وكُلّ تغييرٍ لا بُدّ له مِن ثَمَن، تأكّد من ذلك؛ لن يرتفع بناؤك دون أساس، ولن تلتقط ثمرةً دون بذرة، ولن يَبتَلَّ ريقُكَ دون طول ظمأ! فإن رُمتَ قِمَّةً لا بُدّ أن تَعبُرَ الصّخور، وإن أرَدتَ نَصرًا فارفَع رايةَ الصّدق والعمل! حتّى لا تخذلك أنفاسك يا فتىٰ، ولا تهترئ بالطَّريق خطاك.
"الموضوع بياخد وقت، إنك تخرج من بؤرة المُلهيات والمشتتات والفِتن اللي بتتحط فيها كل يوم، وترجع لمسارك في تربية نفسك وتهذيب قلبك وإصلاحه، وممكن متخرجش تمامًا، هتفضل تحاول وترجع وتجاهد مئات المرات، بس خليك عارف إن دا الطريق، بياخد وقت بس معندكش أغلى منه تدفع عمرك فيه"..
ستَخسَر وتُضيِّع فُرَصا كثيرةً بِسبب التّردّد والخَوف والشّك وعَدم المُحاولة، وبسبب الآراء المُحبِطَة والأفكار المُثَبِّطة المُسيطرة عليك والحائلة بينك وبين التّعلّم والاكتشاف والاجتهاد، أكثَر مِن الذي ستخسره إذا جرَّبتَ وحاولتَ ولم تَنجَح.
جرِّب ! لأنّك ستكون تعلّمت على الأقل مِن هذه التّجربة واكتسبت مزيدا مِن الخبرة، فلن تُكرّر إذن نفسَ الأخطاء في المحاولات القادمة .. لأنّ العَثَرات والعَرَاقيل سَبيل لاكتساب مناعة وقُوّة وجُرأة أكبر للإقبال وعدم الإدبار.
جرِّب ! وكفاك استسلاما للعجز والكسل والخوف مِن الفَشَل أو مِن نَظرَة العالم .. لا أحد يُراقِبُك، وما قيمَة نَظرَتِهم أصلا ؟ كفاك عَبَثًا !! فالوقت يمضي ولا يعود.
جرِّب ! ولا تَأسُر نَفسَك داخِلَ إطارٍ ضيِّقٍ يَمنَعُك مِن اكتشافِها واختِبارِها ومعرِفة مَكامن القُوّة والضُّعفِ فيها لإصلاح ما أمكن إصلاحُه وتَطويرِ ما أمكَن تَطويرُه.
صحيح أنّ الطَّريق شاقّ ومُتعِبٌ، لكنّها رِحلَة تَستَحِقُّ بذلَ الجُهدِ ما دامَت سَبيلا لتزكيَة النّفس وتطويرها مِن جوانِب عَديدَة .. فاصبِر !
جرِّب ! وكفاكَ انتظارا للُحَفِّز أو الشَّغَف أو الظّروف المناسبة واللّحظة المناسبة والمكان المناسب، واعتقادًا أنّك لستَ مُستَعِدّا أو يَنقُصُكَ شيء ما .. لا ينقصك إلّا الانطلاق، وأنتَ الذي يَجعَل ما تقدَّمَ مُناسِبا بإرادَتِك وعَزيمَتِك.
فَكُن واقِعيّا وانهَض !
جرِّب اليوم ما دمام ذلك مُمكِنا وما دُمتَ قادِرا، فذلك خَير لك مِن الحَسرة والنّدم لاحقا على عدم التّجريب، وقَول : يا ليتني فعلت، يا ليتني حاولت، يا ليتني جرّبت.
جرِّب ! وتوكَّل على الله سبحانه، مُعَلِّقا قلبَك بِه، مُفَوِّضا أمرَك إليه .. واعلم أنّك ستتعلّم أمورا في رِحلتك هذه حين تُقرِّر التّحرُّك وتَكُفّ عَن التّأجيل، يَستحيل تَعَلُّمها ما دُمتَ واقِفا في نفس المكان عاجِزًا عَن الخُطوَة الأولى.
جرِّب .. الاستمراريّة وعدم الاستسلام مع الاستفادَة مِن العَثَرَات أخطاء الماضي والمُواصَلَة في السّعي، سَبيلُكَ نحوَ التّقدّم بشكل تدريجيّ في طريقِك إلى النّجاح -بإذن الله-.
مهما غلبك الهوى فوقعت في الذنب أو ضعفت أمام شهواتك وضغوط الحياة فأخطأت أو دفعك إهمالك فقصّرت ... مهما كان حجم ذلاتك واخطائك
حاول أن تحافظ على ذلك الشعور الذي يروادك دائماً والصوت الذي يهمس داخلك انت على خطأ ...انت في حال لا بد من تغييرها وترجو إصلاحها ...
هذا الصوت الذي يهمس داخلك وشعورك الدائم كونك على خطأ سيتحول يوماً ما -ولو بعد حين- إلى إرادة جازمة وعزيمة صادقة إذا جاءت اللحظة المناسبة والفرص�� السانحة للتغيير.
"سيروا إلى الله عرجى ومكاسير، ولا تنتظروا العافية فإن انتظار العافية بطالة"
لا تنتظر أن تقبل إلى ربك وأنت تائب من الذنوب ومعافى من الآثام خاشع القلب منكسر الفؤاد ،هذا من تلبيس إبليس ، فقد يذهب عمرك كلّه في انتظار العافية ولم تصل
فسر إلى ربك مهما كانت حالتك، أقبل إلى ربك مهما كانت ذنوبك فهو سبحانه يقبلك كما أنت
واعلم أن عزك وشرفك ورفعتك وعلّو قدرك في قيامك بين يدي ربك ذليلاً منكسرًا مناجيًا باكيًا متضرعًا سائلاً مفتقراً..