفه بالطوب
بيتعلم إن كل ما ينهار له عالم جميل، يشيله في قلبه ويستمر، أكثر ثقلا لكنه أكثر قدرة على التأقلم، ودا بيخليه يتعلم يكون حزين بدون ما يكون مكتئب، وأكثر هشاشة بدون ما يكون محطم
983 notes
·
View notes
Photo
الكاميرا شيء شرير. يعني قيمتها المتمثلة بحفظ الذكريات، والذي نعتبره أمراً عظيماً، هو أشرّ شيء أوجدته البشرية. لماذا؟ لا أعرف. لكن، الامكانية التي تتيحها، امكانية المقارنة بين الذكريات واللحظة الحالية، أمر مؤذ وحقير في الوقت نفسه. تُشعرك بالضعف الشديد، والهشاشة، وانعدام القدرة أمام الوقت. بمعنى بسيط، تكمن الفكرة في عدم قدرتنا على منع فناء الأشياء والأشخاص وتلاشي الذاكرة. الكاميرا تساوي الخراء.
11 notes
·
View notes
Audio
Fairuz on Assi Rahbani’s death. (May 4, 1923 - June 21, 1986)
85 notes
·
View notes
Video
vimeo
مشاهد الأيدي في أفلام روبرت بريسون، وحده روبرت بريسون يعلم عن الأشياء التي يمكن للإنسان التعبير عنها بالأيدي… العمل أخّاذ.
105 notes
·
View notes
Photo
طرابلس خلال هجوم مسلحين لثكنة بهجت غانم في طرابلس ونهب محتوياتها في 14-03-1976
courtesy of nakedbana2
14 notes
·
View notes
Text
2 رسالة مفتوحة: القاهرة / بيروت
يحدث أحيانا، أن تنظر لوجه أحدهم للمرة الأولى، وتفكر من الجيد أن يبقى هنا، وقد يصبح كل شيء على ما يرام.. لا يهم الأسامي والمعرفة المسبقة في تلك الحالة
،عزيزي رضا
أحيانا أخرى أشعر بلحظات كشف مرعبة، وكأنى عين كاميرا تلتقط صورة من أعلى، وتستطيع رؤية نسخة أخرى مني عند نقطة معينة، ومعرفة موقعها بالنسبة إلى النقاط الأخرى، ورؤية ما سيحدث وربطه بما سبق حدوثه، والحصول على معنى مكتمل للقصة التي أعيش بداخلها. إنه مجرد شعور مبهم، شريط سينمائي من الصور السريعة التي تمر أمام عينيك دون أن تلتقط التفاصيل الواضحة، ولكنك تدرك عن يقين أن هذه كل أيامك التي تنتظر وصولك إليها بشغف. إنها فقط مسألة وقت، وطرق يجب عليك عبورها وحيدا أو مع آخرين. تماما مثل صعود الجبل، تعلم جيدا أن القمة هناك، وأن عليها غرفة صغيرة دافئة للمبيت، وأنك ستصل في الوقت المحدد لترى شروق الشمس أو غروبها، ولكنك لا تستطيع قفز كل تلك المسافة الطويلة واختصارها، كما لا تستطيع استعجال الإجابات رغم احتياجك لها هنا والآن. ربما علينا إلى جانب تلك اللحظات الاستثنائية أن نكتفي بالأسئلة لكونها أسئلة فقط، ونتعود على رقود علامة الاستفهام بجانبنا لوقت طويل
بعد أن قرأت رسالتك، تمثلت تلك الصور الذهنية بعقلي، ورأيت خيوطا تمتد عبر نقاط التماس، وكأنك ترسم خطوطا في ليل السماء لتشكل إحدى المجموعات النجمية، وتدرك أن موقع كل نجمة منها فوق رؤوسنا له معنى ودلالة، وأنها مجتمعة معا لتصنع صورة واضحة وتحدد اتجاها للمسير، تصبح عونا كي لا يضل المسافر. وعلى سيرة النجوم، أحب قصة بنات نعش منذ أن حكاها أمامي صديقي محمود بإحدى الأمسيات الفلكية في سانت كاترين .. سأحكيها لك لاحقا .. أصلا من هنا وطالع هيبقى فيه ست تانية اسمها “كاترينا” مابوقفش حكي عنها .. زي مس أو سحر صابني .. استحمل بقى
كثيرون لا يرون في ذلك المكان سوى بعض الرمال والحصى والحجارة والجبال المقبضة، وبعض البيوت المتواضعة المتناثرة حولها. ربما لو شعروا فقط بتلك الطاقة السارية عبر جسدي حين أمشي حافية القدمين على الحصى الصغير رغم خشونته، أو لو أنصتوا قبيل الفجر لتواشيح نصر الدين طوبار، أو رأوا الياسمينة الصغيرة تقاوم الصقيع، أو شجرة واحدة يثمر نصفها خوخا، والنصف الآخر مشمشا. لو جلسوا بجوار ضريح النبي هارون عند المغرب أو بعد منتصف الليل –هل تعرف أن المقابر هى أحب أماكن الله إلى قلبي وأكثرها أثرا على سكينة روحى؟- ولو تأملوا ورقات الزيتون التي تكاد تضيء دون أن تمسها الشمس… لو أدركوا كل هذا سيعرفون معنى الحياة البكر، وأن المعجزات الصغيرة ما زالت تحدث، وأن الحياة نفسها بجانب الموت أمر طبيعي يحدث كل يوم بأكثر الطرق رقة ورحمة، وأن هناك الكثير الذي يستحق الاحتفاء وإثارة الدهشة الطازجة، وكأنك طفل تكتشف هطول المطر لأول مرة
مع الوقت أيضا ا��تشفت حبي للمناطق الجبلية. أغراني الوقوف على الحافة المرتفعة والعالم مستقر في وداعة أسفل منّي، وممتد بلا نهاية. ومع الوقت أجدني مرتبطة بكل ما له علاقة بالأرض، كل ما ثبت وتغلل بداخلها. تضحك إسراء وهى تسألني بأسلوب استنكاري كيف لي ألا أخشى المرتفعات، وأموت رعبا إذا نزلت البحر. وأجيبها أني لا أتحمل فكرة زوال إحساسي بالأرض أسفل قدمي
عموما، ربما أنا من تحب الأماكن الصغيرة، البيوت الصغيرة، والمدن الصغيرة. المدن الكبيرة الصاخبة مثل القاهرة تصيبني بالارتباك والذعر، وفي النهاية تجد أنك تقلص أماكنك المفضلة إلى واحد أو إثنين، سيمثل ذلك المكان مدينتك الخاصة، التي ستصاب بنفس داء الضيق والمحدودية وزوال الاحتمالات. مع الوقت سيعرف كل الناس كل الناس، ستتشابك الدوائر وتتعقد، وعند نقطة معينة صدقني لن تقدر على تمييز طبيعة علاقتك بالآخرين. هل تلك الفتاة صديقتي، أم معرفة جيدة، أم معرفة سطحية. وما الذي يعنيه أن يكون هناك صديقا مقربا بالضبط؟ وعلى اتساع العلاقات الاجتماعية، والمساحات، وكثرة الأماكن، والفعاليات، والمعارض، والحفلات، وتزايد معدل الحيرة مثلا أمام مسرحية وفيلم يُعرضان بذات الوقت، وانقسام الصفوف بين مؤيد للمسرحية ومؤيد للفيلم، سينشق صف ثالث تقف فيه بمفردك، وينتهي اليوم بمكوثك في البيت أمام الشاشة أو قناة إم بي سي ماكس. الإرهاق الشديد المتواجد في المسافة بين ما يمكن فعله وخذلان جسدك لك. أو الإرهاق الشديد بين ما يمكن فعله وتبخر الآخرين من حولك. تعودت في مرحلة ما على حضور الأفلام وحيدة، رغم التقائي بالكثير ممن أعرفهم جيدا هناك. ونجحت في الاستمتاع بصحبة ذاتي أثناء التجول بشوارع وسط البلد والجلوس في مطاعمها ومقاهيها. عرفت كم الوحدة التي أغرق بها، حين أدركت أنه لا يوجد أحد يكون أول من يرد على خاطري، إذا تملكتني الرغبة في الحديث بالثالثة صباحا، أو في مشاركة الفطور وفنجان القهوة. كان عليّ إعادة تقييم علاقاتي وموقعي من هذه المدينة المرعبة
كنت تصف بيروت وكأنك تتحدث عن الإسكندرية، تماما كأصدقائي ممن يعيشون بها. لا أعرف إن كان سبق لك زيارتها بالفعل أم لا. صديقتي “نرمين” ترى في الإسكندرية مكافئا مثاليا لكل ما افتقده في رائحة بيروت، حيث قضت عدة سنوات وهى طفلة هناك. يصيبها ضيق شديد ف�� التنفس إذا مر عليها وقت طويل بالقاهرة وتبدأ موجة الحنين الجارف للبحر والسماء المفتوحة. الإسكندرية بالنسبة لي أيضا مدينة واسعة على صغر حجمها. الاتساع هنا يأتي من “البراح” الذي تخلقه في الروح. أدافع عنها دا��ما بأن لا حي فيها يشبه الثاني، وأن التنوع والثراء الذي تملكه في تفاصيلها لا يوجد بأي مكان آخر. حتى الرائحة. لن تتماثل رائحة بحري مع سيدي بشر أو المنشية أو زيزينيا أو كامب شيزار. لن تجد البحر في سيدي جابر مثلما هو في محطة الرمل. الفرق بين الإسكندرية والقاهرة كالفرق بين الشوارع الرئيسية التي تنهبها السيارات، والحارات الضيقة ذات الإضاءة الخفيفة المريحة للعين، وأنفاس البيوت المتسربة من النوافذ، وصوت بعيد لأطفال يتشاجرون على الكرة. أشعر عند تلك النقطة أني أعيد إنتاج كليشيهات محفوظة ومكررة. لا بأس ما دمت أصدقها جيدا
قد لا يهمني الإبهار يا رضا .. أريد فقط لحظة مشاركة حقيقية. أن يكون لجملة “صباح الخير” وقعا مختلفا عما ألفناه
أنا فقط لم أتخيل بيروت بهذا الصغر كما حكيت عنها. حين شاهدت فيلم “بيروت الغربية” شعرت أنها مدينة كبيرة للغاية على كل ما يحدث فيها. كيف تم تقسيمها إذن إلى شرقية وغربية إذا كان بإمكانك قطعها خلال ربع ساعة فقط؟ ليس هذا فحسب ما يشعرني بالارتباك. كلما قرأت عن أسباب الحرب الأهلية والأطراف المتنازعة بها، أجد أن كل المعلومات قد تبخرت من رأسي بعد وقت قصير، وأعود من جديد لا أتذكر كيف بدأت الحرب، ولماذا تحولت إلى إسلام ومسيحية، وماذا كان دور كل طرف من الأطراف العديدة المتداخلة في ذلك الكابوس الذي استمر 15 عاما. أتخيل أنه بعد عام أو إثنين على بدء الحرب، ربما قد انتفت كل الدوافع التي أشعلت الأزمة، ثم استمر القتال بين أطراف لم يكن لها لا في الطور ولا الطحين من الأصل. ربما استمروا بقصور ذاتي، كالذي يقذف بنا لأمتار عديدة عند نزولنا من حافلة تسير بسرعة كبيرة دون تمهل. ربما استمر قصورهم الذاتي لـ10 أعوام كاملة، قبل أن يدرك أحدهم أنه ترك ركوة القهوة وقوالب السكر فوق منضدة المطبخ دون أن يطفىء النار، وهرول إلى الشارع مع بندقيته ناسيا غلق النافذة، حتى لا تتسلل منها قطة الجيران التي لا تشبع أبدا. ربما لم يحمل معه حتى علبة سجائره وأخذ علبة الكبريت فقط. ربما أدرك بعد مرور 10 أعوام أن مطبخ بيته بأكمله لم يعد له وجود
أصيب بالصداع والدوار حين أبدأ بالفعل في البحث عن سبب اشتعال أي من الحروب الكبيرة، مرورا بمراحلها حتى انتهائها. تتداخل عليّ الأرقام والتواريخ، وحين أظن أن أمسكت بكل التفاصيل بين يدي، وأصبح عندي القدرة على استعادتها ومناقشتها مع الآخرين إذا استدعى الأمر، أجدني وصلت لمربع صفر من جديد. في النهاية لعنت الأمر برمته، وقررت أنه إذا سألني أحدهم عن حرب فيتنام مثلا سأخبره ببساطة أني لا أعرف شيئا وغير مهتمة. بالنهاية كان هناك أشخاص عاديون، مهما قرأت بحثا عن الحقيقة، لن تعرف شيئا عنهم على الإطلاق. سيصبحون مجرد صور معلقة على الحائط
ربما كان لذلك علاقة بحبي الشديد لـ“بيروت الغربية”. هو لا يحكي عن الحرب بقدر ما يحكي عن الحياة التي تجمع هالة بزوجها، والعلاقة بين إبنهما طارق وعُمر صديقه. كلما استعدت الفيلم بمخيلتي، كلما وقفت دائما عند مشهد النهاية. هالة جالسة بجانب زوجها تستمع إلى عزفه على العود، ثم تتحرك الكاميرا ناحية اليمين، نرى طارقا في الظلام يستند بظهره على الحائط ويبكي. يتسع المشهد ليضم أبيه على الجانب الأيسر من الشاشة، وهالة ليست هناك. إنها موجودة على شاطىء البحر، وطارق يصورها بالكاميرا الفيلم. يتحول لون الصورة إلى الأبيض والأسود، وتتحرك هالة ناحية إبنها بتصوير بطيء وهى تضحك بصوت غير مسموع، ولكن ضحكتها ملأت الصورة بأكملها. حينها أدركت أنها ماتت، وأن تلك اللحظة فقط هى التي تبقت من سنوات الحرب، وتبقت في ذهن طارق عن ذكرياتهما سويا. هذا ما يجعلني أعشق السينما، وذلك التواصل الإنساني الذي تنسجه معنا. أتذكر الآن سلمى مصفى حين غنت: “ما راح يبقى إلا ها الصور وعُمر لَوَرا”
في وقت لاحق تحدثت مع “نرمين"عن الفيلم، وأخبرتني بقصة مدهشة. كان لا يزال دور "عُمر” شاغرا ولا يجدون صبيا مناسبا لتلك الشخصية، وأثناء تصوير أحد المشاهد في شوارع بيروت، كانت هناك جلبة وسمع الطاقم صوت أحدهم يتشاجر ويسب ويلعن. اتضح أنه فتى أسمر قصير القامة يُدعى “محمد شمس"، ورأى فيه المخرج كل ما كان يتمناه في "عُمر"، وكأن الدور خُلق من أجله. وافق "شمس” الذي يعيش بالملجأ على الاشتراك بالفيلم. ثم تنتهي دورة المصادفات بأن تشاهده أمه على الشاشة، وتتعرف على ابنها الذي ضاع منها منذ سنوات عديدة. ارتج قلبي بشدة وأنا أستمع لتلك القصة. ها هى نقاط التماس تتجمع مرة أخرى لتكوّن المعنى. أظن أن الله كان حينها واقفا ع خاطر “شمس"، ويكفي أيضا أن يكون الفيلم قد صُنع فقط حتى يلتئم شمله بعائلته مرة أخرى
في مكان آخر بزمن آخر، كان "حبيبي"، أو"كيشلوفسكي” يتحدث عن رؤيته كمخرج، قائلا إنه مهووس بتلك الفكرة، أن يكون هناك أشخاص مختلفون، بأماكن متفرقة، يفكرون بنفس الشيء في نفس الوقت، ولكن لأسباب قد تتنوع وتختلف. يقول كيشلوفسكي أنه يحاول صناعة أفلام تخلق تواصلا بين الناس. أو ما نقصده هنا بلحظات “الونس”. كان يعرف جيدا كيف يخلط أنفاس البشر بأفلامه، ويمزجها برائحتهم، وأصواتهم الخافتة، وتأوهاتهم، ووقع خطواتهم على الأرض، وألوان ملابسهم، والضوء المتسرب من النافذة لينعكس على وجوههم، والمشاهد التي يُجرى تصويرها داخل أحد المطابخ فتضفي مزيدا من الحميمية على الأشياء. أظن أن المطابخ هى ما تحمل شخصية البيوت، وتلخص الكثير من التفاصيل لحياة من يسكنها
في موقف آخر كان يصف الحياة بأنها مثل زيارتنا إلى أحد المقاهي، نجلس لبعض الوقت بالقرب من أشخاص غرباء، ثم ننهض ونغادر المكان ونمضي في طريقنا. قد لا نقابل هؤلاء الأشخاص مرة أخرى، وإذا قابلناهم لن نلحظ أبدا أن هذه ليست المرة الأولى
أراد كيشلوفسكي لنا أن نرى الصورة من أعلى بعين طائر، نتابع حياة شخصين يعيشان بنفس الشارع ولكنهما لا يلتقيان أبدا، ونتعرف على قصص عدة أشخاص يعيشون بنفس البناية، وربما مر أحدهم في خلفية الشاشة في فيلم آخر بعيد تماما. في أحيان أخرى كنا نرى العالم بأعين شخوصه حرفيا .. كالمشهد الذي ماتت فيه فيرونيكا .. توحدنا معها في لحظة الموت، وعند انتقال روحها إلى أعلى فوق مقاعد المتفرجين .. كان يشركنا معه في شريط الصوت، مما يجعل آذاننا أكثر رهافة وانتباها لكل التفاصيل السمعية التي تمر من حولها .. كان هذا تعريفه لمفهوم الونس والتواصل
مؤخرا، يأتيني ذلك الشعور القوي بأني لست بمفردي مثل فيرونيكا، أو بأني منقسمة بين مكانين في الوقت نفسه مثل فيرونيك. الصراحة أن مسألة الانقسام تلك أشعر بها منذ أن وعيت على الدنيا تقريبا. صوت ما يخبرني بأن عليّ التواجد في مكان آخر. تدور في عقلي حياة موازية أكثر مرحا وإثارة للاهتمام ومليئة بالألوان والحركة والتفاصيل والشغف والموسيقى والمساحات الواسعة والطاقة الحية التي لا تنضب. أفكر في نسخة أخرى منّي أكثر جرأة وأنوثة وانطلاقا، تدخل الكثير من المغامرات التي قد تحكيها بفخر لأبنائها يوما ما. حدث أني كنت أتصفح الفيس بوك منذ عدة أسابيع، وتوقفت عند ألبوم صور لإحدى ورش الرقص المعاصر، وطالعني وجه مألوف بشدة لإحدى الفتيات. كان شيئا في ملامحها يجذبني، أو يشبهني، وتحمل قصة شعر مشابهة أيضا. تأملتها قليلا، ثم انتبهت إلى وجود أسماء الأشخاص بالصورة ناحية اليمين. لم يطل الأمر لأعرف أنها تحمل اسمي، واسم عائلة أبي. دخلت على حسابها وشاهدت صورها الشخصية. كان يبدو واضحا أنها تقوم بالعديد من النشاطات الفنية، وبأن حياتها تبدو مكافئة لتلك الصورة الذهنية في عقلي. منعت حالي من التفكير كثيرا في ذلك الأمر وأغلقت حسابها ولم أعاود زيارته مجددا. ولكن الفكرة في حد ذاتها مخيفة إلى حد ما. كنت قد اشتركت في ورشة رقص معاصر في ��داية العام بالمناسبة، ثم أدركت أنها تجربة المرة الواحدة، لن أتحمس كثيرا لتكرارها على أية حال
يبدو لي الآن وكأن العالم الذي نعرفه، متواجد بأكمله داخل الكرة الصغيرة الشفافة التي كانت تحملها فيرونيكا. وأن ما يحدث خارجنا هو انعكاس لصورة ذلك العالم
دعنا نتخيل أيضا أن النجمتين بتلك الكرة تمثلان السماء. وفي تلك السماء هناك 4 نجوم ترسم مستطيلا، و3 نجوم أخرى تلحق بهذا المستطيل. تقول الحكاية البدوية أن الثلاث نجمات هن بنات رجل قتله شخص يُدعى الجدي، أو النجم القطبي. وأنهن يسرن خلف نعش أبيهن الذي تمثله النجوم الأربعة. البنات لا يعلمن أن القاتل الحقيقي يمكث بالقرب منهن طوال الوقت. فلو مددت خطا على استقامته من إحدى نجمات النعش ستصل إلى النجم القطبي، وتستطيع تحديد جهة الشمال. البنات لا يتجهن شمالا، بل يدرن في كل اتجاه آخر خلف نعش أبيهن ظنا منهن أن القاتل هو النجم سهيل. إنهن لا يستطعن العثور عليه لأنه لا يظهر كثيرا. يلمع وينطفيء، يلمع وينطفيء دون ثبات على حال
أثناء بحثي عن تفاصيل القصة من جديد وجدت أبياتا تقول:
انقتل النعش وارتج السما
اللي قتل الجدي وسهيل اندمى
بنات نعش يا دوارة الليل
اللي قتل الجدي واتهم سهيل
أظن أن الله يا رضا يسكن في الكثير من التفاصيل التي تحتل المسافة بيننا من القاهرة وحتى بيروت، وأنه وقف ع خاطرنا نحن الإثنين أيضا حين تبادلنا هذه الرسائل. قد نكون تواصلنا معه حين طيّب روحينا بجرعات ونس مكثفة تملؤهما حتى الحافة
ملحوظة: استمعت بالمصادفة لأغنية فيروز في الليلة السابقة على رسالتك –إنها إحدى مفضلاتي بالمناسبة- وقمت بالضغط على زر الريبوست لنفس الرابط الذي قمت بإضافته. فقط لم أكن أعلم أن دارينا مدينة من الخيال
..
34 notes
·
View notes
Link
يصعب القول أنّ الأشياء قد تحصل صدفةً هنا. كل شي متوقّع، والأحداث تبدو جميعها مألوفة، من الصعب العثور على لحظة إبهار. (ليس الوضع بهذا السوء، ولكن…). يخطر لي الآن أن علاقتي بالعالم الذي أعيش فيه شبيهة بعض الشيء بعالم ايما بوفاري: كلانا يبحث عن تجاوز ملل عالمه، باللجوء الهوسي (يأتي ويذهب بالنسبة إليّ) إلى الروايات. لكنّ ذلك لا يمنعني (محاولاً التماهي مع مدام بوفاري) من أن أطلّ برأسي إلى العالم (والمقصود فيه هنا بيروت) بين فينة وأخرى، أملاً برؤية ما يبهر. ربّما لذلك، كانت المنتديات ومن بعدها المدونات (وربّما “تمبلر” الآن) أمكنةً أحبّها، حيث يحصل تواصل غير مفهومٍ وغامض (أعرف أنّها مبالغة) بين أناسٍ لم يلتقوا يوماً، وربّما لن يلتقوا أبداً.
في الآونة الأخيرة، صرت أكثر من سرد حادثة جرت مع كريشتوف كيشلوفسكي، أثناء محاولاتي شرح تصوّري عن ما أسميه لحظات الإبهار والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً في رأسي بالتواصل الغامض بين الناس، أو ما تسمينه أنتِ بـ"الونس". (سأستعين بترجمتي الركيكة التي قمت بها للحكاية قبل أربع سنوات، بعد أن بحثت عن النصّ الإنكليزي الأصلي طويلاً دون أن أعثر عليه). يقول كيشلوفسكي: “التقيت امرأة في برلين استطاعت التعرّف عليّ لأنّ فيلمي "فيلم قصير عن الحب"، قد حظي باهتمام اعلامي في تلك الفترة. المرأة التي كانت في الخمسين، بدأت بالبكاء حين عرفتني، وشكرتني بشدّة. كان قد وقع بينها وبين ابنتها خلاف استم�� لسنوات طويلة. إلى درجة أنّهما لم تكونا تتبادلان الحديث رغم عيشهما في شقّة واحدة.
كانت الفتاة في التاسعة عشر من عمرها وقتها. أخبرتني المرأة أنّهما لم تتحدثا معاً، منذ أكثر من خمس أو ست سنوات، إلا عن مكان وجود المفاتيح أو عن عدم وجود زبدة أو لتحديد موعد الرجوع إلى البيت. في اليوم الذي سبق رؤيتها لي، شاهدت هي وابنتها فيلمي القصير عن الحب. قامت الفتاة بتقبيل أمّها للمرّة الأولى منذ خمس أو ست سنوات. ممّا لا شكّ فيه أنهما ستتشاجران غداً، وأنّ كلّ هذا لن يعني لهما شيئاً خلال يومين. لكن إن كانتا قد أحسّتا، أو الأم على الأقل، بشعورٍ أفضل لخمس دقائق فقط فإنّ ذلك كافٍ. لا بد أن هناك سبباً معيناً كان وراء خلاف البنت مع أمّها. السبب الذي كمن في مكانٍ ما في الفيلم، حيث اكتشفتا خلال مشاهدتهما له سبب الصراع بينهما، لتقوم الفتاة وتقبّل والدتها. يكفي أن يكون الفيلم قد صنع من أجل هذه القبلة وحدها، من أجل هذه المرأة وحدها”.
بعد أن انتهيت الآن من طباعة القصة، أفكّر إن كان معناها واضحاً في السياق (في كلّ الأحوال لن أقوم بحذفها). يوم فتحت رسالتك التي تحوي لينك “تمبلر” وقرأتها، تفاجأت وخجلت قليلاً. أرسلت لينك “تمبلر” إلى أربعةٍ من أصدقائي المقربين، دون أن أعرف ماذا أقول لكِ. لحظة “الونس” (سأعتمد تعبيرك هذا من الآن وصاعداً) التي شعرت بها في المرّة الأولى التي أرسلتِ فيها رسالة خاصةً إليّ بعد قراءتك لـ“تقليد بيروتي رديء”، كان مضاعفاً عندما قرأت رسالتك المنشورة هذه المرة. هذا الاتّصال العميق جعلني سعيداً جدّاً. يمكنني القول أنّ فيه نفساً إلهيّاً، شيء يشبه “فإنّك بأعيننا” أو “قد نرى تقلّب وجهك في السماء”… في إحدى جلساتنا قلت لعلي وصباح وربيع ومحمد إنّ مشكلتنا الأساسية مع الله هي انقطاع التواصل. في القرآن يبدو الإله، وكأنّه على تواصلٍ دائم مع أنبيائه، قلت وقتها إنّه “واقف ع خاطرهم"، رغم خوفهم وشكّهم وتردّدهم. انقطاع التواصل مع الله، يعني انقطاع الوحي، أي: غياب اللامعقول، الذي يفوق قدرة عقولنا على الاستيعاب.
أخذت رسالتك بعض الوقت مني كي أفهمها. كيف يمكن لنص أن يخلق هذا الخيط الخفي والسريّ بين شخصين لم يلتقيا. ثمّ تذكرت محادثتي مع تسنيم (الموجودة عندي كصديقة على "فايسبوك” منذ أكثر من ثلاث سنوات دون أن نتحدّث يوماً). قالت لي تسنيم بعد أن قرأت نصّي عن المدوّنات أنّها تتابع ما أكتبه منذ العام 2012، وأنّها تشعر بالتماهي مع كلّ ما أكتبه. تذكرت عندها كلّ الأشخاص الذين قرأت ��هم في حياتي دون أن أراهم، ومقدار “الونس” الذي شعرت به، والخيوط الخفية والسرية التي مددتها معهم. كيف يمكن لشيء أن يخلق الإحساس بأنّنا نعرف صانعه قبل نشوء الزمن؟ قلت لتسنيم يومها إنّ الهدف الحقيقي والوحيد للكتابة هو هذا التواصل (أفكّر الآن أنّه تعويض عن غياب التواصل مع قوة عليا).
أعرف أنّني “أرغي” كثيراً، وأشعر أنّ نصّ هذه الرسالة قد أفلت من بين يديّ (لا تصدّقيني كثيراً). تبدو لي الرسالة الآن أشبه بأمسية صيفية (مماثلة لتلك التي تتحدّث عنها فيروز في الأغنية التي تدور في قريتها الخيالية دارينا، والتي تذكرني بسطح بيت جدي لأمّي في البقاع، حيث تمتلأ السماء بأعدادٍ هائلة من النجوم كلّ مساء – بالمناسبة دارينا اسم لعصير سريع الذوبان يُباع عندنا-) يتنقّل فيها الساهرون من حديثٍ لآخر بشكلٍ عشوائيٍ. الآن لا أعرف الكثير عن الحزن، أنزلته إلى أماكن تحتيّة، كما لا أعرف موقفي من الزمن. الآن يحضر في بالي مقطعٌ من قصيدة أحببتها يوماً: “غيوم البدايات أجمل لي بعد ذلك أن أستخف بكل مصير غيوم البدايات أجمل لي عند ذلك أن أتفهم للوقت عذراً غيوم البدايات أجمل لي قبل ذلك أن أستميل النوافذ من كل صوب لكي أتدبر للأفق باباً”*. الآن يتراءى لي ظلّان يتحركان بفرح في مكانٍ ما. ويغمرني يقين عميق أنّهما على قمة سانت كاترين. * فصول من سيرتي مع الغيم، جودت فخر الدين، 2011.
20 notes
·
View notes
Text
رسالة مفتوحة: القاهرة / بيروت
عزيزي رضا
كنت جالسة أمام الجهاز، أحاول التكيف مع تكسير العظام والروح نتاج دور البرد، أو نتاجا لما يؤدي في النهاية إلى عدم القدرة على مقاومة دور البرد، وفجأة وجدت الحاجة تدفعني إلى الكتابة إليك. لقد كتبت رسالة لك مرة من قبل، أعلق على السطر الأخير من تدوينتك “تقليد بيروتي رديء للأفلام الباريسية”. كان يقول: “لست حزيناً كما البارحة. غداً ستخفّ وطأة الحزن أكثر. ثمّ سيتلاشى مع الوقت. تبدو هذه الفكرة لي أشدّ الأفكار حزناً”. من السخرية ألا أتذكر تحديدا ما الذي كتبته حينها. كانت كلمات عفوية وليدة ��لانفعال بما شعرت به في تلك اللحظة. دعنا نبدأ من جديد ونحاول إيجاد ما يعبر عن شعور انطفأ وتبدد. أتعلم؟ ربما هذا هو ما تحقق بالفعل، أشد أنواع الحزن حزنا، أن تعتاد الأمر، إنك لا تنسى، فقط تعتاده، ثم يصبح ما كان يعنيك في السابق مثل علامة على حائط غرفتك أو شرخ لم تعد تلاحظه لكونه أمامك كل الوقت. ربما لو اختفى هكذا، لقلت أن شيئا غير اعتيادي يحدث. كان هناك، يتوسط ذلك الفراغ الأبيض الباهت، ولكنك لا تتذكر جيدا ما كانت ماهيته بالضبط، وهل كان يغضبك وجوده حقا حين دخلت إلى تلك الغرفة لأول مرة، وارتضيتها بكل ما فيها، وسكنت ذلك البيت على ما فيه، وعلى ما فيك؟ البيت، المعنى الذي يؤرقني كلما خطوت بعيدا أو قريبا أو بجوار نفسي قليلا، وأصبحت أكثر ميلا لفكرة أني لا أستطيع أن أصنع من البشر بيوتا. ثم قلت لنفسي: وربما أنا أيضا لست بيتا لأحد، ولن أكون، أفتقد الدعائم اللازمة لذلك، والأصعب أن أكون بيت نفسي أولا.
أعدت قراءة التدوينة مرة أخرى منذ يومين، بعد أن قرأت تدوينة القطة سوسن، وذكرتني بشكل ما بأغنية سوسن لفريق مشروع ليلى. ابحث عنها واسمعها إذا لم تكن تعرفها. المهم أني أعدت قراءة النص، ووضعت رابطه على صفحتي بالفيس بوك تاركة هذا التعليق: “النص اللي لازم ترجعله مرارا ومرارا كأنك بتحاول ترتكن على حائط يمنعك من الوقوع ”. ثم فكرت، كيف يمكن لهذا النص أن يمد لي ذراعا تحميني من التعثر؟ حاولت أن أعد دراسة تحليلية له، ثم توقفت. أنا أصلا أكثر كسلا من كتابة ريفيو عن أحد الكتب بموقع جود ريدز ولا أعرف شيئا عن الدراسات النقدية الممنهجة رغم أن دراستي كانت أدبية في الجامعة.درست الأدب الألماني بالمناسبة، ثم تركته كحبيبة استنفدت كل الحيل مع حبيبها ثم رمت كل شيء فجأة خلف ظهرها رغم توسلاته بالبقاء، ثم أصبحت تشعر بضيق تنفس وإعياء لمجرد ذكر اسمه أمامها.
توقفت عن التفكير فيما يمثله لي ما كتبته، ورأيت أنه فقط يشعرني بالراحة. كما أنك كنت ذكيا لتورطني معك في عالمك اليومي، أشركتني في التفاصيل الصغيرة حتى أصبحت أراك وأنت تضحك بعينين دامعتين لصديقك الذي يروي حكايات مليئة بالأكاذيب. وانتظارك أن يطل أحدهم من نافذة مقابلة، وصوت الفنجان الذي يتكسر. أتخيل، ربما لو كنت أحد الجيران، لوجدتني أجلس في شرفتي وأنا ممددة على كرسي كشيزلونج الأطباء النفسيين، أقرأ في رواية من 1300 صفحة، أجزائها معلمة بشهور العام، وبطلتها ترى قمرين في السماء، تماما مثل ما أرى في أحلامي. ربما سأرفع ��أسي قليلا حين يبدأ المطر ال��فيف بالهطول، أبتسم لدخول فصلي المفضل، وتقترب قطة لتقفز عند قدمي، وتتكور وهى تنظر لي بعين ناعسة، ثم ألمحك من بعيد وأنت تراقب الشارع. لن أعرف حينها أنك كنت تفكر في “ماتيو"، ولكن ربما ستعاودني نفس الرغبة أن أشاهد الفيلم ثانية، في محاولة أخرى لتصديق أن كل شيء بالفعل جميل ويستحق. وأنه كان على "ماتيو” أن يموت، وأن يستمر “نيكولا” في أداء دور الراعي الصالح. وأن تكبر “ميريلا"، وتصبح أجمل، وتغرق "جورجيا” في عالمها الخاص، دون الحاجة لكتف “ماتيو” من جديد حتى تستند عليه وهو يحملها على دراجته البخارية. سأفيق من أفكاري لأجدك غادرت النافذة، دون أن تعلم أننا خلقنا لحظة الونس دون مجهود، وأن الاتجاهات محددة بالفعل، ومش تخاريف.
عزيزي رضا، ربما أشعر الآن أننا صديقين قديمين. ربما في وقت لاحق ستأخذني في جولة بشارع الحمرا، أو آخذك إلى مطعمي المفضل بوسط القاهرة لتناول آيس كريم الشاي الأخضر، إنه اختراع عبقري بالمناسبة، أو أدعوك ليوم نزور فيه الإسكندرية مدينتي المفضلة، أو نذهب مع أصدقائي لنصعد جبل موسى أو سانت كاترين، حيث مكاني المحبب في العالم كله. أنصحك بمعايشة تجربة سانت كاترين مرة واحدة على الأقل، وستعرف حينها عما أتحدث. وربما تسلل شعور الألفة أيضا من أحاديث “إسراء” القصيرة عنك. تخبرني كم أنك طيب. طيبة الروح هى ما يعلق بذاكرتي عنك من كلماتها.
لا أدري إن كنت اعتدت الحزن الآن. بالنسبة لي فقد مللته. ومع ذلك لا أرغب في النسيان، ولا أعرف كيف أمحو الغضب، ولا أعلم بالتحديد من أين يأتي منبعه، من نفسي وإليها، أم من الآخر الذي لا أستطيع الإفلات منه. رغم ذلك، أشعر أن ذاكرتي تفقد الكثير من التفاصيل مؤخرا. تسقط الصور والأماكن والأسماء والروائح والأصوات والجُمل والوجوه. أستمع كثيرا إلى أغنية ما، ثم أعجز عن تذكر كلماتها في اليوم التالي. في أحيان أخرى تظهر أمام عيني عدة مشاهد كأنها لا تزال تحدث الآن. أتذكر الحلو والموجع منها مثلما أحفظ اسم أمي. ثم أكتشف بالنهاية أنها ذاكرة تخصني وحدي، ولا تتشابه في شيء مع ذاكرة من كان معي في نفس اللحظة. لكل منّا الحقيقة التي يملكها عن ذاته والحياة. وبعد مرور الوقت، سيتداخل كل شيء حتى لا تصبح متقينا إذا كنت حقا استسلمت لحضن أحدهم وقبلت باطن يده في لحظة هشاشة محببة، أم كان كله محض خيال.
قالت لي “سها” صديقتي يوما ما “أن لا شيء يقابلنا بالنهاية، والسلام الذي نعيشه بعد أن ينتهي الحزن ليس له معنى. الحزن فقط يختفي تدريجيا، حتى تأخذنا الحياة من جديد إلى عادية الأشياء” .. تماما مثلما كنت تقول.
أتمنى أن يأتي يوم، ونسامح الزمن حقا بكل ما كان فيه، ونسامح قبله أنفسنا، كل ما اخترنا ألا نقوله حين كان في مقدورنا، وكل ما قلناه ولم نقصده، وكل ما فعلناه وكان يمكن أن نتراجع عنه، وكل المكالمات الهاتفية التي ترددنا عنها وكان بإمكانها إنقاذ حياتنا. نسامح كل سوء التفاهم الذي مررنا به مع الآخرين. أن نشعر باكتمالنا على وجود الكثير من الثقوب داخل أرواحنا والمقاعد الشاغرة، كما تحب “إسراء” أن تقول دائما. أن تصبح تلك الثقوب نوافذ وأبواب ومساحات آمنة. وأن تكون أرجل المقاعد دعامة لنبات أخضر ضعيف، يحلم بأن يصل إلى النور، وألا ينظر إليه الآخرون وكأنه يطلب المستحيل.
لا تتوقف عن الكتابة يا رضا، ثق في روحك وقلبك الذي يعرف أكثر، وامنح ملاذا للعديد من القطط كسوسن، وارفق بحالك .. ارفق بها كثيرا. ولا تتوقف عن اقتطاع الوقت لشرب القهوة في الصباحات الممطرة، والجلوس على أرضية من البلاط الملون، والاستماع إلى موسيقى حزينة ودافئة.
47 notes
·
View notes
Photo
"من أين أنتم قادمون؟ هكذا كانوا يسألون السكّان الأصليّين، وكان هؤلاء يجيبون: نحن قادمون من الحلم".
8 notes
·
View notes
Link
في شهر أيّار عام 1948 فقدت أرضي. لا أتحدّث عن أرض الأجداد أو أرض الوطن. في شهر أيّار عام 1948 خسرت حصّتي من أرض جدّي الّتي كان يفترض أن أكون في هذه اللحظات مشغولاً بالتفكير فيما ستنتجه لي هذا الصّيف من ثمار. في شهر أيّار عام 1948 فقدت حقّي في أن أكون فلّاحاً.
عدت قبل قليل من مشاهدة فيلم فرنسي...
24 notes
·
View notes
Text
سوى أننا لم ننسها
في النهاية يا صديقتي، لم نكن نمتلك الحرية الكافية للامتعاض من جميع الخيارات، ولا الشجاعة اللازمة لإعلان الضجر النضالي من كل شئ، ولا حتى الإيمان الكامل بموقعنا في المعركة، لم نكن متحمسين تماما، ولا مجبرين حتى النهاية، ولكن مدفوعين بجاذبية ابتلاع الزمن لحيواتنا، وإذن الوأد المتتالي لأثر من أحببناهم في نفوسنا، لم يكن أمامنا إلا اختيار أماكن سقوطنا كل مرة، ازاحة السماء أعلى قليلا، الأصدقاء أقرب قليلا، تصفية الهواء قليلا من ثقل آهات العابرين، حذف بعض آثار احباط الأصدقاء من فوق ابتساماتهم لنا، وتجاهل خذلان أنفسنا لأنفسنا، ثم تجاهل بعضنا البعض ، ثم السير بعد ذلك، متسترين على جريمة طازجة، لا نلتفت، لا نسير بجوار بعضنا، لا يتحدث أحدنا عن الآخر، جريمة كاملة، تماما، سوى أننا لم ننسها
349 notes
·
View notes